الظلم القانوني للمرأة في الدول العربية



مسعود عكو
2004 / 11 / 9

مدخل:
مما لا شك فيه أن الغور في غياهب قوانين الأحوال الشخصية والقوانين والمواد الدستورية الناظمة للأحوال الإنسانية لهو أكثر صعوبة مما نتصور وذلك لقلة تدول تلك القوانين بين الأيدي بالإضافة إلى تخلف معظم تلك القوانين عن الركب السريع للعالم الجديد حيث لا زالت الكثير من تلك المواد القانونية التي تظلم المرأة تحت لوائها سارية المفعول وخاصة في الدول الإسلامية والعربية وتأبى الكثير من تلك الدول حتى ولو طرحها للنقاش والتعديل.

لا شك أن الشرائع السماوية في مجملها ، وكذلك تاريخ الفكر البشري الضارب بجذوره منذ بدء الخليقة ، قد جعلت الإنسان هدفا مباشراً لرسالتها ، وموضوعا محوريا لخطابها العام ؛ وفي ذلك حرصت على إعلاء شأنه وسموه ورفعته كأفضل من خطا على هذه البسيطة .

وإذا كان الخالق قد شاء أن يكون هذا الإنسان اجتماعياً بطبعه ، حيث تطلب ذلك أن يتكون الجنس البشري من نوعين متكاملين متلازمين في الإنسانية هما الرجل والمرأة .

وإذا كان العديد من الدراسات والبحوث قد تناولت المركز القانوني للإنسان بنوعيه وذلك فيما يتصل بما كفلته له المواثيق والإعلانات والمعاهدات الدولية من حقوق وضمانات تحول دون إهدار أدميته ، فإن الدراسات و البحوث التى تناولت أوضاع المرأة تكاد تندر إذا ما قورنت بتلك التي تناولت الرجل, فإذا ما توجهنا تلقاء المرأة يكاد يصدمنا ذلك العدم البحثي الذي نعيشيه و تعيشه تلك المرأة خلف تلك الجدران القانونية و ما يرتبط بها من أزمات تتصل اتصالا مباشرا بالمجتمع .

من هنا كانت أهمية تناول أحوال المرأة وفق القوانين والدساتير بالدارسة و البحث ، حتى نقف على أبعاد ما قررته المعاهدات و المواثيق الدولية و القوانين الوطنية من حقوق و ضمانات للمرأة كإنسان مثلها مثل الرجل و ذلك في ضوء الواقع العملي ومن خلال دراسة بعض قوانين الأحوال الشخصية العربية وتسليط ضوء خافت علنا نبصر النور مع غد جديد للإنسان بشكل عام والمرأة بشكل خاص لأنها أكثر إنسان مظلوم وخاصة في مجتمعاتنا الشرقية.

المرأة عبر التاريخ:

مرت المرأة عبر التاريخ بمحطات مختلفة وتنوعت تلك المحطات بالإمبراطوريات والقوى الحاكمة واختلفت تلك المكانة من منطقة إلى أخرى ومن حضارة إلى أخرى وسنعرض هنا قليلاً من تلك المكانة في بعض المجتمعات القديمة بالإضافة إلى مكانة المرأة عند العرب قبل الإسلام.

المرأة عند اليونان : كانت المرأة في المجتمع اليوناني أول عهده محصنة عفيفة , لا تغادر البيت , ولا تسهم في الحياة العامة لا بقليل ولا بكثير ، وكانت محتقرة حتى سموها رجساً ، وكانت مستعبدة تباع وتشترى مسلوبة الإرادة والحرية لا تستطيع التصرف بما تملك حتى زواجها كان موكولاً للرجل , وعندما بدت مظاهر الحضارة اليونانية ابتذلت المرأة واختلطت بالرجال في الأندية والمجتمعات فانتشر الفساد وعمَّـت المنكرات.

أما المرأة عند الرومان فقد كان رب الأسرة هو المسيطر على الأبناء ذكوراً وإناثاً فكل ما يملكه الأبناء هو ملك للأب ، والبنت ليس لها حق التصرف فيما تملك ,وهي ليست مؤهلة للتصرف في أي شيء . وعندما فكروا بتعديل القانون قرروا إعطاء البنت حق ملكية ما تكسبه بسبب عملها ، وكذلك أعطوها حق بيع نفسها لمن تريد بعد وفاة وليها وكان عندهم في عقد الزواج صك اسمه حق سيادة الرجل عليها , وتوقع عليه المرأة ويسمى " اتفاق السيادة.

