نوال السعداوي اكبر من جائزة نوبل



سيدة عشتار بن علي
2011 / 10 / 14

اهداء:الى رمز الفكر الحر:الدكتورة المناضلة نوال السعداوي


حين كتب الاب الروحي لجائزة نوبل ,مخترع الديناميت السويدي الفريد نوبل وصيته وقام بتوثيقها في النادي السويدي النرويجي سنة 1895كان يعتقد ان وصيته ستنفذ بامانة وان تكريمه الرمزي سيكون من نصيب من يستحقه ,لكن ما اثبته تاريخ هذه الجائزة على مدى مائة عام او تزيد انها كثيرا ما افتقدت الى النزاهة وذلك باعتماد المشرفين عليها المحاباة ومحاولة التاقلم مع الظروف السياسية التي يشهدها العالم
كيف???
تاريخ هذه الجائزة حافل بالسجالات والانقسامات فكثيرا ما وقع التشكيك في حياديتها ومصداقيتها خاصة في مجالي السلام والاقتصاد حتى ان دول الكتلة الاشتراكية والاتحاد السوفياتي كثيرا ما اعترضت ووجهت اصابع الاتهام للمشرفين على تسليم جائزة نوبل فهم كثيرا ما يلجؤون الى المحاباة والتناغم مع الاوضاع السياسية,ففي مجال الاقتصاد كانت الجائزة غالبا ما تكون من نصيب اصحاب الفكر الاقتصادي الراسمالي
اما في مجال السلام فان الافتقاد الى المصداقية كثيرا ما غلب على اللجنة المؤمنة على الجائزة والادلة على ذلك كثيرة
يقول (اسل سفين)المؤرخ المتخصص في جائزة نوبل ان الجدل الاول كان في1906عندما منحت الجائزة لتيودور روزفلت الذي كان من دعاة سياسة (العصا الكبرى) رغم وساطته في الحرب اليابانية الروسية
اما في 1919فقد كان جائزة نوبل من نصيب رئيس امريكي اخر هو (توماس وودروويلسن) الذي ساهم في وضع معاهدة فرساي التي اسست للحرب العالمية الثانية,فقد حصل ويلسن على الجائزة رغم المعارضة الشديدة لهذا القرار وتهديد احد الاعضاء المشرفين على الجائزة بالاستقالة
ومن احرج المواقف التي مرت بها تفاصيل تسليم جائزة نوبل هي انسحاب عضوين من اللجنة المكلفة بتسليم الجوائز,وكان ذلك عام1939 حين فاز بالجائزة (كارل فون اوستسكي
الذي كان معتقلا باحد معسكرات الاعتقال النازية لمناهضته لها,وكانت المفاجاة الكبرى حين عمد عضوين من اللجنة احدهما كان وزير الخاارجية النرويجي انذاك والذي اراد بقرار انسحابه التنصل من مسؤولية تسليم الجائزة لمناضل من مناهضي النازية,وكان هذا الانسحاب دليلا اخر على ان المشرفين على الامانة كثيرا ما اخلوا بمصداقيتها .ولو كان نوبل على قيد الحياة لالغى جائزته احتجاجا على مثل هذه الممارسات

