فساد خالتي ام علي



غالب الدعمي
2011 / 6 / 27

كثيراً ما أشعر بارتياح غامر، وأنا أتابع تصريحات السيد محمود عثمان، وهو يطرح آراءه التي لا يبدو من خلالها أنه متعصب أو متطرف، بل تراه ينتقد هذا وذاك وحافظ على شعرة معاوية قائمة، رغم أنها أضعف من أن تقف بوجه صدمة من صدمات السياسة العراقية هذه الأيام .
ولم أصادف أن التقيت هذا السياسي العراقي المخضرم يوماً، لكن أحتفظ عنه بذكريات من خلال شاشة التلفزيون كمراقب لا يشوب مخيلتي الشك بانتمائه الوطني رغم تعليقاته الكثيرة على المادة 140 من الدستور أو المناطق المتنازع عليها .
على أية حال ليس لمحمود عثمان علاقة بموضوع الفساد ، ولكن بشكل أو بآخر إن هذه الموضوع كثيرا ما يخضع لظروف بيئية واجتماعية وأحزاب وغيرها وذات مرة أصيب صديقي بجروح خطيرة في حرب النظامين العراقي والإيراني في ذلك الوقت وحاولت زيارة هذا الصديق جاهداً في مستشفى اليرموك التعليمي بعد أن اختلست برهة من الوقت من أستاذي في الجامعة لأزوره، حاولت كثيرا لكن كل محاولاتي باءت بالفشل أمام إصرار مدير الاستعلامات الذي كان واقفا كالطود الشامخ أمام محاولاتي سألت عددا من الأطباء ومدراء الأقسام والموظفين الذين يشير هندامهم إلى أنهم متميزون، هذا الموظف أصر إصرارا غريبا على منعي من الدخول لزيارة صديقي والأكثر من هذا، أبلغني أنه سيترك استراحته لكي يحرمني من الدخول .
أعتقد هذا الحارس الأمين بأني سريع الغضب وقليل المحاولة والصبر؛ لذا جلست أمامه، وبدأت أطيل النظر إليه باستغراب وتأمل لأزيد من غضبه ، نظراتي الطويلة التي استرقت النظر إليه جعلته يفقد الكثير من توازنه .
في الأثناء وقفت أمامي امرأة بلباس جنوبي ، مخاطبة أياي إن كنت أحتاج إلى مساعدة ...أبلغتها بأني بأمس الحاجة لزيارة صديقي ... تتبعتها بخطوات مترددة غير واثقة من حصول انفراج في الأمر، خلسةً مرت يدها لتقرص ساق الموظف المعني قائلة ... "ليش ما تعرف هذا ابن أختي " المهم لقد اعتذر وأبدى أسفه الكبير؛ لأنه لم يكن يعلم أن المدعو هو "ابن أخت أم علي " وفي ردهة الكسور سألني أحد الأطباء كيف استطعت الدخول قلت " أنا ابن أخت أم علي " في الحال هيَّأ لي كرسيا للجلوس مع كوب ماء، وحينما قررت الخروج قلت لذلك الواقف كالطود " أنا ابن أخت أم علي " ....قال أعلم " إحنة بخدمتك أنت وخالتك أم علي" .
في ذلك الوقت لم تكن هيئة النزاهة ولا مكاتب المفتشين العموميين ولا قيادة عمليات بغداد ولا غيرها من الأسماء ، لكن خالتي أم علي كانت تحكمهم .
تذكرت يد أم علي وهي تقرص ساق ذاك الرجل خلسة بعد أن واجهتني صعوبات في إنجاز معاملة شرعية قانونية وقلت لعل أم علي تنجدني في هذا الأمر بقرصة ساق أو بقبلة خد أو بعناق أو بأي شيء آخر يجعل رأس خالتي أم علي مرفوعا ومعاملتي منجزة .