أما المرأة عند الهنود : لم يكن للمرأة في شريعة "مانو" حق في الاستقلال عن أبيها أو أخيها أو زوجها ، ولم يكن لها حق الحياة بعد وفاة زوجها ، بل يجب أن تموت يوم موته وأن تحرق معه وهي حية على موقد واحد ، وكانت تقدم قرباناً للآلهة لترضى ، ولكثرة احتقارهم لها فقد جاء في شرائعهم ( ليس الصبر المقدر والريح والموت والجحيم والسم والأفاعي والنار أسوأ من المرأة ).
أماالمرأة عند اليهود : هي في مرتبة الخادم محرومة من الميراث ، وإذا ملكته لعدم وجود إخوة لها يحرم عليها الزواج من عائلة غريبة . وهي عندهم لعنة لأنها أغوت آدم فأخرجته من الجنة ، وكانوا إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوها ولم يشاربوها وهجروها ، فقد جاء عندهم في التوراة :( المرأة أمرّ من الموت ، إن الصالح أمام الله من ينجو منها ، رجلاً واحداً بين هؤلاء وجدت أما امرأة واحدة بين كل أولئك لم أجد ).

أما عند النصارى : لقد هال رجال الدين النصارى ما آل إليه المجتمع الروماني من انحلال أخلاقي شنيع ، فاعتبروا المرأة مسؤولة عن هذا كله ، فقرروا أن الزواج دنس يجب الابتعاد عنه ، وأعلنوا أنها باب الشيطان وهي سلاح إبليس للفتنة والإغراء . فهي كما يقول القديس تروتوليان :(( إنها مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان ناقضة لنواميس الله مشوهة لصورة الله - الرجل - ).

وقد عقد مؤتمر في فرنسا عام 586 للميلاد موضوعه الجواب عن السؤال التالي: هل تعد المرأة إنساناً أم غير إنسان ؟ وأخيراً قرروا أنها خلقت لخدمة الرجل فحسب ، وهي قاصر لا يحق لها أن تتصرف بأموالها دون إذن زوجها أو وليها . وقد كان القانون الإنجليزي يبيح للرجل أن يبيع زوجته . ولما قامت الثورة الفرنسية وأعلنت تحرير الإنسان من العبودية والمهانة لم تشمل المرأة بحنوها ، ونص القانون الفرنسي على أنها ليست أهلاً للتعاقد دون رضى وليها إن كانت غير متزوجة .

أما المرأة عند العرب قبل الإسلام : كانت المرأة مهضومة الحقوق لا ميراث لها ، وليس لها أي حق على زوجها ، فهو يطلقها متى يشاء ويتزوج من غيرها بلا حدود ، وكان العرب في الجاهلية يتشاءمون من ولادة الأنثى حتى وصل الأمر بهم إلى وأد البنات وهن أحياء خشية الفقر والعار.
مكانة المرأة في الإسلام: بقيت المرأة مستضعفة مهـضـومة الـحقوق , مهيضة الجناح ,مسلوبة الإرادة حتى جاء الإسلام ووضع الميزان الحق في إقراره لكرامة المرأة وإنسانيتها وأهليتها لأداء رسالة سامية في المجتمع , و أعطاها مكانة عالية لتجد ممن حولها التقدير والاحترام اللائق بها كأم مربية للأجيال , وزوجة لها حقوق وعليها واجبات , وشابة يصان عرضها من عبث العابثين وأصحاب الشهوات .
فأعطاها الإسلام الكثير من الحقوق مثلاً:1- حق الحياة . 2- حق الملكية والتصرف بأموالها فلها أن تبيع وتشتري وتتصدق من أموالها كما تشاء ، فهي كاملة الأهلية . وإذا كانت عاملة فهي تستطيع أن تتصرف بمالها وتنفق منه بالطريقة التي تريد وفق الأحكام الشرعية .3- حق الموافقة على الخاطب أو رفضه. 4-حق العلم والتعلم.5- حق مفارقة الزوج .6- حق المشاركة السياسية . إلى أخره من الحقوق ويعتبر الدين الإسلامي أكثر الأديان أعطى المرأة حقوقاً ولكن لا ينفي ذلك زوايا ضيقة مثل تعدد الزوجات وإعطاء نصف التركة للمرأة تمثلاً بالآية "حظ الذكر مثل حظ الأنثيين" وامتلاك النساء انطلاقاً من الآية "أو ما ملكت أيمانكم".
نماذج من الظلم القانوني للمرأة:
على الرغم من أن الدستور السوري حمى الحياة الزوجية وتكفل بإتاحة جميع الفرص للمرأة وذلك وفق المادة /44/ من الدستور ونصها:1-الأسرة هي خلية المجتمع الأساسية وتحميها الدولة.2- تحمي الدولة الزواج وتشجع عليه وتعمل على إزالة العقبات المادية والاجتماعية التي تعوقه وتحمي الأمومة والطفولة وترعى النشء والشباب وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم.
أما المادة /45/ : تكفل الدولة للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وتعمل على إزالة القيود التي تمنع تطورها ومشاركتها في بناء المجتمع العربي الاشتراكي.
إلا أنه تتساءل المرأة السورية عن الأسباب الوجيهة لمنع أبنائها من حمل جنسيتها وانطلقت في سورية حملة نسائية من أجل تعديل قانون الجنسية السورية بما يسمح للمرأة السورية منح جنسيتها لأبنائها حتى لو كان أبوهم غير سوري.

