إلى المرأة العربية : أفيقي إنهم يكذبون عليكِ ، رد على مقال الأستاذ نعيم إيليا ، والمعنون : ( ضد عبد القادر أنيس وفاتن واصل )



نهى عايش
2011 / 6 / 25

هناك تمييز وقيود ضد المرأة العربية ، ومما يُزيد هذا التمييز قباحةً هي الأنماط البشرية الإجتماعية المؤدلجة السائدة في مجتمعاتنا العربية الإسلامية . حيث بُلينا بترسانة من المعممين والسلفيين الذين يُساعدون ويُحرضون على نشرها ومساندتها وديمومتها ، ويدعون زوراً إنهم يُناصرون حقوق المرأة والحفاظ على حرياتها ، وربما كان بينهم بعض السذج !!.

خطرت لي فكرة كتابة هذا المقال قبل أكثر من عام ، يوم كنتُ أشاهد على شاشة ( العراقية ) برنامج عن الأسرة العراقية ، حين قالت إحدى ضيفات البرنامج ، وهي سيدة تحمل شهادة دكتوراه في علم التربية !!! : أن هناك نساء يستسغنَ ويعجبهنَ ضرب الرجل لهن حين قيامهن بخطأ ما يستوجب ضرب الرجل !!!!.
والذي زاد في عجبي وغضبي أن تلك السيدة مدرسة أو مُحاضرة في كلية التربية الإجتماعية في جامعة بغداد !!!.
فكرتُ يومها : أي جيل سيتخرج على أفكار ومفاهيم هذه المعلمة والمربية "الفاضلة" !!؟

أطلب من القراء الكرام مشاهدة الفيديو أدناه ، مع مُلحقاتهِ ، وكيف يُشجع بعض الناس على ضرب الرجل للمرأة في المجتمعات الإسلامية ، وبإسم الشريعة والمقدس والدين والله !!!، ومن خلال مسميات ومنطلقات التأديب والتقويم ومكارم الأخلاق

http://www.youtube.com/watch?v=QaKchsjp4yI&feature=related


سبب آخر إستفزني ودعاني لكتابة ونشر هذا المقال ، وهو ما قالتهُ مؤخراً السيدة روضة اليوسف ، والتي تقوم بتعريف نفسها على صفحتها في الفيس بوك بأنها "ناشطة إجتماعية تعمل على إعداد البرامج والمؤتمرات التوعوية والتطوعية وإصلاح ذات البين ، وكافة الأنشطة الإجتماعية ذات العلاقة" !!!! ، يا سلام شو كلام !!!.
ولنسمع ونُشاهد ما قالته هذه السيدة في هذا الفيديو ، وهم حول ( قيادة المرأة السعودية للسيارة )

. http://www.youtube.com/watch?v=IAkOO7iMp9M

وفي هذا الفيديو نرى أن السيدة الحقوقية روضة اليوسف تتناسى أن للمرأة السعودية حقوق طبيعية وُلدت معها ومن المفروض أن تتمتع بها كبقية نساء العالم المتمدن ، وحقها في قيادة السيارة من أبسط الحقوق للمرأة في المجتمعات المتحضرة التي تؤمن بالعدالة الإجتماعية والمساواة بين البشر ، كل البشر ، وخاصة إذا لم تكن المرأة مُقتدرة مادياً على توظيف سائق خاص كما تفعل السيدة روضة التي راحت تُفاخر بأنها تسكن في حي راقِ وتملك كذا وكذا!!! .

