دفن فتاة قاصرة



حسن احمد مراد
2011 / 5 / 10

في الحقيقة لم تكن لدي النية في الخوض والكتابة حول هذا الموضوع لاني كنت معتقدا بان المنظمات النسائية المختصة والجمعيات المدنية والحكومية في اقليم كوردستان خصوصا والعراق عموما سيقيمون الدنيا وستنهال البيانات والحملات الاستنكارية والتغطية الاخبارية المكثفة حول هذه القضية فلا تغدو كتابتي في هذا السياق سوى نقطة في بحر .
غير ان ما صدمني هنا هو العكس تماما فلم اسمع بيانات او تنديد او حملات او تظاهرات او .. الخ ، ولم الاحظ الا النزر اليسير جدا من الكتابات الصغير هنا وهناك التي لم تكن كافية ابدا لتغطية ذاك الحدث.
وعليه فاني اجد نفسي مضطرا لاعادة سرد قصة تلك الفتاة التي قتلت وخنقت ودفنت في احدى ضواحي مدينة كويسنجق في شهر اذار 2011 حسبما نشرته كولان ميديا في موقعها الالكتروني في 20/4/2011 .
وخلاصة الموضوع انه وفي 29/3/2011 وحينما كان احد الرعاة يتجول في المنطقة شاهد شيئا مدفونا تحت التراب ولدى اقترابه تبين انها جثة لجسد فتاة فلم يقترب اكثر بل سارمسرعا الى ابلاغ الجهات المختصة حول الموضوع وبعد اجراء التحقيقات الاولية وتقارير الشرطة تبين ان الفتاة خنقت ومن ثم تم دفنها بملابسها البسيطة التي كانت تدل على انها من احدى المناطق المجاورة ومن ثم تم تغطية جثتها بالتراب و بارتفاع 10 سم تقريبا غير ان الامطار والرياح في المنطقة هي التي عرّت الجثة من التراب هذا بالاضافة الى وجود اثار ضرب على جسدها . وبعد ان بثت الشرطة نداءات حول ايجادها لجثة مجهولة الهوية لم تتقدم اية عائلة لاستلامها اومعرفتها بالمقتولة التي لم تتجاوز السابعة عشرة من العمر اما التقارير الاولية تفيد ان الحادثة قد تكون قتل حول قضية تمس الشرف .الى هنا وحسب الروايات والتقارير الرسمية تنتهي القصة .
قصة فتاة مجهولة الهوية والاسم والعائلة قتلت من قبل رجال يدعون الشرف فحاكموها باسم المجتمع وباسم كل تقاليده التي تعود الى العقود الغابرة ونيابة عن كل الهمجيين في العالم وبقسوة قلب ترادف وتحاكي في جبروتها وقسوتها قلوب اكثر البشر شراسة وحقدا على مر التاريخ اصدروا قرارهم الذي يفتقر الى ابسط القواعد والمعايير الاساسية والانسانية في اتخاذ القرارات ومن ثم نفذوا القرار ودفنوا الجثة وكانها جيفة عفا عليها الزمن ووراوها التراب متناسين ان الضحية كانت وقبل ثوان معدودة من قتلهم لها تتنفس كسائر البشر ولها من الاحساس والمشاعر والكرامة ما لاي شخص اخر ، متناسين ان الضحية لربما كانت تفكر يوما من الايام انها و اذا ما تعرضت لخطر ما فانها ستستنجد بهؤلاء الذين اصبحوا قاتليها اليوم ، دفنوها ومن ثم عادوا الى مجتمعهم متفاخرين برجولتهم وذكوريتهم ليمارسوا حياتهم الطبيعية وكان شيئا لم يكن ، ولما لا وقد غسلوا عارهم بايديهم وطهروا شرف العائلة والعشيرة والقبيلة واثبتوا للجميع انهم لازالوا ينتمون الى ارثهم المجتمعي المتخلف بعيدا عن القوانين بعيدا عن المدنية و حقوق الانسان، وانهم لازالوا الابناء الاوفياء للموروث الاجتماعي الذي لازال يقاوم وبكل حزم واصرار جميع المفاهيم الانسانية الجديدة ويعتبرها دخيلة على المجتمع وسببا من اسباب الفساد الاخلاقي الاجتماعي