وقد نشرت ناشطات سوريات عريضة في مختلف المحافظات السورية، طالبة من النساء والرجال على السواء بالتوقيع عليها، دعماً لحق المرأة السورية في أن يحمل أبناؤها جنسيتها بغض النظر عن جنسية الأب. ويتطلب هذا تعديل قانون الجنسية السورية الذي يعطي الرجل فقط حق منح الجنسية لأبنائه، حتى لو كانت زوجته غير سورية. أما النساء السوريات المتزوجات من رجال غير سوريين، فإن القانون السوري يعتبر أبناءهن ملحقين بآبائهم ويحملون جنسيتهم، وبالتالي يُعامَلون في سورية معاملة العرب غير السوريين أو الأجانب، من حيث أحكام الإقامة وغيرها.

وأصدرت "اللجنة الوطنية لرابطة النساء السوريات" (أهلية) بياناً وُزع على وسائل الإعلام، جاء فيه طلب "النساء السوريات مساواتهن بالرجال لحصول أولادهن على الجنسية السورية أسوة بالرجال".

ودعت الرابطة "أبناء وبنات سورية" إلى المشاركة في حملة التواقيع التي بدأتها نهاية العام الماضي،وطالبت خاصة النساء السوريات المتزوجات من غير السوريين بالمساهمة في حملة التواقيع.

و حصلت على تواقيع 35 نائباً في مجلس الشعب (البرلمان) السوري اقترحوا وقدموا مذكرة في جلسة لمجلس الشعب تطالب بتعديل قانون الجنسية السورية. إلا أنه ليس هناك في الأفق ما يشير إلى احتمال تعديل قانون الجنسية السوري.

وينص الدستور السوري على مساواة الرجل بالمرأة، والمساواة بين كل المواطنين نساء ورجالاً، كما صادقت سورية على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وإلغاء كل أشكال التمييز في عام 1977 بمرسوم سنة 2002. وتتحفظ سورية عند توقيعها المعاهدات الدولية على أجزاء من هذه المعاهدات تخالف أحكام الشريعة الإسلامية، لا سيما في قضايا الأحوال الشخصية كأحكام الإرث.

وتطالب الحركة النسائية السورية بتعديل القوانين التي تميز الرجل عن المرأة في البلاد. وتثير هذه المطالبة حفيظة العلماء المسلمين حين تتعلق بقضايا نصت عليها أحكام الشريعة الإسلامية.

