الأم العراقية العاملة.. واقع وحلول



صابرين فالح
2011 / 10 / 8

لا يخفى على أحد بأن أعدادا كبيرة من النساء في مجتمعنا يعملن موظفات او مهندسات او معلمات....الخ، فأصبح لا يستغني عن خدماتهن ودورهن الفاعل في النهوض بواقع البلد نحو التقدم والازدهار. لكن المرأة، في سبيل خروجها للعمل وأداء واجبها على الوجه الأكمل، تعاني الكثير من الصعوبات والمعوقات التي تعرقل مسيرتها العملية وتعوق تقدمها في عملها بالصورة التي تنشدها، ويريدها منها المجتمع. ومنها اضطرارها لترك أطفالها من دون رعاية أو اهتمام من قبل شخص تأتمنه عليهم، خصوصا إذا كانوا صغارا جدا ولم يبلغوا سن الدخول إلى المدرسة، وتعد من أهم المشاكل وأكثرها مصدرا لقلق المرأة العاملة وتوترها.
ماذا تفعل المرأة في مثل هذه الحالة؟ وكيف تستطيع التوفيق بين متطلبات عملها وضرورة رعاية أطفالها والاهتمام بهم؟ وهل ستختار عملها ام تبقى في البيت لرعاية الأطفال والأشراف على أمورهم؟ هل من حلول تقترحها لمعالجة هذه المشكلة لتتفرغ لعملها ووقته المخصص من دون الشعور بالقلق والتوتر على أطفالها؟
كل هذه الأسئلة توجهنا بها الى مجموعة من النساء العاملات لنعرف آراءهن بشأن هذا الموضوع، ولنحاول من خلال مقتراحاتهن الوصول الى حلول نعتقد أنها ستكون ناجعة لهذه المشكلة التي تعدّ العبء الأكبر الذي تعاني منه المرأة العاملة:

* تقول خلود رشيد (معلمة): فعلا من أهم مشاكلي التي تؤرقني كثيرا مع بداية كل عام دراسي، منذ ولادة طفلي قبل ثلاث سنوات، هي كيف سأذهب للعمل وأين يمكن أن أترك طفلي، ومع أني أسكن مع أهل زوجي، الا أنه لا يوجد بينهم من استطيع ترك طفلي معه؛ لكبر سن والدة زوجي، وعدم قدرتها العناية بالطفل، لذلك أضطر أن أذهب بطفلي واتركه مع والدتي رغم بعد بيت أهلي عن بيتنا والمدرسة، لكن لا حل آخر أمامي الا هذا، ولا أستطيع بكل الأحوال ترك عملي، لأن دخلنا يعتمد على ما أتقاضاه من راتبي بشكل كبير.

* أما أمل جبار (موظفة) فتقول: لقد كان لخروج المرأة إلى العمل والمشاركة في مسيرة التنمية جوانب إيجابية عديدة، ولكن هذا الخروج لم يخل من بعض الآثار السلبية على المنزل والأسرة. فدخول المرأة قطاع العمل الحكومي أدى إلى خضوعها إلى نظام الدوام الحكومي المتمثل بواقع سبع أو ثماني ساعات في اليوم الواحد مما اثر سلباً على المنزل وأدى إلى المشاكل، ومن أبرزها ما يخلفه تركها لأطفالها بدون رعاية ومسؤولية، وأرى أن عمل المرأة اليوم من الضرورات وليس للترفيه او التسلية، لذلك لا بد من وجود حل جذري لمساعدتها في تجاوز هذه المشكلة.

* تشاركها الرأي سعاد عبدالقادر وهي مهندسة معمارية فتقول: عمل المرأة اليوم من أساسيات المجتمع المتقدم ووجودها بجانب الرجل ومساعدته صار ضرورة ملحة لذلك ينبغي على الجهات المعنية تدارك وحل المشاكل التي تعيق عمل المرأة، وأهمها ترك أطفالها، وهم بحاجة إلى رعايتها واهتمامها.

* فيما نجد ان بعض النساء العاملات لا يعانين من المشكلة ومنهن هند محمد التي تقول: أنا والحمد لله أعيش مع والدتي في بيتها واترك طفلي معها لذلك لا أعاني كثيرا من هذه المشكلة، ولكن كثيرات من زميلاتي يعانين منها ويجدن صعوبة كبيرة في حلها، أما لعدم توفر المال الإضافي اللازم لترك أطفالهن في دور الحضانة المتخصصة برعاية الأطفال. أو لأن بعض الأمهات لا يثقن بهذه الدور، وأرى أن حل هذه المشكلة ليس بالشيء السهل ويعتمد بشكل كبير على توفر المال اللازم والجهد المضاعف من قبل النساء العاملات لإيجاد بدائل عن وجودهن مع أطفالهن أثناء غيابهن. * بينما تقول بسمة فاضل: أكثر المشاكل التي تعاني منها المرأة العاملة هي اضطرارها لترك أطفالها أثناء عملها وعدم وجود من يرعاهم أثناء غيابها وقد يتعرضون أثناء ذلك للكثير من الأخطار والصعوبات التي لا يستطعون، لصغر أعمارهم، التعامل معها، ولكن المرأة العاملة ولعدم وجود البديل تجد نفسها مضطرة في بعض الأحيان إلى تركهم رغم معرفتها مقدما بأخطار ذلك ومشاكله، ولكن ما باليد حيلة مثلما يقولون.
إن ترك المراة العاملة لأطفالها من المشاكل الخطيرة التي لها انعكاساتها الآنية والمستقبلية على الأم والطفل على حد سواء، ولا ينبغي الإستهانة بها بأي حال من الأحوال ويجب على المختصين والمسؤولين ايجاد الحلول والبدائل الكفيلة لحل هذه المشكلة التي تؤرق الكثير من النساء العاملات وتمنعهن من القيام بعملهن على الوجه الأكمل والابداع فيه. ومن الحلول التي اجمعت النساء العاملات على اقترحها: ايجاد حضانة داخل دائرة الام العاملة لرعاية الطفل، على ان يكون المكان خاضعا لشروط صحيّة تفرضها الجهات الرسمية المختصة، ويتوفر على عدد من المربّيات اللواتي تلقين محاضرات في مجال التربية والاعتناء بالأطفال حسب سنّهم وما تستحقه كل فترة عمريّة، مع برامج تعليميّة وتربويّة وترفيهية. أو منح الام العاملة مخصصات اضافية تعينها على ادخال اطفالها في الحضانات الاهلية. او منحها راتبا كاملا عن مدة اجازة الامومة. فضلاً عن إعطاء المرأة العاملة الحق بإجازات إضافية تكفل لها توفير العناية والرعاية التي تستحقها عائلتها منها حتى نضمن تحسين عمل المرأة وأدائها من دون أن يخل ذلك بواجبها الأساسي، وهو دورها كأم ومربية لأجيالنا المستقبلية القادمة.