جميلة صيدم أم صبري جيل الانتماء الانضباط الوطني



فاطمه قاسم
2011 / 8 / 1

رحم الله جميلة صيدم "أم صبري" التي رحلت عن دنيانا في وقت نستعد فيه للتحدي الفلسطيني الكبير , و صعدت روحها إلى السماء, حاملة صبرها على صعوبة الوضع الفلسطيني , و المرض , و قد احزن أيامها أيامها كما الشعب الفلسطيني الانقسام الأسود الذي استطال بلا نهاية تلوح في الأفق , و جرحت قلبها الأوضاع الداخلية في حركة فتح , فتح التي كانت قيامة فلسطين , و حلمها المضيء , و وعدها المقدس , ماذا فعلت بها الأيام و قهقرتها حيث لا تكاد يلتئم فيها جرح إلا و ينفتح جرح جديد أخر.
عرفت جميلة صيدم " أم صبري " في النصف الأول من السبعينات في سوريا , في دمشق على وجه الخصوص , كانت دمشق و المنطقة كلها قد خرجت باعتزاز من حرب تشرين , و كنت في ذلك الوقت ما أزال في زهوه الصبا , و معتزة بضفائري التي قصصتها في احتفال فتحاري في مدينة إربد لجمع تبرعات لصالح الثورة , و أحتفظ في حقيبتي المدرسية بدفتر الأوتوجراف الذي كتب لي على إحدى صفحاته الصغير الرئيس و الرمز و الأب ياسر عرفات بضع كلمات بخطه الأنيق و قلمه الأحمر .
و في دمشق بدأت أتعرف على عالم فتح الواسع , المثير المبادر , فعملت في الكشافة مع الحاج مطلق , و مع الأشبال و الزهرات مع عبد السلام , و في تنظيم فتح مع جميلة صيدم , و في إتحاد المرأة مع أم جهاد , يا إلهي كم كانت فتح جميلة و نبيلة و وفية و فخورة بكل أنساب قبيلتها الكبرى , و حنونة على بعضها , و مهابة عند أعدى أعدائها , و عند أصدق أصدقائها على حد سواء , و مشعة بالأمل .
عندا تعرفت على جميلة صيدم "أم صبري" كانت قد احتملت صدمتها الأولى باستشهاد زوجها المناضل "ممدوح صبري صيدم " أبو صبري , عضو اللجنة المركزية لحركة فتح , و عضو القيادة العليا لقوات العاصفة , حيث أستشهد في العام 1971 , كان الجرح مازال حادا , و لكنها احتملته ببسالة المؤمنين , و كرست عمرها كله لابنها و أبنتها الوحيدين , و واصلت طريق النضال بدون كلل أو ملل , و كثيرة هي الذكريات عن تلك المناضلة الصابرة الدءوبة التي لم يهتز انتماؤها لحركتها في أصعب الظروف , و لم تتشتت روحها في مسارات أخرى , و ظلت نموذجا للانضباط الفتحاوي و الوطني مثل الغالبية الساحقة من أجيال الفتحاويين , مع أن الطريق كان وعرا في معظم الأحيان , و المتاهات تفتح أبوابها لمن يضله هواه أو يستجيب لوسوسات القوى الإقليمية و الأجهزة الأمنية الخارجية و كان لجميلة صيدم موقف قوي خلال الانشقاق الذي جرى في أعقاب خروجنا من بيروت , و قد كان خيارها صائبا , كما أستمر نشاطها الفتحاوي في مكتب التعبئة و التنظيم في تونس , و في الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية , و عادت إلى الوطن في العام 1994 لتكون عضوه في أول مجلس تشريعي جرى انتخابه في العام 1996 , نحن الآن في ظروف صعبة .
و نحن الآن في مفترق طرق
و حين يكون الأمر كذلك فإننا نتذكر كل الأخوة و الأخوات من أبناء حركة فتح الذين ظلوا على عهدها ثابتين , و على حلمها و مشروعها الوطني محافظين , و جميلة صيدم أم صبري هي واحدة من هؤلاء , من رموز الوفاء , من رعيل القافلة الأول , أدت ما عليها لشعبها و وطنها و قضيتها , و صعدت روحها راضية مرضية , فلها التحية و لها السلام .