إلا أن قانونيين سوريين أكدوا أن القانون السوري ينطوي على بعض التمييز ضد المرأة في قضايا لا تتعلق بالأحكام الشرعية، ومنها قانون الجنسية السوري "الذي لا يُعرَف أصل شرعي لتمييز الرجل عن المرأة فيه"،
وأكد أحد المحامين أن تعديل هذا القانون بالذات لا يصطدم بالشريعة، بل يكرس العدل الذي دعا إليه الإسلام. بل وحث العلماء المسلمين في سورية على دعم الحملة المطالِبة بتعديل قانون الجنسية في البلاد. وأشار المحامي إلى "مفارقة أن المرأة السورية لو كانت تحمل جنسية أجنبية، فإنها تملك غالباً نقل جنسيتها الأجنبية إلى أبنائها". وأكد المحامي أنور البني الناشط في حقوق الإنسان تأكيده أن "التمييز بين الرجل والمرأة حول منح الجنسية للأبناء واضح في القانون السوري".

يذكر أنه هناك حالات شاذة في هذه النقطة حيث لا تمنح الجنسية السورية لأبناء المواطنات السوريات اللائي يتزوجن من أكراد سوريين معروفون بتسمية ( أجانب أو مكتومين ) بل تكتب في إخراج القيد أو الثبوتيات الأخرى وتحديداً في خانة الأم بأنها عازبة رغم أنها متزوجة ولها أبناء.
أما وضع المرأة العراقية فقد تدهور بصورة خطيرة وخاصة بعد ثورة تموز 1968 وما يزال يتدهور بصورة تنذر بالخطر وبخاصة بعد العدوان على دولة الكويت واشتعال الحرب الثانية في الخليج عام 1991. وانهيار نظام صدام حسين وقد تأشر ذلك التدهور والانتهاكات لحقوق المرأة من خلال المئات من الأدلة ومنها ما وثقته منظمة العفو الدولية والمنظمات غير الحكومية المحايدة.وهذه الانتهاكات مخالفة صريحة للدستور والقوانين والالتزامات الدولية يتحمل المسؤولية فيها نظام صدام.
ففي الدستور العراقي المؤقت لعام 1970 ورد في المادة 11 على أن الأسرة نواة المجتمع وتكفل الدولة حمايتها ودعمها وترعى الأمومة والطفولة (7 ),كما نصت المادة 19 على ما يلي: ( أ- المواطنون سواسية أمام القانون , دون تفريق بسبب الجنس أو العرق أو اللغة أو المنشأ الاجتماعي أو الدين . ب - تكافؤ الفرص لجميع المواطنين مضمون في حدود القانون ).كما تأكدت هذه المبادئ في دستور عام 1990 الذي حذفت منه عبارة مؤقت .
غير أن هذه النصوص وغيرها من نصوص الدستور العراقي ذات الصلة ليست إلا حبرا على ورق , لا بل جرى مخالفتها وخرقها بصورة خطيرة من الناحتين التشريعية والواقعية حيث لم تتحقق أية مساواة بين الجنسين في المجتمع واستمرت سياسة العنف والاضطهاد ضد المرأة العراقية بصورة منتظمة تستدعي تدخل المنظمة الدولية لوقف هذه الانتهاكات التي فاقت في بعض جوانبها القاسية سياسة حكومة طالبان الأفغانية البدائية في إلغاء حقوق المرأة كبشر له حقوق إنسانية كما سنبين ذلك.هذا فضلا عن عدم وجود التناسق والتوافق بين نصوص الدستور والتشريعات النافذة .
ولهذا سوف نعرض إلى جانب من بعض هذه التشريعات التي تكشف عن إهدار حقوق المرأة العراقية ويتحمل مسئوليتها نظام صدام. منها: منع المرأة من السفر ( مخالفة دستورية وقانونية ) وحقوق المرأة المهدرة في القانون المدني العراقي احترام حقوق المرأة والرجل في الولاية والوصاية. وهناك نصوص أخرى مهمة تحتاج للتعديل أو الحذف لكي تنسجم مع الدستور ومع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان, وحقوق المرأة المهدرة في قانون الأحوال الشخصية العراقي ,وحقوق المرأة المهدرة في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنه 1969 وردت العديد من النصوص القانونية في قانون العقوبات العراقي التي تكشف عن انتهاكات خطيرة لحقوق المرأة هذا إلى جانب عشرات القرارات الصادرة من رئيس النظام المخالفة للدستور وللالتزامات الدولية ولعل أهم هذه الانتهاكات هي:
