هل ستكون منال الشريف ‎( روزا بارك )‎ السعودية ؟



نهى عايش
2011 / 5 / 31

هل سيكون سجن السيدة منال الشريف بداية لعملية إلغاء التمييز الظالم لكيان المرأة السعودية ؟

أعتقد أن أغلبنا يعرف ولو القليل عن الشخصية العالمية ( روزا بارك ) السيدة الأفريقية الأميركية التي رفضت التخلي عن مقعدها لرجل أبيض في الباص العمومي في مونتغمري - اميركا في سنة 1920 على ما أعتقد ؟

تلك الحادثة الشرارة التي أدت إلى مقاطعة الزنوج ألأميركان لحركة الباصات العامة ، والتي شكلت فيما بعد البداية لأحداث مهمة أدت في نهايتها لإلغاء التمييز العنصري ضد الأفارقة الأميركان والذي كان سائداً وطبيعياً جداً في كيان المجتمع الأميركي والحياة اليومية في ذلك المجتمع كانت تلك واحدة من أهم الأحداث التي أثرت على حياة ومسيرة وتقدم اميركا والأفارقة الأميركان ، والتي بدأت برفض عفوي غريزي غير مخطط له ، من قبل إمرأة فقيرة مادياً وغنية معرفياً وإنسانياً


منال الشريف سيدة سعودية مغمورة لم يسمع بها أحد ، وواحدة من قطيع النساء السعوديات المُسَيرات من قِبَل الرجل الديك ، والمسلوبات الإرادة والصوت والحقوق ، والمحرومات من التمتع حتى بالهواء الذي لا يصل لهن إلا من خلال جلباب الذل الأسود وخرقة تُغطي المعالم والهوية البشرية للإنسان حيث لا يظهر للناظر غير العيون الحزينة الصامتة للمرأة ، وأحياناً يستكثرون عليها حتى هذه الفتحة التي ترى من خلالها نور الأرض ، والتي تشبه كُوة الرحمة في بعض زنزانات المغضوب عليهم من البشر

حاولت منال الشريف أن تكون قدوة لبقية نساء السعودية حين قامت وبكل جرأة وشجاعة بقيادة سيارتها ، ولكن - وكما هو متوقع - تم إعتقال وتوقيف السيدة منال والتحقيق معها لساعات طويلة من قبل قوات الأمن وبحضور أزلام ما يسموه ( هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) ، والذين حاولوا وبكل إستماتة إحالة السيدة منال إلى الشرطة الجنائية !!، رغم إنها وبعرف قانون كل مجتمعات العالم المتحضر لم ترتكب أي جرم أو جناية أو فاحشة تستدعي حالة المبالغة في إنزال العقاب بحقها


هذه الحادثة واحدة من ملايين الإنتهاكات التي تنالها نساء هذه المملكة المتخلفة في كل شيئ ، وهي صفعة لكل مملوك فقد رجولته ولم يعد قادراً على العطاء وتوفير الحماية والضمان لسلامة نساء عائلته من شر المقدس ، وما يُزيد الشر شراً ، هو انه وبعد الإفراج عن هذه السيدة ، قامت مجموعة من ضباع الأجهزة الأمنية بمهاجمة بيتها في الساعات الأولى من فجر يوم الأحد ، وبعد إرعابها وإبنها - 5 سنوات - ، إقتادوها مرة ثانية للتحقيق معها ، ولساعات طويلة لا يعلم غيرهم ما تخللها من مظالم وضرب وإهانات وعلى طريقة السلف الصالح التي عُرفت بها مملكة الشر

وتقول الأخبار أنه تم تسليمها بعد ذلك لإصلاحية ( الدمام ) التابعة للسجن النسائي وبتهمة ( الإخلال بالأمن ، وتأليب الرأي العام ) !!! وسيستمر توقيفها على ذمة التحقيق لمدة خمسة أيام !!! ، ولكم أن تتصوروا كم هو خائف هذا النظام من ثورة صغيرة قد تتحول لشرارة تُطيح بكل الرؤوس المقرنة لو أُتيحت لها الظروف اللازمة ، في ثورة نسائية شُجاعة قد تكون البداية لتفتيت مملكة الشر التي تبدو قوية ومترابطة من الخارج ، لكنها ستبدو أوهى من بيت القش حين يرفض المظلوم اللقمة المغمسة بعرقه ودمه وجراح كرامته ، وإلا فكيف نفسر إتهام إمرأة بالإخلال بالأمن ، وتأليب الرأي العام ، ولمجرد انها ساقت سيارة !!!؟
لم كل هذه السياسة اللئيمة ضد النساء في السعودية ؟

وما هي جذور هذه السياسة اللعينة التي تضطهد نصف المجتمع ، هذا النصف المفترض فيه ان يكون الحاضنة الجيدة للمجتمع !!؟
وإلى متى سيبقى العالم صامتاً على خجلٍ وإستحياء في مجاملاته الرخيصة والدنيئة للحكام القردة في السعودية وكل بلاد العبودية !!؟
لا أستطيع ان أهضم وأصدق بأن هناك مخلوق يُعاقب ويُقمع ويُعذب لمجرد انه يقود سيارة او تظهر خصلة صغيرة من شعره !!؟

