بطاقة زفاف



زهير الأسعد
2011 / 9 / 29

بطاقة زفاف
ها قد كَبُرت و أصبحت ناضجة الجسد ، امتلئ صدرها حتى صار ثدياها كرمان وادي الريان*.
فبعد ان أكملت مراحل الدراسة الالزامية بتفوق ، دخلت الجامعة ، تخرجت بعد عناء الذهاب و الإياب بمواصلات عامة لا يمكن وصفها إلا بالمقرفة .
إن كان صحيحاً أنه لا يوجد غصن لم يهزه الريح ، فلا نخطئ عندما نقول ، أنه لا بد أنها خبرت الحب وتسترت عليه كَبَليّة ، ولربما أيضاً كان لها إختبارات ، فلجمت حاجة الجسد للذة أحيانا ، و احاين أخر أطلقت له العنان بصحبة فارس أو الخيال .
كان لها أسم على جداول الحضور ،الغياب و العلامات لأكثر من ستة عشر عام ، أ سم وهب لها آوان وصولها للوجود .
يعرفه ويعرف تاريخها كل القائمين على تعداد النفوس ، ديوان الخدمة المدنية ، ووزارة الصحة تحتفظ بسجلات عنها جسداً وروح .
كينونتها معلومة لدى الـUSAID وصندوق النقد الدولي وهيئة الامم ، حتى سائق الباص .
ها هي تبداء حياة العمل ، لتغدو كتاباً مفتوح للزملاء والزميلات ، ربما ستخبرهم بكل شيء ، بداية من إسمها وحتى مقاس اقدامها ، وماذا تريد من حقل الحياة و بماذا تحلم .
كأول فرصة تسنح لها لتقاضي راتب شهري ، يأتي العريس مُزكاً من الأقارب أو إ ختاروها له تحت ذرائع كُثر ، فيكون الرفض كإقتراف إنتحار وجلب لعار ، فَتُقّبَل به أو هي تَقبَل ليكون النكاح بداية رحلة الى المجهول والتجاهل .
هذة ليست قصة فتاة بعينها ، بل هي قاسم مشترك في احداثيات حياة 99% من إناث المجتمعات العربية الاسلامية .
ما يعنينا في هذا المقام هو مميزات كينونة المرأة كفرد إزاء حالة التناقض و التجاهل والتجهيل التي تفرض عليها ، والتي لا تبداء من بطاقة الدعوة للزفاف ، بل بالحقيقة لا تعدوا سوى مرحلة من مراحل ممتدة من المهد وحتى لأسلوب مواراتها تحت الثرى ، لأنها اضحت عادة ودين وقوانين .
قمة الغرابة في ما سلف لا تكمن في مجريات حفل الزفاف ، من عزل للنساء عن الرجال لمدة ساعتين أو أكثر ومن ثم إطلاقهن وأسمائهن لخوض معركة الحياة على مرأى ومسمع العالم ومن فيه ، بل في بطاقات الدعوة والتي عادةً ما تصرف للأقارب " اولاد الحموله " ومع ذلك يُخفى إسم العروس ويستبدل بنكرة ...." كريمته ".
ففي هذه البطائق تُحال العرائس الى نكرات لا أسماء لهن ، أما العريس " الذكر " فهو البطل ، يكتب اسمه بخط عريض دون تحفض او خجل ، كاسم نبي او زوجة نبي .
هنا لا بد للأسئلة ان تصرخ في عاقلة من له واحده
ألهذا السخف و التناقض والجهل قد وصل الفكر المجتمعي...؟؟؟
هل صار اسم الأنثى عورة أو من المحرمات ...؟؟؟
أم هي حرب سيكولوجية ضد فردية المرأة ...؟؟؟
أو هكذا يتمم التأكيد على أنهن سلعة متكررة متشابهه لا يحملن خصائص تميزهن عن بعضهن البعض حتى في الأسماء ، فحمده كعبير ووضحى كنور وكلهن سواء ...؟
أيُراد من هذا أن يقال لهن ، عندما تَكبُرنَ وتُصبِحنَ ناضِجات الجَسَد ولًكُنَ راتب شهري ، عندها سيكون لنا موعد للبدء في أستهلاككن ...؟؟؟
وصـــــــلــــــــــت الـــفــــكــــرة ؟
لا يفوتني هنا أن اقدم شكري واعتزازي للإنسانة التي أبت ان تُصير نكرة ، حتى ولو على بطاقة الدعوة لزفافها ، وبعثت لي والعائلة بواحدة . ليس لدي ادنى شك في أنها وبرغم أن تخصصها الدراسي لا يمت لتربية الطفل بأي صله ككثيرات في المجتمع المحلي ، إلا انها واحده من قلائل سينجحن في تربية أطفالهن على إحترام وتقدير الذات والآخرين .
*وادي الريان : أحد أودية عجلون-الأردن ، يشتهر ببساتين الرمان .