1-عقوبة الإعدام للمرأة في قانون العقوبات وخارج نطاق القضاء حيث تجري عملية الإعدام للمرأة حسب قانون العقوبات العراقي نظرا لوجود هذه العقوبة التي طالبنا بإلغائها من القانون .كما جرت عمليات الإعدام بصورة خطيرة بدون محاكمة و كانت تنفذ من قبل أشخاص يطلق عليهم ( فدائيو صدام ) بوسيلة السيف حيث يقطع الرأس والجسد بكل وحشية وهي جريمة خطيرة ضد حقوق الإنسان يجب محاسبة الفاعلين عنها وتعويض المتضررين حسب القانون .
إذ لا يجوز القيام بهذه الأعمال الهمجية مهما كانت الذرائع .هذا إلى جانب عمليات القتل والاغتصاب والتعذيب المستمرة ضد المرأة في سجون النظام الأمر الذي يوجب إرسال فرق التفتيش لفحص واقع حقوق الإنسان في العراق وتقديم الفاعلين إلى القضاء الوطني أو الدولي .
2-جريمة الزنا والقتل بدافع الشرف وتفاوت الحماية القانونية بين الرجل والمرأة .لا توجد إحصائية دقيقة عن الوضع في العراق والبلدان الأخرى إلا أن هذه الجريمة انتشرت حتى إلى المهجر فقد حصلت جرائم متعددة في السويد وفي بلدان أخرى غيرها بدافع غسل العار العائلي مما يزيد من خطورة هذه الجريمة.
3- إلغاء النصوص المتعلقة بتأديب الزوجة فقد جاء في المادة/ 41/ من قانون العقوبات العراقي ما يلي :لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالا للحق 1- تأديب الزوج زوجته ….) على أساس أن التأديب من الزوج للزوجة هو استعمال لحق مقرر قانونا للزوج فقط دون الزوجة وله أن يضربها كجزء من التأديب ويهجرها كذلك وهو ما يتنافى وحقوق الإنسان والآدمية والقيم الإنسانية .فالضرب هو سوء معاملة ولا يجوز اللجوء إلى هذه الوسيلة من أي طرف ولأي سبب كان وهو يعد جريمة يستحق الفاعل العقاب إذا ثبت ارتكابها .
وأصدر صدام قانوناً في نوفمبر 2001 في إيقاع عقوبة الإعدام ضد المرأة المشتبه في سلوكها وضد من تدير محلا للدعارة أو من تسهل ذلك وهي قوانين لم نشهد لها نظيرا في القسوة في العالم, و تعذيب النساء وإساءة معاملتهن خلال فترة الاعتقال السابق للمحاكمة وعادة كان يتم إيداع النساء في سجون الأجهزة الأمنية بمعزل عن العالم الخارجي ويرغمن على الاعتراف من خلال استخدام التعذيب والعنف وسوء المعاملة أو القتل خارج إطار المحاكمة إذا كانت التهمة سياسية . أما الأشخاص الذين يقومون بالاستجواب للنساء فهم غالبا كانوا من الرجال ممن لا يحملون شهادة العلم بالقانون وهو ما يشكل مخالفة واضحة للدستور العراقي والقوانين النافذة ولكل الالتزامات الدولية .كما لم يسمح لمنظمة العفو الدولية ولا للمنظمات النشطة في ميدان حقوق الإنسان للتثبت من مدى الالتزام بالقواعد الأساسية لحقوق الإنسان ولم يجر تفعيل القرار رقم 688 لحماية الحقوق من خلال إرسال فرق التفتيش لفحص واقع حقوق الإنسان في العراق , وحقوق المرأة المهدرة في قانون الوظيفة العامة وقانون المعهد القضائي" منع المرأة من تولي منصب القضاء مخالفة دستورية وقانونية ودولية".