تصوروا حجم هذا الإشكال المتناقض في تواجد سيدة حقوقية وناشطة إجتماعية وهي عاجزة تماماً وأساساً عن فهم أو إستيعاب أو هضم متطلبات ملحاحة وضرورية وذات معاناة وألم وقهر لغالبية نساء الدولة التي تُمثلها السيدة روضة

يقول الشاعر :

إلى الطبيب نسعى إذا مرضنا

فإلى أين نسعى إذا مرضَ الطبيبُ


السبب الثالث الذي دعاني لكتابة هذا المقال هو موقف وفكر وآراء السيد نعيم ايليا ، الذي نشر مقالاً على صفحات موقع الحوار المتمدن قبل أيام ، وبعنوان : ( ضد عبد القادر أنيس وفاتن واصل ) ، وقبل هذا المقال ، وفي تعليق للسيد نعيم ايليا على مقال السيدة فاتن واصل ، يقوم السيد المذكور بتعريف نفسه :

( أنا ناشط في مجال حقوق المرأة ، ويستحيل أن أفكر بإستغلال حقيقة ضعف المرأة الطبيعي لتجريدها من حق المساواة التامة مع الرجل ، كما يسعى إلى ذلك الذكور المتخلفون في كل مكان ) .

ولم يكتفي الأستاد نعيم بذلك ، بل زاد الطين بلة عندما قام بالرد على مقال السيدة فاتن واصل بمقال خاص يشرح فيه طبيعة ضعف المرأة

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=262977

وسأحاول من خلال بقية مقالي هذا التركيز على فكرة ( ضعف المرأة الطبيعي ) التي تطرق لها السيد نعيم ، وهل حقاً أن المرأة ضعيفة مقارنة بالرجل !!؟ ، وما هي الفوارق البيولوجية بين المرأة والرجل ؟

هناك تفسيرات لهذه الإختلافات البيولوجية شائعة وشعبية وتستعمل لإبقاء المرأة على وضعها الإجتماعي المُهمش عمداً في أغلب مجتمعات العالم ، خصوصاً أن هذه التفسيرات تتعكز على حقيقة أن المرأة هي التي تقوم بعملية الحمل والإنجاب والتربية والقيام بشؤون المنزل . والغريب هو سماع تلك التفسيرات والتبريرات من أناس يدعون أنهم حقوقيون ويُحاولون الحفاظ على حقوق المرأة !!!! ، والسؤال هو : أية حقوق ؟

ومن هؤلاء يبرز لنا اليوم السيد نعيم ايليا والسيدات روضة اليوسف والأخرى المحاضرة في كلية التربية في جامعة بغداد ، وكلهم يتكلمون عن الفوارق الجسدية بين الأنثى والذكر ، وإن الرجال يتصرفون بهذه الطريقة فقط لأنهم يفرزون الهرمون الذكوري ( تستو ستيرون ) !!!، أو محاولتهم لشرح الفوارق بين المرأة والرجل على كونها فوارق بيولوجية طبيعية يجب أن تقتنع بها المرأة وتخضع لها !!!.

بينما الحقيقة هي أن الفوارق الإجتماعية بين الجنسين والتي أدت لكل هذا التهميش لجنس المرأة ، لها جميعاً جذور عميقة تأريخية في الذاكرة الجمعية الشعبية لكل شعوب العالم ، والتي غالبها يحمل تأثيرات الأديان وما نتج عنها من قناعات وثوابت راسخة يدعمها الجهل ، وتفرعت منها عادات وتقاليد ومفاهيم ومُحرمات وتابوهات وأشياء لا حصر لها ساعدت تهميش دور المرأة ، وتحجيم طاقاتها الإنسابية لدرجة الصفر أحياناً ، وإستعمالها كمفقسة ووعاء جنسي يأخذ الشكل الذي يرغبه السيد الرجل ، وهو نفسهُ الإله المزعوم


لقد أصبح معروفاً للكل أن تحديد نوع الجنس البيولوجي سواء كان ذكراً أو أنثى، يتم في أول لحظة للحمل

حيث يساهم كل من الوالدين بِ 23 كروموسوم للبويضة المخصبة (صبيغات وراثية)،

أي ما مجموعه 46 (أو 23 زوجا من الكروموسومات).

فقط واحدة من هذه الأزواج تحدد جنس المولود، تسمى هذه الكروموسومات كروموسومات الجنس
**********************************************************************************.

