كلنا عواهر !


مكارم ابراهيم
2011 / 11 / 4

من منا لم يشعر يوما من الايام بانه عاهر أو عاهرة؟
هل هناك امراة لم تشعر في لحظة بانها عاهر وتغتصب من قبل زوجها لان مشاعرها ماتت نحوه وهو يشتمها ويضربها في الصباح ويطلب جسدها وروحها في الليل ؟.
هل هناك امراة لم تشعر في لحظة بانها عاهر وتغتصب من قبل زوجها بعد أن ماتت مشاعرها نحوه ولاتستطيع الانفصال عنه بسبب الدين اوالاطفال او الاهل اوالمصالح المادية بينهم من شركات أو للحصول على الاقامة الاوروبية اوالجنسية الامريكية؟ .
هل هناك امراة لم تشعر في لحظة بانها عاهر وتغتصب من قبل زوجها بعد ان هددها بالقتل اذا انفصلت عنه وحين يحل المساء يطلب جسدها وروحها ؟.
وهل هناك رجل لم يشعر في لحظة بانه عاهر ويُغتصب من قبل زوجته بعد ان ماتت مشاعره نحوها لان روحه مع حبيبته البعيدة عنه ؟.
هل هناك رجل لم يشعر في لحظة بانه عاهر ويُغتصب من قبل زوجته لانه يقدم لها جسدا بلا روح ولامشاعر حيث قُتلت في الحروب والاعتقال والتعذيب؟.
هل هناك رجل لم يشعر في لحظة بانه عاهر لانه يخون زوجته أوحبيبته أو ينام مع نساء ُأُخريات؟
جميعنا يتجاهل بان العهر ليس فقط بالجسد بل ايضا بالفكر. من منا لم يشعر في لحظة بانه عاهر فكرياً ؟ يقول اشياء لايؤمن بها لانه يريد الحصول على نفوذ ومنصب مهم في الدولة او عند الرئيس والمدير؟ واول العاهرون فكرياً هو ذلك المثقف الذي يدافع في كتاباته عن حرية المراة ومساواتها مع الرجل وفي نفس الوقت يتهم اي امراة متحررة بانها عاهرة عندما لاتعجبه ملابسها او طرحها لقضية هي تؤمن بها .
فالعاهرة كلمة خلقها العاهرون لكي يدافعوا عن عهرهم .

لااحد منا يقلقه العهر الفكري الذي يمارس ضدنا يوميا ويَغتصب حياتنا الاجتماعية والجنسية والدينية يوميا .
فنحن عبيد فكريا لما تقدمه لنا القنوات التلفزيونية والصحف الحكومية والمستقلة نثق فيهم لمعرفة مايحدث حولنا في السياسة والاقتصاد والاجتماع نعتمد عليهم في اختيار طعامنا وملبسنا واثاثنا نعتمد عليهم في اختيار حكومتنا وساستنا نعتمد عليهم في تحديد الصح من الخطا في سلوكيتنا بما يقدموه لنا من برامج دينية ونتبع مايقوله الشيخ الفلاني و الامام الفلاني والقس الفلاني وبابا الفاتيكان. نعتمد عليهم في تغيير شكلنا بما يروه مناسبا للعصر الحالي من خلال برامج عمليات التجميل وقصص الاثرياء والمشاهير , نصدق مايعرضوه لنا عن العالم الخفي في السحر والجن نعتمد عليهم في فهم حياتنا و بيئتنا كالعبيد لهم فكرأ وجسدا وروحا.
هم يقررون لنا كيف نفكر ونتصرف دون ان نعتمد على النقد الذاتي للمعلومات التي يقدموها لنا . فافكارنا وابداعاتنا وحياتنا كلها ملك بيد الاخرين.
غالبيتنا يعتقد باننا اذكى من الانسان الذي عاش في العصر القديم. الا ان الحقيقية هي ان الانسان القديم أذكى منا لانه استطاع ان يتعرف على محيطه باعتماده على حواسه وتجربته ومحاولاته المستمرة , أما نحن فقد وكلنا هذه المهمة المعرفية لوسائل الاعلام التي يملكها الاخرين . ( مثل قناة الجزيرة وقنوات بيرلسكوني والسي ان ان والفوكس نيوز والفضائيات العربية والقنوات الحكومية المحلية والعديد منها).

