الانتخابات البلدية: إماّ التأجيل لضمان مشاركة المرأة أو المقاطعة!



فايز شاهين
2004 / 12 / 2

إن المشاركة في انتخابات تستبعد وبشكل علني وفاضح نصف المجتمع يعني أنّ هذه الانتخابات تفتقد ليس فقط للنـزاهة والمصداقية والشرعية، بل أيضاً تخالف كلُ ما تعلّمناه عن حقوق الإنسان والمساواة وتخالف المعاهدات الدولية الرامية لمكافحة التمييز ضد المرأة والتي وقعّت عليها الحكومة السعودية.
في الوقت الذي يتم الحديث الإعلامي السعودي عن رغبة الحكومة في الإصلاح والتحرك إلى الأمام وأن العائق الرئيس هو "المجتمع المحافظ" الرافض للتغير، نرى أن العكس هو الصحيح، والدليل مشاركة المرأة قبل أيام في انتخابات الغرفة التجارية، وكذلك مطالبة النساء أنفسهن بالمشاركة في هذه الانتخابات. وما الحديث في المنتديات الثقافية النسائية عن وجوب مشاركة المرأة إلاّ دليلٌ أخر على الرغبة الموجودة، ولكن على استحياء بسبب الخوف من التعرض للعقاب.
الانتخابات البلدية بشكلها الحالي كانت ولا زالت محل نقد منذ الإعلان عنها، ولكن مع بداية تسجيل الناخبين في منطقة الرياض قبل أيام، علت الأصوات المطالبة بتعديل قوانينها، وأولها إشراك نصف المجتمع، المرأة. ثانيها، وهو أيضاً مطلب مُلِح وهو أن يكون جميع الأعضاء من المنتخبين بالاقتراع المباشر لا بالتعيين.
لقد انتظرنا كثيراً ونحن كشعب نطالب بالمشاركة السياسية في إدارة الدولة، ولكن الإصرار الحكومي لتهميش دور المواطن أدّى لعزوف الناس عن التسجيل لعدم مصداقيتها، والمطالبة بتغيير حقيقي لقوانين الانتخابات البلدية، لا أن تكون انتخابات صورية لتلميع نظام يخالف كل القوانين الدينية والعالمية التي تنبذ التمييز الطائفي والعرقي والتمييز ضد المرأة.
إذا كان سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي في تصريح له نُشر اليوم يرفض تهميش أي فئة من الفئات ويطالب بإشراك كل الأطياف السياسية والمذهبية العراقية في العملية السياسية، فعليه أولاً أن يطالب بإشراك المرأة في الانتخابات البلدية السعودية، بدل أن يتحدث عن العراق، على الأقل ليكون لكلامه مصداقية ووقعاً أكثر.
لقد تعوّدت الحكومة السعودية على النفاق والتحدث دائماً عن الشأن الخارجي دون الداخلي، والمطالبة بحقوق الآخرين في بلاد العالم، ولا تتحدث عن تهميش الأقليات والمرأة وبشكل فاضح جعل السعودية من الدول الأكثر تطرفاً والأولى في تهميش المرأة على جميع المستويات.
المطلوب باختصار هو أن يتم تأجيل الانتخابات البلدية إلى مدة معيّنة، ربما 6 أشهر أو أكثر إلى أن يتم تعديل القوانين المنظمة للانتخابات حتى تكون كالآتي:
1) أن يكون جميع أعضاء المجلس البلدي منتخبين انتخاباً مباشراً عن طريق صناديق الاقتراع.
2) إشراك المرأة في هذه الانتخابات مثل الرجل تماماً.
3) إشراك جميع المواطنين البالغين 18 عاماً فما فوق.
4) إشراك جميع شرائح المجتمع دون استثناء.
5) أن تكون صلاحية المجالس البلدية كبيرة وواضحة ومحددة، لا أن تكون استشارية فقط تفقدها السبب الذي وُجِدت من أجله.
إن المشاركة في انتخابات صورية بهذا الشكل لا يمكن احترام نتائجها، وفاقدة الشرعية، ولا تسيء فقط لسمعة الحكومة، والتي هي سيئة أصلاً، بل تُسيء لنا جميعاً كمواطنين، وتعني أننا أيضاً كما يُقال في المثل المصري "نصوم نصوم ونفطر على بصلة". كذلك المشاركة في هذه الانتخابات تعني أننا "الذكور" نؤيد هذا التوجه العنصري ضد المرأة ونرضى بتهميشها المجحف والمخالف للدين والقانون.