والكرموسومات التى تحدد جنس المولود تأتي من الرجل ، لأن المرأة جميع الكروموسومات التى تعطيها هي XX

أذاً عندما تكون الظروف طبيعية، يتم
تحديد المولود ذكر اذا كان حظه الكرموسوم Y
وتحديد المولود أنثى اذا كان حظه X

ممكن أيضا مراجعة هذا المقطع الذي يشرح عملية تحديد الجنس للذكر أو الانثى :

http://www.youtube.com/watch?v=r0byeqI0FRg


على الرغم من الاعتقادات الشائعة ، لا يوجد أي دليل على أن الكروموسومات XY أقوى من الكروموسومات XX في الواقع ، وفي الحقيقة الكروموسوم الذكرية أقل قابلية للحياة في طرق الترميز الوراثية مما يزيد من ضعف الذكور



the social costruction

ولفهم حكاية ما يُسمى ب "ضعف المرأة" ، يتطلب أن نفهم عبارة ( بناء الأفكار الإجتماعية بين الجنسين ) ، وعلينا أن نتعامل بوعي كامل وحيادية ديمقراطية ، حين نرى أمام أعيننا يومياً وعلى عدد الساعات ، الطريقة التي يتعامل بها أغلب البالغين في المجتمعات الإنسانية مع أطفال تلك المجتمعات ، بنات كانوا أم أولاد ، وكأمثلة صغيرة : ( يا الله شو صعب هل الولد ) أو ( عيب تبكي يا إبني !! هو إنت بنت ؟ ) أو ( خليك قوي وراجل ، وروح إضربهُ زي ما ضربك ) أو ( يا بنتي عيب تلعبي برة مع الصبيان ، إنت مكانك البيت ) أو ( عيب وحرام تتصرفي زي أخوك ، فهو ولد وإنت بنت ) أو ( وطي صوتك ولا تضحكي ، شو حاسبة إنك ولد ؟ ) والخ من ملايين الأمثلة التي تفرز الولد وتجعله السيد الحر ، وتجعل من البنت شيئ عادي تابعي ومُهمش لا حول له ولا قوة ، وكأنها خُلقت من أجل خدمة وسعادة الرجل السيد !!!.

وتدخل كل هذه التصرفات والقناعات في الحياة اليومية للناس ، وفي العجينة الإجتماعية المغلوطة في خبطتها ومقاديرها .
حتى حين نُريد شراء هدية أو لعبة ( مُحايدة ) للولد او البنت ، لعبة غير مُصممة للفتيان أو الفتيات ، بل لكليهما ، هنا قد تصفعنا المفاجأة في صعوبة إيجاد مثل هذه الهدية ، فكل شيئ تم تصنيعه على طريقة نمطية مؤنثة أو مُذكرة ، حتى الدراجة الهوائية أو أزرار القمصان وإتجاهها يمين أو يسار الثوب ، وكذلك الساعات اليدوية ، والنظارات الشمسية ، وألاف الأشياء التي تُميز بين الذكر والأنثى .

الأدهى أن حتى الألوان منمطة ، فاللون الوردي وعائلتهِ للبنات ( بناتي ) ، واللون الأزرق وعائلتهِ للأولاد ( ولادي ) ، وكل هذا مُتعب ويرمز بصورة خفية للتمييز بين الذكر والأنثى .

