هل أصبح الجهاد...ضد النساء الآن؟



باتر محمد علي وردم
2004 / 10 / 30

الكل يقول بأن الإسلام كدين، وأن المسلمين كشعوب هم في مواجهة حملة كراهية وتشويه كبيرة في العالم، ودائما ما يكون اللوم على الصهيونية والولايات المتحدة والحملات الصليبية- ايا كانت تعني هذه الكلمة- وغيرها من المؤثرات الخارجية كسبب للهجوم على الإسلام واتهامه بالإرهاب.
ويجهد علماء ومفكري وقادة الإسلام في تقديم حقيقة الإسلام من خلال الكتابات واللقاءات المتلفزة والمحاضرات والحوارات الدولية، ويبذلون جهدا فكريا عظيما في مقاومة حملات التشويه هذه، ولكن للأسف لا يتطلب الأمر أكثر من صورة تلفزيونية واحدة لمجموعة من المختطفين بأقنعة سوداء تحت رايات إسلامية وهم يوجهوم مسدسا إلى رأس إمرأة بولندية مسالمة في العقد السادس من عمرها لتترسخ في الأذهان صورة سيئة وبشعة عن المسلمين.
لا نناقش ابدا وجاهة مطالب الخاطفين من عدمها، لأن مجرد القيام باختطاف إمرأة ووضعها تحت التهديد بالسلاح والسيف سلوك جبان يتناقض تماما مع قيم المروءة والشجاعة العربية والإسلامية ولا يمكن ابدا إعطاء مبرر سياسي لمثل هذا السلوك.
ويقترب الأمر إلى حد الانحطاط في قضية اختطاف مديرة مؤسسة كير مارجريت حسن، فهذه المرأة البريطانية الطيبة متزوجة من عراقي منذ 30 سنة، وقد بذلت طوال هذه العقود جهودا هائلة لمساعدة العراقيين البسطاء في الخروج من مشاكل الجوع والفقر والبطالة من خلال المساعدات والبرامج التنموية حتى في ظل نظام صدام المروع، والآن كانت مكافآتها أن تصبح رهينة وحياتها مهددة من أجل قرارات سياسية اتخذها توني بلير في غرفة واحدة مع جورج بوش.
والدة الرهينة الياباني كانت تستعطف الخاطفين بقولها أن إبنها بار بوالديه وجدته، وأنه شخص طيب أتى لمساعدة العراقيين ولكن هذا لا يهم الخاطفين في شئ لأن مجرد التفكير باختطاف مدنيين ابرياء يعني عدم وجود ضمير إنساني ولا أخلاق تتجاوز العنف وكراهية الأجنبي، ولكن المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على المؤسسات والتيارات والمثقفين الذين يوفرون الحماية لهذه التصرفات.
لماذا لا تخرج هيئة العلماء المسلمين في العراق ببيان تدعو فيه جماعات المقاومة إلى عدم اختطاف النساء والمساومة سياسيا على حياتهن، ولماذا لا يعمل فقهاء المسلمين على توضيح احترام الإسلام للنساء وعدم الإعتداء عليهن حتى في زمن الحرب فما بالك بالاختطاف المتعمد للنساء. ولماذا لا يقوم المثقفون والسياسيون المؤيدون بالمطلق للمقاومة العراقية بنصح هذه المقاومة أن اختطاف النساء يشوه مصداقيتها السياسية، ولماذا لا تحمل الأحزاب العربية والإسلامية التي تنظم المظاهرات وتدعم بطولة المقاومة العراقية رسالة مباشرة إلى الخاطفين مفادها أن خطف النساء ليس بطولة بل عملا يفتقر إلى كل عناصر الشجاعة.
لن يسحب توني بلير قواته من العراق لأنه تماما مثل الخاطفين لا يهتم بحياة مارجريت حسن، ولن يهتم الرئيس البولندي بالرهينة ايضا طالما يحظى بالدعم الأميركي، وربما ينتهي الأمر بقتل الرهينتين وإذا ما حدث ذلك تكون ضربة قاتلة لمصداقية المقاومة العراقية وتشويها هائلا لصورة الإسلام سيكون من الصعب جدا الدفاع عنها.
ولكن أخطر ما في الأمر أن المقاومة العراقية التي بدأت بالجهاد ضد الجيش الأميركي تحولت إلى الجهاد ضد الشرطة العراقية ثم الجهاد ضد المدنيين من جنسيات الدول المشاركة في الاحتلال ثم الجهاد ضد النساء، فما هي نهاية هذا الدرب؟
نتظر موقفا أخلاقيا وشهما يعم كل العالم الإسلامي ويرفض بشكل واضح وبدون مواربة خطف الأبرياء في العراق لأن المسألة أصبحت مخزية بكل معنى الكلمة وأصبح ديننا وسمعتنا في خطر كبير، وإذا كان مؤيدو المقاومة يعتبرون أن نقد المقاومة يصب في مصلحة الاحتلال الأميركي ويقوم به "الببغاوات" فليتفضلوا هم إذا ويتخذوا موقفا مشرفا ومتناسبا مع الأخلاق الإسلامية لحماية الابرياء من الخطف!