وهنا لابد من نشير إلى أن حكومة إقليم كردستان أصدرت سلسلة من القوانين والقرارات المهمة التي تعدل من وضع المرأة الحقوقي سواء على صعيد العمل الوظيفي للمرأة والمساواة في فرص العمل ورفع مكانه المرأة أم بالنسبة لما يسمى بجرائم غسل العار والقتل بدافع الشرف أو حماية حقوق الإنسان ومنها حقوق المرأة إلا انه ما يزال هناك خطوات كبيرة في هذا الميدان لابد من القيام بها وتعديل القوانين بما يحقق المساواة في الحقوق والواجبات.
أما في مصر فالحال ليس بأحسن من مثيلاته في الدول العربية الأخرى حيث في الوقت الذي تبذل فيه الحكومة المصرية جهود مضنية للقضاء علي تكدس القضايا في المحاكم، وسد الثغرات الموجودة في بعض القوانين الحالية، وعلي الرغم من إنشاء محكمة الأسرة لسرعة الفصل في قضايا الأحوال الشخصية، إلا أن قضايا المرأة ما زالت تقف حجر عثرة في طريق المشرع حيث ارتفعت الأصوات المنادية بضرورة إحداث تغيير جذري في قانون الأحوال الشخصية، والذي صدر أبان الحكم العثماني في مصر، وأصبح لا يتناسب مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية للعصر الحديث بمشكلاته المعقدة.. ورغم العمل بقانون الخلع الذي أثار الجدل من قبل إلا أن المرأة لازالت تعانى من القلق والاضطراب على حقوقها وحقوق أبنائها لدى زوجها وهى قضايا النفقة والتطليق للضرر والتي تقطع شوطا طويلا في دهاليز المحاكم.
من القضايا التي استمرت في المحاكم عدة سنوات دون فصل فيها قضية إحدى السيدات التي توجهت للمحكمة تطلب النفقة لها ولأبنائها الصغار من طليقها.. ومنذ عام 1996 لازالت المشكلة تبحث عن حل حيث اضطررت أمام ضغط الحياة وصعوبتها أن تعمل في النظافة بإحدى المستشفيات رغم أنها حاصلة على دبلوم المدارس التجارية إلا أن الحالة الاقتصادية أرغمتني علي ذلك.
عرفة عرابي المحامى " ماجستير في الشريعة الإسلامية " أكد قائلا: لا اعتقد أن الشريعة الإسلامية الغراء بنصوصها الرائعة تعرف معاني التعقيد وهي التي قام علي مبادئها قانون الأحوال الشخصية الذي نتعامل به حتى الآن.. ومن أهم مبادئ الشريعة الإسلامية أنه لا ضرر ولا ضرار، إلا أن القانون الحالي يبتعد كثيرا عن الشريعة حيث تظل الزوجة معلقة في المحكمة تسعى للحصول على حقها المشروع دون جدوى ، مما يضطرها إلي أن تمضى في طريق الشيطان الذي يفتح لها الباب على مصراعيه بحجة الإنفاق على أبنائها ، والسبب في ذلك تعنت القانون وإطالة أمد التقاضي.. ويجب على الدولة أن تنظر بعين الشفقة والرحمة للمرأة باعتبارها كائن ضعيف لا تستطيع الصمود أمام عقبات الدهر.. ولعل الشريعة للإسلامية أكدت مرارا وتكرارا على حقوق المرأة حفاظا على بيتها وأسرتها وأبنائها وذلك عرفانا بدورها في المجتمع ، وأنه أساس التنشئة ، لهذا يجب أن تعي الدولة جيدا أن قانون الأحوال الشخصية وطول التقاضي تدفع ثمنه المرأة المتضررة وحدها دون غيرها.أما المحامي صلاح خليل بالنقض وعضو رابطة المحامين العرب فيؤكد أنه حينما يصدر حكم نفقة للزوجة فلا تستطيع تنفيذ الحكم ضد الزوج الذي يمارس مهنة حرة لا سيما إذا كانت لا تعرف محل إقامة ثابت له ، فتلجأ الزوجة إلى بنك ناصر لتنفيذ حكم النفقة إلا أنها تصطدم بالواقع المرير حيث أن البنك لا ينفذ الأحكام إلا على الأشخاص الذين يعملون بالحكومة أو القطاع العام وبذلك تصبح الزوجة في مهب الريح هي وأولادها فلا تجد من ينفق عليهم ولابد أن يتدخل المشرع في مثل هذه الحالات حتى تستطيع الزوجة أن تكون آمنة على نفسها وأولادها من الانزلاق.
