لأنه رجل



حنان محمد السعيد
2011 / 4 / 19

لأنه رجل فالكون خلق من أجله وما في الكون مسخر لخدمته ، لأنه رجل فهو الأقوى والأحكم يقيم الحروب ويصنع الصراعات ويهدر دماء الخصوم، لأنه رجل فالأمر له يقود الرعية ويوجه الدفة حيث أراد وكيفما أراد ولا يجب أن يبدي أحد إعــتراض حتــى لو ســار ضد التيــار وأوردهـم مـوارد الخــطر.

في كل رجل هناك ديكتاتور كامن يتحين الفرصة للظهور ويعلن عن وجوده في كل موقف يتيح له ذلك ، ويصنع إمبراطوريته الخاصة والتي قد تضم فقط عائلته أو من هم تحت إدارته وكلما علت به المناصب وزادت أعداد الرعايا والخاضعين لسيطرته علا به غروره وهام في أحلام القوة والسيادة والسيطرة. بالرغم من المتغيرات الإجتماعية الكبيرة التي مرت بها دول العالم بلا تمييز وبالرغم من التطور الذي يطال جميع مناحي الحياة تقريبا وبالرغم من أن المرأة اليوم أصبحت تماثله وتتفوق عليه في التعليم والعمل وقد تكون حظوظها أفضل في نيل المناصب وفرص العمل إلا أن أدم لم يتغير ومازال في أعماقه يحمل ميراث أجداده ويعاني نفس عقدة التفوق الذكوري.ولا ينكر أحد أن الأمر أكثر وضوحا وتأثيرا في المجتمعات الشرقية عنه في المجتمعات الغربية ولا يعني ذلك إنتفاء وجوده في المجتمعات الغربية بعدة صور تصل للعنف الجسدي والإستغلال الوظيفي وإن كان ذلك عقوبته هناك كبيرة في حالة إثباته.

أما في المجتمعات الشرقية فالأمر ينمو مع الطفل الوليد ومنذ أن يفتح عينيه لأول مرة ويرى ضياء الدنيا فإذا كان ولد غمرت السعادة الوجوه وأنهالت التبريكات والتهاني على الوالدين الفخورين بإنجازهما العظيم، وإن كانت فتاة فالأمر يختلف ما بين تهنئة واجبة حتى يصل لما يشبه التعازي خاصة في حالة أن يكون قد سبقها فتيات أخريات دون أن يكون بينهن صبي، يتطور الأمر كل يوم وكل لحظة فالكثير من الحريات والخدمات التي تقدم للصبي لا تتمتع بها الفتاة فهي تقوم بواجباتها المنزلية وتهتم بدراستها وتتعرض للكثير من الإنتقادات في كل حركة وكل كلمة وتلاقي العديد من التوجيهات وحتى من إخوانها الذكور الأصغر سنا دون أن يجد الوالدين أي غضاضة في ذلك بينما لا يطلب من الفتي أكثر من الإهتمام بدراسته وتحاول الأسرة بكل الطرق مساعدته ودفعه للنجاح بكل الطرق المتاحة، تنتقل الفتاة لبيت زوجها ولا تختلف المعاملة كثيرا وبالرغم من كونها تعلمت مثله وتعمل مثله وفي الكثير من الأحيان يكون دخلها أعلى إلا أنه لا يفكر في الكثير من الأحيان في مساعدتها في رعاية الأطفال أو الإهتمام بالمنزل فهذا واجبها وحدها و"كل النساء تفعل ذلك!" بحسب قول بعض الذكور، بل أنها مطالبة بتحمل عصبيته ونزواته وتنفيذ أوامره والتي قد تخلو في بعض الأحيان من المنطقية، ودائما هي المطالبة بالحفاظ على بيتها وتحمل زوجها تحت كل الظروف وهي الملومة في حالة فشلت علاقتها الزوجية لأي سبب من الأسباب.

بل أن التفرقة تصل مداها في بعض الدول والتي تبيح عمليات إختيار جنس الجنين أو التي تسمح بإجهاض الإناث وخاصة في دول مثل الهند والصين والتي أختلت فيها التركيبة السكانية بسبب مثل هذه الإجراءات المتطرفة. كل هذه المميزات والفوارق يصنعها المجتمع وتصنعها الأفكار الموروثة ولا يصنعها كروموسوم Y الصغير المتعدد الأشكال الفقير في الجينات والذي يميز الذكر عن الأنثى، ويصنع الإختلاف الهرموني والتشريحي بينهما.

أعلم أن الحكماء والعلماء والقادة العظام كان غالبيتهم العظمى من الرجال وأن العلم الحديث يؤكد وجود إختلافات بين حجم المخ وأسلوب عمله وتعامله مع البيانات بين الذكر والأنثي إلا أن ذلك لا يبيح لجميع الرجال الحصول على ضمان بالتفوق أو التمتع بمزايا خاصة وإنما الساحة مفتوحة للأكثر كفاءة والأكثر قدرة على التكيف والعمل فلتثبت قدرتك بالعمل والتفوق وتحقق ذاتك "أنت" يا أدم ولا تعتمد على تاريخ أسلافك أو محصلة ما قدمه بنو جنســك.