المراقب الدقيق لأمور كهذه يحسب أحياناً وكأن البشرية تمر عبر مؤامرة ذكورية صامتة ومتوارثة منذ ولادة الإنسان وحتى مماتهِ ، غايتها التمييز غير العادل بين الذكر والأنثى ، ( مبروك على الولد ، سيحمل إسم العائلة ) ، ( مبروك على البنت ، إنشاءالله المرة القادمة يكون صبي ) !!!!.
حتى الأسماء حين التركيز عليها نجد أن أغلب أسماء الذكور تدل على القوة والخشونة والهيمنة : جبار ، حيدر – وهو من أسماء الأسد - ، شمسي ، فاهم ، فيصل – من أسماء السيف - ، غانم ، مظفر ، باسل ، عادل ، مؤيد ، قادر ، نجيب ، مقداد ، صارم ، صدام ، وعندما نُراجع أسماء الله الحسنى فسنجد أن الرجل إغتصب كل ما في الأرض من قوة لحسابه الخاص !!!. وعلى العكس .. نرى ان أسماء المؤنث رقيقة على الغالب ولا تحمل غير الأحاسيس والمشاعر ، وربما هو شيئ جيد وإيجابي : سحر ، قمر ، عطور ، زهرة ، بتول ، سرور ، رحاب ، ندى ، منى ، هيام ، أفنان ، نغم ، ناهد ، نازك ... الخ .

المقصود من كلامي أن عملية التحضير لهيمنة الرجل على المرأة تبدأ منذ لحظة الولادة ، وتُساهم بصورة ذكية ومدروسة ومتوارثة مباشرة وغير مباشرة في بناء الفوارق الإجتماعية بين الرجل والمرأة ، وهي ليست فوارق بيولوجية كما يزعمون ، بل فوارق إجتماعية سرعان ما تزول في أقرب فرصة تُعطى للمرأة لتثبت للكل بأنها لا تقل شأناً عن الرجل الأناني المُستغِل ، وكمثال : أنظروا للمرأة الأميركية أو الأوربية التي تُشارك الرجل في أصعب المهمات ، المرأة في الجيش والشرطة وال ( أف بي آي ) وال ( سي آي أي ) وغيرها وغيرها ، وهنا بالضبط نعرف عن يقين بأن الفوارق البيولوجية ليس لها أية علاقة بقابليات المرأة ، وهي إنما تتعلق بالتنميط على أساس الجنس – ذكر وأنثى - ، أما بقية القصة فهي من تأليف وإخراج المجتمع الذكوري الباترياركي الذي يُحاول تمجيد الرجل بحيث حتى الله أصبح مذكراً !!!! ، ولا نعرف حتى لماذا !!؟ .

يقول السيد نعيم ايليا بأن معلومة ( المرأة كان لها السلطة على الرجل في بداية تأريخ المجتمعات البشرية ، هو ضرب من الخيال العلمي ، فليس لنا أي دليل على صحة هذا الزعم الذي روج له بعض علماء الإجتماع بالإعتماد على تفاسير واهية جاءت من علماء الآثار ) إنتهى .

وليس من باب السخرية لو قلتُ بأن السيد نعيم بحاجة ماسة للكثير من القراءات الجادة الشمولية لتأريخ الجنس البشري منذ عصر الكهف ولحد اليوم . والحقيقة أن كلاماً على عواهنه كهذا ليس مشكلة للناس أو للعلم والمعرفة ، بل هو مشكلة السيد نعيم ايليا ولا أحد غيره .
وبغض النظر عن شطحة الأستاذ المذكور أو - ربما – جهله بالتأريخ ، فسنورد بعض المعلومات البسيطة المستقاة من بواطن الكتب ، والتي هي في متناول من يطلب المعرفة .
في كل تأريخ وحضارات الشعوب الأرضية كانت هناك دائماً إلاهات من الأناث مثلت العصر الأمومي ، والتي بدأت في بلاد ما بين النهرين ومصر وإنتشرت في كل جغرافية الأرض ، وحتى قبل وجود الآلهة الذكور ، لأن مفهوم الأبوة كان ما يزال غامضاً مع غموض دور الرجل في عملية التلقيح !!!. وأغلب تلك الشعوب القديمة كانت لديها إلاهة أنثى كبرى ، خالدة ، كلية القدرة ، لا تتغير ، يوم كانت فكرة الأبوة مجهولة تماماً وغير واردة ، وكانت الأم الرئيسة ( ماتريارك ) تختار ما يعجبها من البعول لمتعتها الجسدية ، وليس لغرض ان يكونوا آباءً لأطفالها ، وكان رجال تلك المجتمعات يهابونها ويعبدونها ويُطيعونها .
وأغلب الحضارات القديمة تقول لنا بشكل أو آخر أن الأم الأنثى هي الأصل ، وحتى الأرض تعني الأم . وفي سومر التي هي أولى الحضارات الراقية ، كانت آلهة الأرض أنثى وتُدعى ( كي ) ، والمعروف أن أغلب شعوب الأرض تقول بأن الأرض هي أمنا ، كذلك يقول الشاعر الجاهلي أمية بن أبي الصلت :


