رؤية ثقافية لما يحمله لنا مؤتمر الأسرة العربية



ساسي سفيان
2004 / 12 / 7

" مشكلات الأسرة في ظل تعقيدات العولمة ‏"
بدأت في الدوحة بقطر فعاليات مؤتمر " نحو استراتيجية للأسرة العربية " الذي يستمر ثلاثة أيام بمشاركة واسعة من أفراد ومؤسسات إقليمية ‏‏ودولية إضافة إلى جامعة الدول العربية و الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي .‏
‏ ودعت إلى ضرورة بلورة استراتيجية للأسرة العربية مشيرة إلى أن ذلك يقتضي في ‏ ‏المقام الأول تحليل واقع الأسرة العربية من خلال رصد مؤشرات وضع الإنسان العربي .‏
‏ و أوضحت أنه من المهم كذلك أن تأخذ تلك المؤشرات في عين الاعتبار المقاييس ‏‏الخاصة التي من شأنها الكشف عن عوامل صلابة الأسرة العربية وتماسك بنيانها ‏وقدرتها على تمثيل واحتضان موروثنا الثقافية الأصلية واستعدادها للتفاعل ‏ ‏الديناميكي مع كل المتغيرات .‏
‏ إن نجاح المؤتمر لا يتوقف على النوايا الحسنة بقدر ما ‏‏يتطلب إرادة سياسية صلبة وثابتة وقناعة حقيقية تقومان على الربط بين النهوض بالأسرة وتحقيق التنمية ربطا مستداما مضطردا لا يتوقف مداه أو تأثيره عند حد ولا ‏‏حدث ولا يتأثر بالتقلبات السياسية .‏
‏ من جانبه أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في كلمة ألقاها ‏‏نيابة عنه السفير احمد بن حلي على ضرورة صيانة الهوية الوطنية وتنمية البعد ‏القومي والاهتمام باللغة العربية داخل الأسرة العربية .‏
‏ وشدد على ضرورة النهوض بالمرأة علميا واجتماعيا على اعتبار أنها تشكل عماد ‏ الأسرة .‏
‏ وقال عمرو موسى في كلمته " أننا نعيش في عصر متسارع التغيير ومتشابك القيم ومترابط ‏المصالح نتيجة للثورة العلمية والحضارية التي طالت كل مناحي الحياة ولنظام ‏‏العولمة بإضلاعه السياسية والاقتصادية و الأمنية والفكرية و الإعلامية " .‏
‏ و أعرب عن أمله في أن يشكل المؤتمر انطلاقة جادة ومساهمة إيجابية في وضع مضمون ‏ومحتوى يترجم بدقة و أبعاد المشاكل القائمة أمام الأسرة العربية والتخفيف من وطأة ‏ ‏التحديات .‏
ومن المقرر أن يناقش المؤتمر عددا من المحاور الهامة من بينها المنطلقات ‏ ‏الفكرية والثقافية والمنهجية لاستراتيجية للأسرة العربية والواقع الاجتماعي ‏ ‏والنفسي للأسرة العربية.‏
‏ كما يبحث تأثير العولمة على المكتسبات الاجتماعية للأسرة العربية والمنظومة ‏الثقافية و القيمية للأسرة العربية والواقع الاقتصادي للأسرة العربية وآليات ‏‏تمكينها.
‏ من جهة أخرى واصلت ندوة (التحولات الدولية الراهنة وتأثيرها في ‏‏مستقبل الخليج) فعالياتها لليوم الثاني على التوالي بمشاركة عدد من الباحثين ‏‏الكويتيين والعرب.‏
‏ وتناول الباحث البحريني الدكتور باقر النجار في ورقة عمل قدمها للندوة حول "تحديات العولمة ومستقبل الأسرة في الخليج العربي قراءة أولية " وضع الأسر في ‏ ‏منطقة الخليج .‏
‏ وقال إن العولمة ساهمت في خلق حالة اجتماعية جديدة يسكن فيها القديم مع ‏ ‏الجديد وتتعمق من خلالها مشكلات اجتماعية جديدة و أخرى طارئة و أحدثت خللا عميقا في ‏‏بنية الأسر و ووظائفها كما أنها عدلت من بنية ووظيفة ودور مؤسسة الزواج في ‏ ‏المجتمع .‏
‏ وأوضح أن التغيرات التي أصابت الأسرة في الخليج لا يمكن عزوها لقوى وعمليات ‏‏العولمة فحسب و " إنما فهمنا لذلك يقوم على حقيقة أن العائلة الخليجية تتعرض لضغوط ‏ ‏تكيفية كانت قائمة بالفعل في السابق إلا أن قوى و عمليات العولمة دفعت نحو ‏‏تفاقمها بدرجة كبيرة " .‏
‏ وبين أن هذه التغيرات لم تقلص من حجم وعلاقات الزواج في هذه المجتمعات إلا أنها ساهمت بشكل كبير في تعديل المتغيرات الفاعلة في تشكيل مؤسسة الزواج كما أنها ‏‏دفعت نحو بروز أو إعادة إحياء أشكال قديمة من الزواج .‏
‏ وفيما يخص تأثير العولمة على معدلات الطلاق ذكر أن الأرقام المتوافرة عن دول ‏الخليج العربي تشير إلى تنامي هذه الظاهرة خلال العقود الثلاثة الماضية على الرغم ‏ ‏من الاختلافات النسبية بينها.‏
‏ وقال انه على الرغم من هذه الاختلافات فان الدراسات المحلية تكاد تتفق على ‏ ‏حقيقة أن محدودية إتاحة المجتمع لفرص الاختلاط بين الجنسين في المرحلة السابقة ‏‏للزواج وربما بعده تعتبر أحد أهم أسباب ارتفاع معدلات الطلاق .‏
‏ و أضاف أن الأرقام تشير إلى ارتفاع سن الزواج في مجتمعات الخليج العربي مما ‏ساهم في تقلص عدد أعضاء الأسرة الخليجية حيث انخفضت معدلات الإنجاب والخصوبة في ‏‏معظم دول الخليج .‏
‏ واعتبر الدكتور النجار أن متغير دخول المرأة للعمل أحد الأسباب كذلك في تلك ‏‏التغيرات التي أصابت وتصيب الأسرة الخليجية حيث ارتفعت وبشكل كبير مساهمة المرأة ‏‏في سوق العمل في الخليج منذ السبعينات حتى الآن .‏
‏ وقال أن " خروج المرأة للعمل مهما كانت مجالاته وأسبابه إضافة إلى تلك التغيرات ‏‏البنيوية التي أصابت وتصيب الأسرة الخليجية سيؤدي إلى تكون وعي لدى المرأة بدورها ‏‏ومكانتها في المجتمع مما سيدفع نحو تكوين أطر تنظيمية نسوية تؤطر العمل المطالب ‏‏للمرأة بحقوقها السياسية والاجتماعية ".