ما الذي جعلنا نثق بهم ولانضع الحقائق التي يقدموها لنا موضع النقد والجدل الفكري؟هل هي ثقة منا بهم بسبب تجارب سابقة؟ ام هو سلوك اعتدنا عليه بسبب القمع الذي تربينا عليه في البيت والمدرسة والشارع والمجتمع ممنوع ان نتكلم ممنوع ان نجادل ممنوع ان نفكر ممنوع ان نخرج عن فكر الجماعة وسلوك الجماعة والا فنحن شواذ عواهرويجب معاقبتنا وتصفيتنا فكرا وجسدا.
ليس من الضروري ان يطلق على المرء عاهر لانه يبيع جسده مقابل مبلغ من المال فهو يمكن ان يكون عاهر عندما يبيع ضميره وفكره مقابل المال والنفوذ.
ربما جميعنا عواهر؟
يطلقون على المراة السافرة بالعاهرة ويطلقون على المراة التي تكلم الرجال بالعاهرة ويطلقون على المراة التي تلبس كما تحب بالعاهرة ويطلقون على المراة التي لاتطبق تعاليم الشريعة والكتب المقدسة بالعاهرة ويطلقون على المراة التي تختلف معهم في الراي بالعاهرة.
حتى التي يطلقون عليها بالزانية يطلقون عليها بالعاهرة وكانها اخذت مال مقابل ان تكون مع حبيبها فكان لها عقاب الدنيا والاخرة . هذا مانهتم به العهر الجسدي دون ان نفكر بمعاقبة العاهر فكريا الذي يلوث المجتمع باكاذيب من اجل ترعيب الناس وتغيب العقول للبقاء في حضيرة التخلف والدجل وكي نتجاهل جرائم السياسات الدولية التي تنتهك انسانيتنا وتغتصب حرياتنا وضمائرنا .

العهر الحقيقي الذي لانتكلم عنه هو العهر الفكري نبيع افكرا لانؤمن بها ارضاء للحزب الحاكم والزعيم الحاكم مقابل المال والنفوذ ندافع عن حكومة فاسدة اهلكت شعوبها بالفقروالامية والمرض . هذا هو العهر الحقيقي الذي يستحق الرجم بالحجارة حتى الموت.
الاعلام هو السايكوباثية الواقعية التي تغذي وباستمرار اللاوعي فينا بالخوف والرعب كحادثة 11 سبتمبر .
فالقنوات التلفزيونية والصحف التي يملكها الاثرياء لاتمثل سوى قنوات بربوغاندا محضة كلها اكاذيب اباحية.
كثير من الصحفيون باتوا عاهرون مهمتهم الكذب وتدميرالحقيقة يمكن ان يبع وطنه وشعبه وقوميته من اجل خبزه اليومي.

فالدولة تسعى كل جهودها لاخفاء الحقائق عن شعوبها وتنشر الاكاذيب في التلفزيون والصحف ونحن نصبح معاقون تماما عندما نشاهد ونقرأ حقائق مزورة.

اصبحنا لانتحمل مسؤولية التفكير بما يحدث حولنا كل منا يفكر بنفسه هذه اللليبرالية الجديدة جعلتنا كالقرد الاصم والاعمى والابكم ناخذ مايقدمه لنا الاعلام من حقائق مزورة دون ان نفكر في نقدها علميا.
ولكن علينا ان ننتبه الى نقطة هامة لااحد يحق له ان يقييم اخلاقنا . ضميرنا هو الصوت الداخلي في عقنا هو االمسؤول عن تقييم اخلاقنا هو المسؤول عن تحريضنا لفعل شئ نحن نؤمن به بغض النظر عن راي الاخرين وبغض النظر الثمن الذي سندفعه مادمنا نؤمن به.

علينا أن ندرك حقيقية جوهرية وهي مهما حاول الاخرين أن يقيدوا ايدينا وارجلنا لمنعنا من الحركة وتكميم افواهنا لمنعنا من الكلام فلن ينجحوا .
وعلينا ان ندرك بان الحياة في حركة مستمرة وكل شئ يتغير سواء رضينا ام لم نرضى فاما ان نشار ك بالتغيير او نجلس في مكاننا ويدعس علينا بالاقدام .

الزانية تعاقب بالموت لانها عاشت لحظات حب مع حبيبها دون أن تؤذي المجتمع بهذا . اما الحكام اللصوص وحاشيتهم ومواليهم ومدراء القنوات التلفزيونية وكل مثقف كاذب ومنافق جميعهم مسؤولون عن تضليل الحقائق بقتل الابرياء ومسؤولون عن فقر الشعوب وسرقة ثرواتهم الا يسحقون العقاب ا؟
واذاكان العهر الجسدي ثمنه الرجم بالحجارة فما هو ثمن العهر الفكري الذي يدمر شعوبا كاملة ؟ .
فمن يستحق ان يرجم بالحجارة ؟ العاهرة أم العاهر فكريا ؟
مكارم ابراهيم