دسترة اللاعنف، إلى متى...؟



حياة البدري
2011 / 8 / 11

"عيت منو ومن كل فصائله" أنا بعدا هزيت العلام البيض ويئست، تقول" أحلام"، أحد المستمعات بمراكز النجدة ، بنبرة يائسة ومتنهدة، وسط إحدى الاجتماعات الخاصة بالمركز، وهي تناقش العنف الذي لايزال يمارس على المرأة بكل أشكاله وأطيافه وتتغير صوره بتغير الزمان والمكان...

مستشهدة بالحالة التي أقبلت على المركز، السيدة " حادة" التي انتهت حدتها وحيويتها ، فور زواجها من زوج عدواني ومدمن...يمارس عليها كل أشكال التعذيب وكأنها في أحد غرف سجن أبو غريب أو معتقل تيندوف... يسجنها و يجوعها وطفلها، ولا يريد الاعتراف به ويطالبها حتى بأبسط دليل لوجوده، "ورقة التلقيح"، تحت طائلة الإكراه الجسدي والبدني... إلى أن جاءت هاربة برضيعها وهي تكاد يغمى عليها من كثرة الجوع والهلع إلى مركز النجدة.

وبحالة الأستاذة "حنان" أيضا، التي كانت رمز اللطافة والأحلام الوردية، بمستقبل مزهر، سرعان ماحول خرائطه ، أحد شخوص العنف ، التي تتحرك بكل حرية ببلادنا، تحت يافطة الانفتاح والمساواة... ذاك الممثل الصادق، الذي سرعان مايتغير ويثور ويبدأ في صب ألذع الصفات والقنابل اللسانية على زوجته وأطفاله، ويرسم على جبينه رقم 11 بشكل جلي، مباشرة بدخوله باب منزله، وكأنه أمام عدو لذود وليست زوجته وأبنائه، تاركا الوجه الآخر، المسالم، المتفهم،المبتسم و الكريم لدى أقاربه وزملائه ، ذاك الوجه الذي عرفته به زوجته أيام الخطوبة، والذي شجعها على الاقتران به، والذي سرعان
ما انقلب رأسا على عقب، وكأنه يحاول تطبيق فرضية السي السيد وإحدى قواعد العصور البائدة "أحسن وسيلة للدفاع: الهجوم والاستبداد وفرض الرأي الوحيد" وكأنه داخل لمعركة وليس إلى بيته ووسط أبنائه الذي هم في أمس الحاجة إلى ابتسامة نابعة من الأعماق ولمسة حنان ودفء عائلي والتربية على الكرامة والديمقراطية... وليس إلى حلبة أبطالها أطفال أبرياء و زوجة ينكسر جناحاها كلما حملقت في عني أطفالها...

إنه كالحرباء يتلون حسب العصور والأجيال...تقول أحلام ، فهو يطال كل أصناف النساء: الأميات واليتيمات والعاطلات والموظفات والمثقفات وحتى السياسيات، اللواتي يوجدن بمراكز القرار! فقد حضرت أحلام لإحدى الندوات الخاصة بالقانون التنظيمي والأحزاب السياسية وديمقراطية المناصفة، أية علاقة؟ فعادت المسكينة والألم يعتصر قلبها واليأس يسيطر عليها أكثر، نتيجة شهادات نسائية محزنة، إثر تدخلاتهن، التي عبرت عن قلقهن وتخوفاتهن من الهيمنة الذكورية ك: "النساء مسيرات وليست مخيرات داخل الأحزاب"، "المرأة يتلاعب بها ويؤثث بها فقط داخل الأحزاب"..."إنها صورة بدون صوت وقوالب بدون مضامين" هناك مبدأ مساواة وليس هناك تقنين لهذه المساواة وغيرها من الشهادات... وخصوصا شهادة تلك الدكتورة الجامعية والتي تدرس علم السياسة ويمارس في حقها التهميش والإقصاء !! والتي كاد صوتها أن يختنق ووجهها أن ينفجر من كثرة الاحمرار، نتيجة القلق والإحساس بالغبن والتعتيم ومحاولة التجاهل الذي مورس عليها بعدم إخبارها باجتماع مهم لحزبها... !

فرغم مستواهن الثقافي الكبير والمتقدم ومركزهن داخل البلاد… ورغم التغيرات الكبيرة التي تشهدها البلاد ... ورغم مبدأ المساواة التي جاء بها الدستور الجديد ، فهن لازلن تضعن أياديهن على قلوبهن ومتخوفات من عدم تقنين المساواة، إنهن لاتزلن منتظرات على أحر من الجمر... وحال سبيلهن يقل:" اللي عضوالحنش كيخاف من الحبل"...