المرأة ومتعة الرجل



مرثا فرنسيس
2011 / 6 / 12

المرأة ومتعة الرجل
صُدمتُ كثيرا في حياتي نتيجة أفكار غريبة، وتصرفات مشينة تأتي ممن يُصنَفون من نوعية البشر. ولكن صدمتي هذه المرة لا أجد لها وصفاً لائقاً في قاموس الإنسانية. تقابلت معها؛ سيدة في بداية الخمسينيات بدت هزيلة شاحبة، ولكنها تتحلى بمسحة جمال لم يستطعْ المرض إخفاءها، وإن استطاع أن يؤثر على كفاءة جسدها ولكنه لم يؤثر على ملامحها الرقيقة وجاذبيتها، لكن أكثر ماشًّدني الى هذه المرأة هو الحزن العميق الذي بدا في عينيها، والدموع السجينة بداخلهما وتود لو تنهمر بكل قوة، ربَّتُ على كتفها لأشجعها على الفضفضة بمكنونات نفسها، بكتْ وانسكبتْ شلالات الدموع بلا حساب، وبعد أن هدأت قليلا، القتْ بما لم تصدقه أذناي: تزوجَت رجلا متديناً ميسور الحال وكان وقت زواجهما يحبو في بداية مشوار التجارة، وبعد الزواج والإنجاب والحياة العادية التي تمر بحلوها ومرها، تَثبتت أقدام الزوج في العمل بالتجارة وحقق نجاحاً لا بأس به، والزوجة تُشجع وتتَّحمل كل مسئولية البيت والاولاد وتفرغَّت لعائلتها تماماً، وهدفها أن يشعر الزوج والأولاد بالراحة والرضى، وقبل أن يصل إبنها الأكبر الى المرحلة الجامعية، بدأت تشعر بالاجهاد بعد أقل مجهود، وضيق النفس الذي يعوقها عن القيام بمهام كثيرة كانت تؤديها بسهولة وسرعة في السابق. اصطحبتها صديقتها الى الطبيب الذي طلب بعض التحاليل والآشعات ليتأكد من شكوكه، انفجرت ثانية في البكاء وهي تتذكر ماقاله الطبيب في ذلك اليوم" ستحتاجين الاستمرار على الادوية مابقي لكِ من عُمر" بعد أن تأكد من إصابتها بحساسية شديدة جداً في الصدر وأنها يجب أن تحرص على عدم التعرض لروائح معينة، خاصةً النفَّاذة منها، وعندما علم الزوج بمرضها امتنع عن الانفاق على مرضها، ولم تفهم لماذا؟ كانت صديقتها الحميمة هي من اصطحبتها للطبيب وصممت على شراء الادوية والتأكد من انها بدأت بتناولها، وعندما احتاجت لشراء مانفذ من الادوية رفض الزوج المُحترم مُعلِلا موقفه بأنه غير مُطالَب وغير مُلزَم بالانفاق على زوجة مريضة لن ينال منها مايريده نتيجة مرضها! وقال لها إنه يفهم جيداً مسئولياته وهو ملتزم بها، لكن في مرضها هو غير ملتزم بها!
شعرت الزوجة بالمهانة والذُلّ وهي تُذَكِّره أنها شريكة عمره وأنه لم يعد لها أب وأم بعد أن توفاهما الله، وأنه من المُستحيل أن تلجأ لشقيقات أو اشقاء ليُنفِقوا على علاجها وزوجها حيُّ يُرزَق، ولم يَعِرها أي انتباه بكل أسف.
ذُهلتُ ولم أفهم، كيف يكون تصرف الزوج بهذه القسوة والفظاظة مع زوجته، كيف يقبل أن يتوقف عن علاج شريكة العمر، ويتركها تشتري أدويتها بما يجود به عليها الأاصدقاء والمعارف؟ هل ينفق عليها فقط عندما تكون بصحتها وبجسدها له؟ أين كرامة العلاقة والعِشرة التي دامت كل هذا العمر؟ أين كرامة هذه المرأة التي تنازلت عن العمل والاهتمامات الشخصية لتتفرغ لراحة أسرتها؟ أين كرامتها كإنسان وليس فقط كزوجة؟ لم أفهم حتى هذه اللحظة من منهم على صواب ومن هو المخطئ في فهمه للعلاقة الزوجية؟
ماهو تفسير الموقف؟
محبتي للجميع