والأرضُ معقلنا وكانت أُمنا
فيها مقابرنا وفيها نولدُ
وجاء في نص بابلي أن الآلهة عشتار هي : أميرة العالم – أدانتو – وذات المقام الأرفع بين كل الآلهة .
وفي الأسطورة البابلية الشهيرة ، يشطر الإله مردوخ الإلاهة تعامات – وهي رمز الآلهة الأم – شطرين ، ويصنع منهما الأرض والسماء ، وبهذا خلق مردوخ نظاماً كونياً جديداً تكون فيه السيادة للذكر !!!، ولا يخفى عنكم أن من كان يُمثل دور مردوخ في ذلك الزمن كان رجلاً أما من الكهنة أو من الحكام .
إرتبطت العبادة للمرأة منذ العصور الحجرية القديمة بعبادة الأرض ، كون كلتيهما ترمزان للخصوبة وإستمرار الحياة ، وطوال مرحلة الإنتقال من طور جني القوت إلى طور إنتاجه ، كانت عبادة الأنثى طاغية تماما على عبادة الذكر ، لأن الأنثى هي التي تلد وتُحافظ على إستمرار الجنس البشري ، ولأن دورها في العملية الإقتصادية لم يكن دون دور الرجل ، فمن المعروف ان المرأة هي التي إكتشفت الزراعة في العصور الحجرية الوسيطة ، وهي التي كانت تقوم بأعبائها في بداية الأمر ، بحكم كونها أكثر إلتصاقاً بالمكان – البيت أو المستوطنة – من الرجل الذي يسعى وراء الطرائد .

ولكن بعد إختراع المحراث في الوركاء - العراق حوالي سنة 5200 ق. م ، أصبح الرجل هو الذي يُدير حراثة الحقل ، وأصبح ( أيل – الثور ) الرمز الجديد للخصوبة والإنتاج ، وهنا تراجع دور المرأة كمعبودة إلى المرتبة الثانية بعد الرجل ، وطبعاً ذلك لم يتم بين ليلة وضحاها ، وبدون صراع مرير في أغلب الأحيان ، دام حتى العصر البرونزي . ( هذه المعلومات عن عبادة الأنثى من كتاب : جولة في أقاليم اللغة والأسطورة ، علي الشوك ) .

