لخطاب الأول لمصطفى عبد الجليل،تحرير للوطن أم تحرير -للفحولة السلفية



عائشة التاج
2011 / 10 / 25

وصل عمر الثورة الليبية حوالي 8 أشهر عاش خلالها الشعب الليبي تحديات كبيرة جدا ومخاضا موجعا تمخضت عنه ولادة عسيرة بكل المقاييس .
وعاش معه العالم أجمع مسلسلا دراماتيكيا من الأحداث الملتهبة على أرض ليبيا طولا وعرضا وهي تفك أغلال اثنان و أربعون سنة من حكم القذافي التي طبعها مزاجه الغريب الأطوار و بنية ذهنية قد تصلح لقيادة مسرح بهلواني لا بلدا بحجم ليبيا وثرواتها
وساكنتها الطيبة .
وشكلت انتفاضة الشعب الليبي الشوكة الأكثر إيلاما وسط ورود اانتفاضات الربيع العربي الذي بدأ بالياسمين التونسي ثم الورد المصري وما فتئت أزهار مختلفة تنمو هنا وهناك في أفق استكمال الباقة التي قد تعلن اخضرار الأراضي القاحلة بفعل الاستبداد
وهي تنبت حقولا شاسعة من الحرية والعدالة والكرامة وما إلى ذلك من المطالب الجوهرية في حياة الشعوب الكريمة .
كان الحمل غاية في الاضطراب فجاءت الولادة عسيرة تطلبت عمليات قيصرية
جد معقدة رمت بالبلاد في رهانات تجاوزت حدود مطالبها الأولية ,
ثم ولدت ليبيا الجديدة يوم الخميس عشرين أكتوبر مع نهاية القذافي ذات الطابع المثير والدراماتيكي مثلما كان حكمه تماما ,
وكذلك جاءت زغرودة إعلان تحرير ليبيا ، تلفها غصة تشوش على انطلاق الصوت ووضوحه وامتداده من خلال طبيعة الخطاب المعلن لتحرر ليبيا من طرف رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل وهو يزف لليبيين وللعالم بداية عهد جديد بليبيا اختار أن تكون فكرته المحورية هو تحرير" الفحولة الليبية " من عقال الزواج الأحادي الذي كان قد قننه النظام القديم .
فأطلق العنان لتعدد الزوجات كهدية باذخة تمكنهم من الاستمتاع بغنائم الحرب إسوة بالسلف الصالح في التاريخ العربي المفعم إبداعا في ثقافة الحروب والمعارك : بإمكانكم يا ذكور ليبيا الزواج بمثنى وثلاث ورباع وفقا للشريعة الإسلامية ,وهلم جرا ….

لا أدري إن كان هذا القرار الذي دشن به السيد مصطفى وظيفته الرئاسية رسميا وعلنيا يجيب عن حاجيات سكان ليبيا هنا والآن ؟
هل يطرح مشكل تعدد الزوجات أولوية في سلم حاجيات دولة تحطمت بنياتها الأساسية نتيجة للمعارك الطاحنة طوال 8 أشهر ؟ أمن أجل هكذا حاجة مات 40 ألف ليبي ؟
وثكلت آلاف الأمهات و رملت آلاف الزوجات ويتم آلاف الأطفال وشردت آلاف الأسر
وفقدت آلاف الوظائف واغتصبت مئات النساء ووووما خفي أعظم
واعتقل آلاف الرجال والنساء وحرقت الحقول وحطمت البنيات والمساكن والعمارات ؟
أمن أجل هذا حصدت ليبيا آلاف الجرحى والمعطوبين والحمقى والمرضى والمصدومين ؟
أمن أجل هذا رسمت العديد من الأحلام والآمال والتطلعات ؟
أم من أجل هذا حبكت التوافقات والتحالفات والتسويات،والنزاعات و الصراعات ؟؟؟
أمن أجل هذا رهن مستقبل ليبيا التي اخترقتها مكرهة لا بطل قوى وتنظيمات واضحة وأخرى خفية ولن تخرج منها بدون غنائم في حجم "مساعداتها "ذات الطابع الرفيع المستوى ؟؟؟
ما أهمية تعديد الزوجات بالنسبة لرجال ليبيا أمام هكذا تحديات ؟؟؟
هل يجيب هذا المنتوج السياسي في طبعته الأولى لليبيا "الحرة " عن حاجيات مجتمعها
في شؤون النكاح أم هو محاولة لترميم ما قد يكون حدث أثناء معارك الحرب الأهلية من عمليات سبي للنساء والغنائم وما إلى ذلك من أمور لا شك أنها حدثت ولم يعلن عنها الإعلام بعد ؟ ولعل هذا المسكوت عنه رهن "ضمير " السيد مصطفى عبد الجليل وبعض زملائه الأتقياء " لدرجة أن "القرار نط في أول خطاب "رسمي" ؟
يبدو أن أمور الجنس والحرب جد مرتبطين وما يؤكد ذلك هو حرص الثائرين "المغوارين" على إيلاج سكين خشبي في "مؤخرة " رئيسهم بطريقة تعبر عن "هوسهم " بتطبيق هذا الفعل التعذيبي على معتقلهم ذي العيار الثقيل بروح قتالية شرسة تتجاوز أعراف الاعتقال غير مبالين بنتائج فعلتهم هذه إذا ما انفضح وهذا ما تم فعلا وتداولته الشبكة العنكبوتية بسخاء بالغ ,مما ساهم في تلطيخ وجه الثورة الليبية بشكل كبير إعلاميا
وكذلك سياسيا .

وتصر تيمة الجنس أن تلتصق بمراحل الثورة مؤثرة في اختياراتها السياسية,,,,
حيث انبثقت بقوة من بين ثنايا خطاب رئيس المجلس الانتقالي ,,,,
حيث تم الإعلان عن هذا القرار العجيب "ببالغ الحرية" وبدون أية مسوغات تبريرية ترهن تلقائيته .
انقذف على الطريقة القذافية في وجه "العالم" مثلما ينقذف الدم الساخن إثر طعنة مفاجئة ,قد يقوم بها شخص من طينة قذاف الدم ,
وبالتالي فلا زلنا داخل السياق القذافي ببهارات جديدة لليبيا الحرة بطريقتها الخاصة جدا
في تحديد مفهوم الحرية ,
فمرحى لفحول ليبيا بحقهم "الرسمي "والعلني" في تعديد الزوجات وبدون أي قيد أو شرط كما تنص على ذلك الشريعة الإسلامية ,
مرحى لهم بأهم "غنيمة للحرب " فليتمتعوا بالنساء ماطاب لهم
وما على نساء ليبيا إلا الامتثال لهذا القرار "الحر جدا " لأن إسلام هكذا ثوار يبشرهن بمركز "حوريات في جنات الخلد ونعم البشرى
أما فك أوثاق ليبيا من زواج المتعة بالناتو ومشتقاته الواضحة والخفية فتلك معضلة يستلزم حلها مزاجا لن يروق إلا بعد استكمال أعراس حفلات الزفاف المتتالية لفحول السيد عبد الجليل جل الله قدره .

فقط أخاف أن تدخل "ليبيا الحرة " في مسلسل من الأعراس "الزواجية" لن يكتمل إلا
وثروات البلد الباذخة تنساب عبر أنفاق خرائط غرب يلعب "لعبة الحنان " حبا في
النفط والشمس والسمك الغض ,
وكل ثورة و أنتم تتزاوجون ماطاب لكم ,,,,,تماما مثلما يحدث في الجنة ,

عائشة التاج , ‏25‏-10‏-2011