ويشير أحد الحقوقيين إلى خطورة قانون الأحوال الشخصية وعدم ملاءمته لتطورات العصر الحديث، لا سيما بعد أن طغت المادة علي الحياة ، في ظل موجة الغلاء التي تشهدها البلاد والمبالغة في أسعار السلع ، مما تضطر المرأة المعلقة في المحاكم أن تعرض جسدها سلعة لمن يدفع أكثر بعد أن تركها زوجها دون أن يمنحها نفقة المتعة أو نفقة للأبناء الصغار وإذا كانت نسبة المنحرفات تزداد يوما بعد يوم ، فان العامل الأساسي لذلك هو طول أمد التقاضي في الأحوال الشخصية.. فكم من قضايا تستمر أكثر من أربع سنوات سواء لعدم الفصل فيها أو لعدم اهتمام السلطات المختصة بتنفيذ الأحكام الخاصة بذلك.
من هذا المنطلق يرتفع مؤشر الجريمة في المجتمع المصري، سواء المخلة بالآداب أو التسول ، بالإضافة إلي انتشار ظاهرة أطفال الشوارع.
ويرى المستشار مرسي الشيخ – رئيس محكمة استئناف القاهرة السابق أن كل القوانين تتطور في الدول وفقا للظروف والآليات التي تتغير.. ويجب على المشرع المصري أن يعيد النظر في القوانين التي عفي عليها الزمن والتي باتت تشكل عبئا كبيرا على المجتمع.. والتي تخلف وراءها ضحايا أبرياء يدفعون الثمن من قوت أبنائهم ومن ابرز القوانين التي تحتاج إلى تقنين وإعادة النظر في نصوصها.. قوانين الأحوال الشخصية باعتبارها تحكم الجوانب الشخصية والاجتماعية للناس.. ولعل قوانين الأحوال الشخصية التي تستمر في تقاضيها سنوات طويلة تشجع على استمرار العداوة بين الأهل والأقارب.. خاصة الزوج و زوجته وغالبا ما يكون بينهما أطفال صغار هم ضحية هذا العداء.
يتحدث الدكتور طارق أسعد- أستاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة عين شمس قائلا: لاشك أن الزوجة المطلقة أو التي تقضي وقتا طويلا في المحكمة كي تحصل على مستحقاتها لدى زوجها ويستمر ذلك سنوات طويلة يولد لديها الإحساس بالكراهية والحقد على المجتمع.. وقد يولد لديها أيضا عقدة نفسية من أي رجل في المجتمع.. مما قد يؤدى بها أحيانا إلي الانحراف بدافع الانتقام من هذا المجتمع الذي خذلها فلم يعط لها حقها.. ويجب على المشرع أن يتنبه لمثل هذه الأشياء قبل أن يستفحل خطرها .
وحدها هي حكوماتنا العربية التي لم تتنازل عن تلك القوانين البالية والتي لم تستفيد من كل تجارب الكون منذ بداية الخليقة وإلى يومنا هذا تاركة التطور للآلة الزمن يفعل بنا ما يشاء.
مما تقدم نجد أن المرأة العربية هي أكثر نساء العالم ظلماً وفقاً لمواد قانونية صادرة عن الهيئات المختصة ولطالما تردك هذه الهيئات انتهاء مدة صلاحية تلك القوانين والأنظمة ولكنها مصرة على إبقائها إلى أجل غير مسمى الخاسر الوحيد في هذا التأخير هي المرأة التي لا حول لها ولا قوة.
أرشيف ومراجع:
1- دستور الجمهورية العربية السورية.
2- قانون الجنسية العربية السورية.
3- انتهاكات حقوق المرأة في العراق والحماية القانونية لحقوقها في المجتمع المدني - الدكتور منذر الفضل.
4- تقارير مراقبة حقوق الإنسان بشأن البلدان العربية.
5- اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ( سيداو CEDAW ).
6- الدكتور عبد الكريم علوان – موقف القانون الدولي المعاصر من حقوق الإنسان و مساواتها بالرجل –.
7 -الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948.
8- نصوص الدستور العراقي المؤقت لعام 1970.
9- تحقيق نشرته جريدة عرب 2000 حول قانون الأحوال الشخصية في مصر.
10- مجموعة دراسات عن المرأة نشرت على الإنترنيت ( بتصرف).