في كتاب آخر للكاتبة نوال السعداوي ( دراسات عن المرأة والرجل ) ، نقتطف بعض الفقرات من هنا وهناك :
ليس هناك اي دليل علمي في البيولوجيا أو الفسيولوجيا والتشريح ما يُثبت أن المرأة أقل من الرجل عقلاً أو جسداً أو نفساً .
أن الوضع ( الأدنى ) للمرأة فُرض عليها من المجتمع لأسباب إقتصادية وإجتماعية لصالح الرجل ومن أجل بقاء وإستمرار الأسرة الأبوية التي يملك فيها الأب زوجته وأطفاله كما يملك قطعة الأرض .
معطم علماء التأريخ والأنثروبولوجيا في العالم يُجمعون على أنه في المجتمعات البدائية كانت للأنثى قيمة إنسانية وإجتماعية وفلسفية أكثر من الذكر ، وإن الإله القديم كان أنثى ، وأنه قبل نشوء الأسرة الأبوية كان المجتمع البدائي أمومياً ، وكانت الأم الأنثى هي الأصل وهي العصب وهي التي يُنسب إليها أطفالها .
في الدين اليهودي وهو أول الأديان السماوية والتي نشأت أفكاره من القيم الإقتصادية التي سادت في ذلك الوقت ، وهي القيم الإقطاعية القائمة على ملكية الأرض والعبيد والأطفال والنساء ، وكان لا بد للرجل الإقطاعي من فلسفة وقيم اخلاقية معينة يدعم بها قيمهُ الإقطاعية والإقتصادية والإستغلالية .
وحينما أدرك الرجل أن المرأة أقدر منهُ - طبيعياً – على خلق الحياة الجديدة ( الحبل والولادة ) ، وإن قدرتها هذه أعطتها مكانة عالية في المجتمع ، هنا خرج لنا الرجل بقصة آدم وحواء !!!، وفي القصة ... سلب فيها الرجل من حواء قدرتها على الولادة وخلق الحياة الجديدة ، وأعطى نفسه هذه القدرة ، مُدعياً أنه هو الذي خلق حواء ، وإنها جاءت من أحد ضلوعهِ !!!!.
يعني أن الرجل لم يستطع يومها أن يخدع الناس بيولوجياً أيضاً ويقول بأن حواء ولدت من رحمهِ ، لأن الناس تعرف أن الذكور ليست لهم أرحام .
وعلى هذه القصة وغيرها كون الدين اليهودي فلسفته ومبادئه وأخلاقياتهِ ، فأصبح الرجل هو السيد في الفلسفة والأخلاق والدين لتدعيم سياسته الإقتصادية والإستغلالية ، وهكذا تصرفت بقية الأديان .

ولو شاء السيد نعيم ايليا إهمال أطنان المعلومات الموثقة الموجودة في مئات الكتب عن حقيقة تسيد المرأة في الحضارات القديمة ، فهذا شانه ، ولا عجب أن بعض الناس لا يزالون لحد اليوم يعتبرون أن الأرض مسطحة ، وإن الوصول للقمر كان كذبة أميركية كون القرأن يقول عكس هذه الإدعاءات !!!.

ويستمر الأستاذ نعيم ايليا بتعداد اسباب ضعف المرأة ، ومنها : ضعفها في فترات الحمل والولادة والطمث !!!، وهو شيئ غير منطقي أن تُنسب هذه الحالات الثلاثة لضعف المرأة ، إذ كيف يُفهم أن حمل المرأة للجنين – خمسة كيلوغرام أو أقل – يعتبر ضعفاً !!؟ ، في حين يتأفف معظم الرجال ويتقاعسون عن حلاقة ذقنهم لمدة خمسة دقائق يومياً .

في الفيديو أدناه مثال بسيط ومتواضع جداً لحقيقة أن المرأة ممكن ان تقوم بكل ما يقوم به الرجل لو أُعطيت لها الفرصة ، وهل تستطيع المرأة السعودية مثلاً أن ترقص وبقوة العضل كما تفعل الفتيات في هذا الفيديو ؟ ، طبعاً تستطيع لو أُعطيت الفرصة الكاملة التي أعطيت للفتيات في هذا الفيديو ، ولكن المرأة السعودية ( كنسبة كبيرة ) هي اليوم مخلوق مشكوكٌ بقدراته ، لأن أجيالاً من القمع الذكوري برمجتها على أن تكون ما هي عليه اليوم .

الفوارق بين المرأة والرجل هي فوارق في أعضاء التأنيث والتذكير ، وكل ما عداها هي فوارق وهمية ناتجة عن الإرث الذكوري المتحيز ، المبني على الإستحواذ والهيمنة والإستغلال ، والتي تم تحويلها بذكاء شرير إلى ثوابت دينية يحرسها ويُديمها المقدس والمحرمات والله ومن يمثله على الأرض .
وكل هذا سيسقط خلال بضعة عشرات من السنين القادمة ، لأن العلم والحضارة والعدالة في طريقها لإختراق سدود الرجال الذين شوهوا معالم هذا العالم الجميل .

http://www.youtube.com/watch?v=wtqzapmfS9c&feature=related