لا زلنا في واد ٍ غير ذي زرع



بلقيس حميد حسن
2011 / 10 / 13

منذ سقوط النظام السابق حتى الآن وشعب العراق يتشوق لحصاد يتناسب وحجم التضحيات التي قدمها, ولازالت المرأة العراقية تنتظر فسحة حياة, وهي التي ضحت بأعز ماعندها وهو فلذات اكبادها في الحروب والصراعات والوقوف بوجه الطاغية, أو في الاحتلال والارهاب, فيقتل من يقتل تحت التعذيب او في كواتم الصوت او في سوح الحروب التي دمرت البلاد وكانت اتونا مرعبة لا تشبع من دماء الضحايا . كما انها قضت سنوات طويلة وعلى مدى عقود من الأحزان والحرمان والضيم الذي لا يقاس, حتى كسر العراق الرقم القياسي بعدد الأرامل والثكالى واليتامى والبائسات بلا معيل اوعمل.
وحين الحديث عن اي بلد لابد وان نأخذ أضعف من فيه لنقيس درجة عافية ذاك الوطن ومدى استقرار شعبه, والأطفال هم الفئة الأضعف والمستحقة للرعاية اكثر من سواها في كل مجتمع بشري, لكننا نقرأ ونسمع بكل مشاعرنا المتألمة يوم 30-6-2011, , ماجاء في تقرير منظمة الامم المتحدة للطفولة" اليونيسيف " محذرا من الكوارث المسلطة على أطفال العراق,حيث جاء في التقرير:
"ان هناك نحو 3.5 مليون طفل عراقي يعاني من الفقر وبأن 1.5 مليون طفل تحت سن الخامسة يعانون من سوء التغذية, ويموت نحو 100 رضيع يوميا في البلاد".
فهل هناك ماهو اسوء من هذا في بلد غني ؟
لقد رأى العراقيون كل الأهوال لسنوات طويلة, وهاهم يرون كل الفساد الذي بالدنيا ليكون شعب العراق من أسوء الشعوب, لكثرة مافيه من فساد حسب الاحصائيات العالمية, فما أتعسنا وما أقسى ذلك الخنجر الصديء الذي يغطه الخبر بين اضلاعنا نحن أهل العراق وحاملي لونه, وطعمه, وتاريخه, وقهره الأزلي.
من هنا لابد لكل عراقي أن يكون مراقبا وناقدا بين الفترة والاخرى لأداء الحكومة العراقية ومؤسسات الدولة والبرلمان, وان لا يصمت لكل قمع مهما كان السبب, فنحن اليوم في وضع لا نحسد عليه قياسا فيما يجري بالعالم, ومن الضروري ان لا نقارن حياتنا بماهي عليه في الفترة المظلمة من حكم الطاغية, انما نقارنها بحياة الشعوب الحرة وماعندها من العزة والحرية والكرامة والرفاه, لابد وان نقيس اليوم حياة شعبنا بما لديه من موارد طبيعية تستطيع ان تجعله من أغنى الشعوب, عندها نعرف اين يكمن الخلل والفساد لنقضي عليه.
فمامعنى منظمات المجتمع المدني التي تتنتشر في كل مكان من العراق, والتي ينتمي اليها كل من هب ودب حتى بعض المجرمين والقتلة؟
ومامعنى وزارة حقوق الانسان؟
ومامعنى وزارة العدل؟ ومامعنى وزارة الاسكان والأطفال يتشردون ويكونون طبقة اطفال الشوارع؟
ومامعنى وزارة الصحة وهذا العدد من الموت اليومي والمرض الذي يحصد اطفالنا ليشكل كارثة معترف بها عالميا تنتظر من يعالجها ولن تجد؟
جميعنا نعرف ان هناك من يخلط الأوراق ويحاول تعقيد القضايا التي تتبلور أحيانا من خلال تلمس الناس للحقائق وانكشافها ولو بعد حين من حصولها, وجميعنا يدرك حجم المصالح التي تطمع بها جهات ودول وأحزاب دونما النظر لمصلحة الشعب, ولكن , لابد لنا من سؤال هام وهو:
حتى متى نسلـّم بان التقصير سببه الأعداء, ونعلق على مشجبهم كل النواقص والأخطاء؟ ومتى يتم القضاء على هؤلاء الأعداء؟ واين كل التدابير الأمنية والاحترازية التي يتوجب على الحكومة الأخذ بها لاشاعة الأمان والعدالة الاجتماعية؟
من البديهي ان كل مايقع على الانسان العراقي يكون مضاعفا على المرأة التي تشكل الغالبية من ابناء العراق, وهاهي بنت العراق تعيش القهر وعدم فهم دورها واهميته في البناء بتراجع نظرة المجتمع للمرأة كنتيجة حتمية لكل التراجع الذي طال حياة الناس على كل صعيد, وحينما حصلت المرأة على نسبة في البرلمان وفرحنا بهذا العدد, أ ُسقط بأيدينا بأن اغلبية البرلمانيات ممن لا يؤمن بمساواة المرأة بالرجل ولا يرغبن في حريتها وحركتها واثبات وجودها الا على طريقة القرن السابع الميلادي, حتى لكأن المشهد اليوم هو انقسام النساء العراقيات الى قسمين قسم يجلس في البرلمان, غالبيته من المحنكات" والمحنكة ليست من الحنكة السياسية, انما تعني من تغطي حنكها ", وهذه الكوكبة تحظى برواتب ممتازة ومكانة اجتماعية مرموقة اغلبهن يرتبطن برجال سياسة مرموقين في الحكومة.
والقسم الآخر هو من النساء النادبات حظوظهن من الثكالى والأرامل اللواتي احترن بتدبير لقمة العيش لعيالهن والشاكيات من الحصة التموينية وعدم كفاية الرواتب والتقاعد, أو الجالسات في الاكواخ والخيم البائسة من المشردات والمتسولات, أو الشابات اللواتي عثر بهن الحظ وسقطن في فخ الرذيلة وينتشرن في دول عربية معروفة, حتى صرن مادة لكتـّاب المسلسلات والتمثيلات العربية, وهن ايضا ضحايا كل من ساهم بافقار العراقيين وافساد حياتهم على حساب مكانة سياسية ومصلحة مادية.
هذه هي الصورة التي نراها بشكل مستمر على شاشات التلفزيون والتي تنطق بالحقيقة, مهما كانت نوايا القناة التي سلطت الضوء عليهن.
اذن ألا يحق لنا ان نسأل ماذا فعل البرلمان للشعب العراقي, والبرلمان هو أعلى سلطة تشريعية في البلاد؟
وماذا حصدت المرأة من كلمة الديمقراطية التي تتكرر كل يوم, عشرات المرات, على السنة أعضاء الحكومة العراقية؟