كلمة سمير عادل رئيس المكتب التنفيذي في مؤتمر المرأة والدستور الذي نظمته منظمة حرية المرأة في العراق في بغداد



سمير عادل
2004 / 12 / 16

مرحبا بكم أيها الأعزاء في هذه المناسبة. مناسبة تناقش فيها كيفية تثبيت وإقرار حقوق المرأة في المجتمع العراقي. واقصد حقوق المرأة على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

إن جميع القرارات والقوانين التي صدرت من قبل مجلس الحكم السابق مثل قرار 137 الذي تم إلغائه تحت ضغط الحركة النسوية ومن ثم تشريع قانون مشاركة 25% من النساء في إدارة الدولة وقوانين الأحوال الشخصية المستندة إلى الدين الإسلامي وغيرها ليس لها أية شرعية. أي بعبارة أخرى إن الصراع بين التيار اليميني الذي يريد دفع المجتمع العراقي قهقريا إلى الوراء من جميع الجوانب وبين التيار اليساري الذي يحاول تعريف جميع جوانب الحياة في المجتمع العراقي على أساس الهوية الإنسانية لم يحسم بعد. هناك تغيير يحصل لصالح التيار التحرري في العراق، إذ أن جميع القوى الموجودة على الساحة السياسية في العراق التي ادعت إن المجتمع العراقي هو مجتمع إسلامي وله تقاليد محافظة ولا يجوز التحدث حول المساواة التامة بين المرأة والرجل وحالت كثيرا دون مشاركة المرأة بنسبة اكثر من 25% في إدارة الدولة أي المرأة ربع الرجل وليس حتى نصفه من الجانب السياسي، نجد اليوم يدرجون ويعلنون في قوائم مرشحيهم للانتخابات المزمع تنظيمها في نهاية كانون الثاني من العام المقبل عدد كبير من النساء حتى من لدن التيارات الأكثر عدائية للمرأة مثل التيار الصدري وغيره..إن هذا يكشف إنهم بدءوا يشعرون بضغط التيار النسوي والتحرري في العراق، من جانب آخر يبين انه لا يمكنهم الصمود في الساحة السياسية وان يكونوا مقبولين عالميا ومحليا دون التنازل عن أهم معتقداتهم وهي المعاداة السافرة للمرأة.

إن إحدى نقاط ضعف الحركة التحررية في العراق وعدم قدرتها على ترك بصماتها بشكل نهائي على الساحة السياسية في العراق هي عدم ولوج المرأة في الميدان السياسي. نحن ندرك خطورة الأوضاع الأمنية وتصاعد وتيرة إرهاب التيارات الإسلامية ضد النساء بشكل خاص، بيد أن سكوتها وانزوائها سيحسم الصراع لصالح القوى اليمينية والإرهابية في المجتمع.

يجب أن ندرك إن الجميع في مركب واحد. لا يمكن التحدث عن حقوق المرأة دون إلحاق الهزيمة بالإسلام السياسي، لا يمكن التحدث عن تطلعات الشباب وأمانيهم دون فرض التراجع على الإرهاب والقوى الإرهابية، لا يمكن الحديث عن حقوق المثقفين والعلمانيين وكل من يريد أن يختار معتقده بكل حرية دون إلحاق الهزيمة بالتيارات القومية الشوفينية والإسلامية..

ودون إنهاء الاحتلال الأمريكي والقوى المتعددة الجنسيات التي تحتمي بقوى الاحتلال المذكور لا يمكن سن دستور علماني وغير قومي. إن قوى الاحتلال الأمريكي هي التي جلبت التيار الإسلامي السياسي سواء إلى سدة الحكم أو التي تبرر جرائمها تحت ذريعة محاربة الاحتلال. وبأشراف بريمر والإدارة الأمريكية ثبت البند السياسي بان المرأة ربع الرجل في إدارة الدولة في القانون الأساسي. والكل يتذكر تصريحات السيد جورج بوش عندما قال انه لا يمانع من تشكيل حكومة إسلامية إذا جاءت في الانتخابات. والكل يعرف أيضا أن مقدرات المجتمع وثرواته تسلم على شكل حصص للقوى الإسلامية وتغض النظر عن ميلشياتها ثمنا لكسب ولائها وإضفاء الشرعية على سياساتها في العراق. فلا مجال هنا للتحدث عن انتخابات حرة وميليشيات الأحزاب الإسلامية تسيطر على اكثر من نصف مدن العراق. أي إن الإنسان وحقوقه وبالذات المرأة لا تدخل في أجندة الإدارة الأمريكية في العراق. فليس للإدارة الامريكية أي مانع من تشكيل حكومة مثل ما هي موجودة في السعودية التي أول عنوانها اضطهاد النساء ما دامت تجلب الاستقرار الأمني والسياسي لمشروعها في العراق.

والجانب الآخر الذي اود أن أشير له في هذا المؤتمر هو الجانب العالمي للحركة النسوية في العراق. إن الحركة النسوية في العراق ليست منفصلة عن الحركة النسوية في العالم. إن مهام هذه الحركة في العراق كبيرة وعظيمة. على عاتقها مهمات جسيمة وان أي انجاز لها أو أي نصر سيترك أثره على مجمل الحركة في العالم. إن الأنظار موجهة اليوم إلى العراق وبالذات إلى الحركة النسوية. إن منظمة حرية المرأة في العراق دون أية مبالغة أو تهويل استطاعت إن تلعب دورا كبيرا في تسليط الأضواء على أوضاع النساء في العراق وان تربط آفاق هذه الحركة بأفاق الحركة النسوية في العالم. لذلك فان النساء في العراق ليست لوحدها تقارع الاحتلال والقوى الرجعية التي تعادي حقوقها ومكانتها في المجتمع. وفي نفس الوقت في حالة نجاح هذه الحركة في العراق في تثبيت فصل الدين عن الدولة والتعليم وقرار المساواة التامة بين المرأة والرجل ستكون وقعها مثل وقع الثورة الفرنسية أو ثورة أكتوبر في العالم. ستحذو الحركات النسوية في العالم العربي والمنطقة على حذو الحركة النسوية في العراق وستصعد من نضالاتها وحركتها المطلبية. أي يجب على قادة الحركة النسوية في العراق وبالأخص منظمة حرية المرأة في العراق أن تضع أمام نصب أعينها إن انتصارها سيكون انتصار للمرأة في الشرق الأوسط. وسيكون سن دستور علماني احد العوامل في كنس إرهاب الحركات الإسلامية من مجتمعاتنا. إن الحركة النسوية تستطيع أن تلعب دورا عظيما في هذا المضمار.

الجانب الأخير الذي أريد التطرق إليه هو آفاق هذه الحركة في العراق. إن انفصال هذه الحركة عن الآفاق القومية ونقد الدين بشكل لاذع من جانب امتهانه لكرامة المرأة وتحقيرها واعتبارها اقل من الرجل هو الضمان لان تدفع بنفسها إلى تحقيق جميع مطالبها. إن رفع راية المساواة التامة بين المرأة والرجل وفصل الدين عن الدولة والتربية وإقرار دستور علماني هي المطالب الأساسية التي ستكفل انفصال آفاق الحركة النسوية عن آفاق الحركات الأخرى. إن منظمة حرية المرأة في العراق استطاعت ومن خلال نضالها الدؤوب خلال اكثر من عام أن تسلح الحركة النسوية بهذه الآفاق، إن مهمتها اليوم هو تحويل هذه المطالب إلى مطالب جميع النساء في العراق.