كلنا يعرف بان مملكة الشر السعودية هي عضو دائم وفعال في منظمة الأمم المتحدة ، وكغيرها من الأعضاء وقعت السعودية على ميثاق هذه المنظمة ، والذي ينص على إزالة كل أشكال التمييز ضد المرأة ومع هذا تبقى الدولة السعودية ومن خلال قوانينها ومجتمع الرجال المتخلفين الذين يقودون القطيع ، مصرين جميعاً على ممارسة العنف والقمع وكل أنواع التمييز ضد المرأة ، وبأشكال يعجز اي منا في حصرها وتنوعها وهمجيتها ، ومنها ما يخص موضوع اليوم في سياقة السيارة أو التواجد خارج الدار بدون محرم ، وفرض نوع الملابس التي ترتديها المرأة ، والأغبى هو فرض اللون الأسود ، في حين يرفل الديك السعودي بالثياب والدشاديش الكريهة البيضاء التي أصبحت رمزاً للتخلف الحياة والرفاه والمجد للديكة ، ولتذهب المرأة - رمزالحياة والعطاء - إلى حيث القت رحلها أُم قشعمِ مجتمع الديكة هذا لم يكتفي بهدر حقوق نساء السعودية فقط ، بل راح يصرف بلايين نفطه في أحقر عملية عبر التأريخ لتهميش دور المرأة في خدمة المجتمع ، وهو دلالة تراجع حضاري خطير وسلبي ومقصود يستهدف مجتمعات كل الدول العربية والإسلامية التي وصلها الفكر المعوق عن طريق البترودولار السعودي
الدولة السعودية لم تعد تستحي أو حتى تُحاول ممارسة شرها من تحت الطاولة كما في السابق ، واصغر دليل هو تأسيسها ودعمها وبركاتها لهيئة ( الأمر بالظلم والنهي عن العدالة ) ، وهي إحياء لجهل وظلامية القرون البائدة ، والمكلفة بإحياء وتطبيق نظام الحسبة المستوحى من الشريعة الإسلامية ( السمحاء ) ، والتي وصفتها بعض أجهزة الإعلام العربية ب ( الشرطة الدينية ) !!! هذه الهيئة التي تحاول التشبه ببائعة الهوى التي تُحاضر في الفضيلة

نطلب من النساء السعوديات التخلي عن عقدة الخوف التي زرعها فيهم عمداً الرجل الديك ، والوقوف بقوة وبكل ما يملكون من اساليب لمساندة السيدة منال الشريف ، كونها تُمثل محنة كل نساء السعودية والمنطقة العربية
وكم هو مضحك حين تُطالعنا بعض الصحف أو المواقع اليومية لتزرع مخدرات الكذب في عقولنا عبر زعمها أن المرأة السعودية تتمتع بحياة الترف والدلال والحياة الحرة الكريمة !!! ، وما دروا بأنه " ليس بالخبز وحده يعيش الإنسان " ، ونسوا تماماً بأن النت وحضارة التكنلوجيا ستفضح كل أكاذيب حراس العالم القديم

قبل حوالي السنة أو أكثر ، قامت السيدة العالمة السعودية الأصل ( غادة المطيري ) بزيارة وطنها الأم ، تلبية لدعوة من أجل تكريمها بعد نجاحها في إختراع تقنية تتيح إجراء عمليات طبية داخل الجسم البشري عبر الضوء وبدون أية أضرار جسدية وكانت هذه السيدة ( بروفسيرة ) قد حصلت على جائزة الإبداع العلمي من أكبر منظمة لدعم البحث العلمي في أميركا
NIHوكانت قيمة الجائزة 3 ملايين دولار ، وتمنح لأفضل مشروع بحثي يشارك فيه عشرة آلاف باحث وباحثة
ويوم زيارتها للسعودية ، قامت بلبس الزي الإسلامي التقليدي للمرأة السعودية ، وقالت للصحفيين : أما ظهوري محجبة في صحف سعودية ، فلإن هذا ما يجب أن تكون عليه الأمور ما دام الناس يريدون ذلك برأيي الشخصي أن هذه السيدة البروفسيرة العالمة كان الأحرى بها الظهور باللباس الذي إعتادت على لبسهِ في حياتها اليومية منذ كانت صبية حين هاجرت مع عائلتها للغرب ، وكانت ستكون قدوة للمرأة السعودية المغبونة ، وكان بإمكانها فرض شخصيتها وعلمها وتحضرها من خلال تبيان رأيها بلباس وحرية وكرامة وحقوق المرأة السعودية ، وخاصةً أنه لم يكن للدولة السعودية أي فضل في مسيرة حياة وإجتهاد ونجاح السيدة غادة المطيري ، فالسعودية تؤمن بأن المراة ناقصة عقل ، وعقل غادة المطيري كان بمساعدة ورعاية الغرب وليس دولة الخرافات وتشويه صورة المرأة وبرأيي كذلك ، أن السيدة غادة المطيري ضيعت على نفسها شهادة اكبر من كل شهاداتها العلمية ، وهي الشهادة التي كان سيعطيها لها كل احرار العالم ، ولكن ورغم فخرنا بغادة المطيري ، يؤسفنا أنها ليست من معدن الثوار ، ولم تشأ ان تكون القدوة في عملية تحرير المرأة السعودية والشرقية

اليوم تقف السيدة منال الشريف وهي تحمل شهادة الثورة على الباطل والظلم والتمييز ، لتدافع عن حقها وحقوق المرأة في الدولة السعودية والشرق وتقول للرجل الديك : تستطيع أن تسرق حياتي ونبضات قلبي ، لا حريتي وكرامتي وشعوري بإنسانيتي
فهل من مُناصر لهذه السيدة في السعودية أو الشرق أو أي مجتمع إنساني لا يزال يحمل الإحساس بالخجل ؟
فقط أود ان أُذكركم بان السيدة ( روزا بارك ) لم تنتصر في معركتها لوحدها ، وخلال يوم وليلة