من وأد البنات الى وأد النساء



وسام صابر
2011 / 7 / 15

بالرغم من إن مجتمعاتنا تؤكد بكل مناسبة وبدون مناسبة، إنا شعوب مسلمة مؤمنة بالله وبسنة رسوله، لكن المشكلة ان عاداتنا وتقاليدنا تتحكم بنا اكثر من تعاليم القرآن والسنة، ففي زمن الجاهلية كما هو معروف للجميع، ان اهل الجزيرة العربية كانو يقومون بوأد بناتهم، بسبب فقرهم او بسبب خوفهم من العار الذي قد تجلبه لهم نسائهم لو تعرضن للسبي.
فجاء الاسلام ونهى المسلمين عن ارتكاب هكذا جرائم وفعلا لم يقم اي مسلم بوأد ابنته منذ ذلك الحين. لكن الامر المحزن اننا بدأنا نمارس هذا الوأد بطريقة ملتوية، فمثلا النساء في الكثير من المجتمعات الفقيرة العربية والمسلمة، محرم عليهن ارتياد الكثير من الأماكن، ماعدا زيارة الأضرحة للبكاء كوسيلة وحيدة للترفيه عن النفس!.
فمجتمعاتنا ذكورية بكل ما للكلمة من معنى، اماكن الترفيه والمسارح والمتنزهات والسينمات لا يحق للمرأة ارتيادها، وان كان ولا بد فعليها ان تغطي نفسها من الرأس الى أخمص القدم. قد يعترض البعض ويقول ان الكلام الذي اقوله غير صحيح او غير دقيق! فاجيب انا اتحدث عن العموم . فبالتاكيد ان هناك نساء يتمتعن بحرية بممارسة الكثير من الأعمال الفنية او الأدبية، لكن بنسبة لا تتعدى 20%.
الامر الاخر هو قيام الكثير من الاسر بتزويج بناتهم وهن باعمار صغيرة تكاد تقترب من عمر الطفولة ليتخلصوا من مسؤوليتها. وان كنا نبرر لبعض الاسر الفقيرة هذا الأمر، فكيف سنبرر هذا للغير من الأغنياء او ممن على مستوى. ففي لقاء لابنة الرئيس المصري الاسبق انور السادات اكدت انها تزوجت بعمر الثلاثة عشر، بالرغم من القانون الذي حدد الزواج بعمر السادسة عشر فما فوق، فقد قام السادات بتزوير سن ابنته حتى تكون صالحة للزواج!
تحدثت عن الامر بحزن بالغ فقد انفصلت عن زوجها بعد مدة لانها لم تكن تفهم معنى العلاقة ومعنى المسؤولية بل انها قالت : سألت ابي هل هذا الرجل لديه جهاز التلفاز؟ فأجابني : نعم، هل سيسمح لي بالتفرج عليه ؟ قال: نعم. هل ساستمر بالذهاب الى المدرسة ؟ أجاب : لا. إذن أنا موافقة على الزواج. هل يعقل أن يكون هذا الرجل أب ومسئول عن عائلته، بل ومسؤول عن بلد كبير مثل (مصر) .
ونعود لديننا وكيف ان الرسول (ص) كان يحث على تقدير واحترام الأرامل، من خلال تزويجهن ومساعدتهن على تربية أبنائهن. لكننا نتعامل مع الارامل كما يتعامل بعض الهنود عندما كانوا يحرقون الرجل عندما يتوفى ويحرقون معه أرملته. وان كنا لا ندفنها مع زوجها لكننا ندفنها مع ذكرياتها وحزنها الى آخر عمرها. فالمجتمع يحرم عليها الزواج بحجج ومبررات، منها أطفالها من لهم، حتى لو حظيت بمن يحبها ويرعى أبنائها. ونستنكر عليها رغبتها بالارتباط والحب بإنسان آخر. بالوقت الذي لا ندين الرجل عندما يتزوج بعد وفاة زوجته ولو بوقت قليل.
فهل يمتلك الرجل مشاعر لا تمتلكها المرأة ؟ ام ان الاطفال من مسؤولية المرأة فقط ؟
ولا يقف الامر عند هذا الحد فقط، بل ان الارملة مطالبة بارتداء السواد ما بقي لها من عمر، وان ضبطت وهي مرتدية الالوان فذلك يعني انها ربما تكون و(العياذ بالله) على علاقة مع رجل آخر، وإنها نسيت ذكرى المرحوم! وجميعنا ننظر باحترام للارملة ان حبست نفسها في بيتها وغطت جسمها بالسواد، وعكفت على أولادها تربيهم وتعلمهم حتى يكبروا و يصبحوا رجالاً فيتركوها. لتصبح لهم حياة خاصة بعيداً عنها. لا أحد يعرف أو يريد أن يعرف معاناتها، وكأنها لم تكن ذلك المخلوق الذي هو كتلة من العواطف والمشاعر.