اما الفضيحة الاكبر في تاريخ سجالات هذه الجائزة فقد تمثلت في حرمان غاندي منها وكان ذلك( الخطيئة الكبرى) للجنة المكلفة انذاك حسب تعبير( اسل سفين)المؤرخ الخاص بجائزة نوبل لان غاندي-والكلام لسفين-رجل السلام الاهم في القرن العشرين,ومع ذلك لم يفز ويا للاسف بجائزة نوبل.والجدير بالذكر ان القائمين على الجائزة ارادوا التكفير فيما بعد عن هذا الخطا الاكبر في حق غاندي بتسليمه الجائزة الا ان ذلك تعذر لان الجائزة لا تسلم الا للاحياء وغاندي كان قد غادر الحياة انذاك.ومع ذلك فان القائمين عليه مازالوا الى الان يكررون عمدا او سهوا نفس الاخطاء دون اعتبار للاهمية الرمزية التي وضعت بين اياديهم,فمن منا ينسى نكتة تسليم جائزة نوبل لباراك اوباما عام 2009 بتعلة نواياه الحسنة التي اثبتها خاصة اثر ارساله ل30الف جندي امريكي الى افغانستان قبل تسعة ايام فقط من موعد تسلم الجائزة.واعتقد ان المشرفين على جائزة نوبل خجلوا من تكريم جورج بوش فراوا ان يكرموا امريكا من خلال خليفته في الحكم
اما فيما يخص علاقة العرب بهذه الجائزة فقد كانت في الغالب محتشمة ان لم نقل شبه معدومة اذ كان العرب في اغلب الاحيان يلعب دور المصفق والمهلل والمهنئ للفائز بجائزة نوبل لكن هذا لا يعني ان المشرفين على الجائزة تذكرونا في بعض الاحيان ربما شفقة او رفعا من المعنويات بتسليم الجائزة لبعض الشخصيات العربية ,وكان النصيب الاكبر غالبا في الجائزة لمصر فقد تحصل عليها الرئيس انور السادات عام 1978 بعد توقيعه لاتفاقية كامب ديفيد كما حازها الدكتور محمد البرادعي الرئيس السابق للهيئة الدولية للطاقة الذرية,وتحصل عليها في مجال الادب الاديب نجيب محفوظ وقد كانت الفرحة عارمة انذاك بحصول نجيب محفوظ على الجائزة لكن ذلك لا يعني ان الجائزة الامانة تسلم بامانة .ومن يدري???ربما كان سيتسلمها حسني مبارك او زين العابدين بن علي لو لم تعصف بهما رياح الثورة.
وخلال الايام الفارطة تم الاعلان عن الفائزين بجائزة نوبل لعام2011 وكم تطلعنا الى ان تحظى شخصيات هامة بهذا التكريم فانتظرنا فوز ادونيس بالجائزة في مجال الادب لكنها كانت من نصيب الاديب السويدي( توماس ترانسترومر) وسبب حصوله على الجائزة حسب تصريح المشرفين هو انه (لخص الصور الشفافة واتاح لنا الوصول لواقع جديد)

اما المفاجاة الكبرى فقد تمثلت في حيازة امراة عربية على الجائزة وهي( توكال كرمان) لما قامت به من نضال في مجال حرية المراة وخروجها لمناهضة حكم علي عبد الصالح وهي دون شك تستحق التبجيل لذلك لكن المؤسف حقا هو حرمان الدكتورة نوال السعداوي من الجائزة فتاريخ هذه المراة الرمز حافل بالنضالات في سبيل الحرية بغض النظر عن القومية او المذهب او الاتجاه الفكري والسياسي ,فنوال السعداوي الملقبة بسيمون دي بوفوار العرب تكبدت الكثير في سبيل الدفاع عن قضاياها وقضايا المراة بصفة خاصة والانسان بصفة عامة.فالخاصيات التي اجتمعت في شخصية هذه المراة من النادر ان تجتمع في شخص واحد فهي الطبيبة والمحللة النفسية والكاتبة الروائية والزوجة والام .ولا يخفى علينا جميعا الثمن الباهض الذي دفعته الدكتورة نوال ,التي كثيرا ما حرمت من عملها ومنعت من نشر مؤلفاتها باعتبارها ثقافة هدامة كمايتهمها الرجعيون هذا بالا ضافة الى دخولها الى السجن في فترة حكم السادات بل ان ثمن نضالاتها دفعته حتى من حياتها الخاصة والعائلية ولذلك فان هذه المراة الرمز لا تكفيها جائزة نوبل لتقديرها حق قدرها
تحية الى الدكتورة المناضلة
ونقول لها جميعا انك في قلب كل مناشد للحرية فانت من الاوائل الذين وضعوا اصابعهم على اصل الداء بل انت اهمهم على الاطلاق ولذلك فانت اكبر من الجائزة وهنا اريد ان اذكر طرفة هتلر الذي كان يمنع اي الماني من قبول جائزة نوبل تعبيرا عن شموخه وانت ايضا شامخة