ولم لا يبكينًّ عليه ؟!



ريم ابو الفضل
2011 / 11 / 17

إنما يبكى على الحب النساء
لا تبكى النساء على حبيب هجر وساء
ففى الحب رقى، وفى سموه العلياء
إنما البكاء على قيمة وأدها السفهاء
قد تراهم يسخرون من حب فى خيلاء
فأقول.. ويحكم فإن الحب شيمة النبلاء
ففى القلب سكن، وفى اللسان عذوبة، وللنفس سناء
فمن يعجز عن الحب، فهو والميت سواء
فقلبه صار آلة...وأضحى فقط يضخ الدماء

نعم...تبكى النساء على الحب
..ليس بكاء المنهزم.. بل بكاء المخلص، بكاء من أعطى فحُرم، وطبب فكُلم
تبكى النساء على الحب ..

لأن الحب قيمة عظيمة، وما يبكين إلا على قيمة أعدمت، أو شوهت

لحنو فى قلوبهن..لعظمة فى نفوسهن..لسمو فى أرواحهن

إن رقة القلب ليست عارا بل هى نعمة... ففى الدعاء اللهم رقق قلبى..ورقة القلب تحتم عليه إقراره للحب ..وسعته لكل محب

نعم يبكى على الحب النساء
...فالمرأة لا تستطيع أن تعيش بلا حب..لا يمكن أن تخلو حياتها من هذه القيمة بأى صورة من صورها

تبكى على ابن أرضعته عطفاً فعاقها
على زوج وهبته حباً فخانها
على أب توددت له قرباً فنكرها
على قريب..أو حبيب ودّع قربها

ف الحب الذى سخر منه قاتل زيد بن الخطاب فى معركة اليمامة وجاء لأخيه عمر بن الخطاب رضى الله عنه بعد إسلامه فقال له سيدنا عمر إنى لا أحبك حتى تحب الأرض الدماء
فقال الرجل أويمنعنى هذا حقى فقال لا...
فقال الرجل لسيدنا عمر "مالى ولحبك ..إنما يبكى على الحب النساء"

حتى صارت المقولة ضربا يستشهد به الناس فى رقة قلوب النساء، وكأن الأمر سبة ..أو للحب عارا، وللعقل دمارا

هذه المقولة كانت على لسان قاتل قبل إسلامه.. ومن يقتل نفسا فأعتقد إنه لا يعرف حبا..ولا يملك قلبا ولن يذرف دمعا ..ولا أعرف لماذا تنتشر هذه المقولة وكأنها قد ذكرت على لسان لقمان الحكيم
بل واختزال الحب فى علاقة بين الجنسين.. فالحب مفهوم متعدد الأبعاد..والشمولية

إن انتحار القيم أو وأدها ..وتشويه الشمائل أو فقدها..وانعدام الفضائل أو محوها

تستحق منا البكاء حتى النحيب...تستحق من الشمس أن تغيب..

وكيف لا يستحق الحب أن تبكى عليه البشرية من نساء ورجال!

أليس هو دافع الحياة ..ومحرك القلب..ومطهر النفس..

أليس الحب من جعل الرسول يهرع لبريرة مولاة السيدة عائشة يسألها العودة لزوجها الذى كان يبكى عليها حبًا وحزنًا لفراقها له غير مستنكر حب مغيث لبريرة
أليس الحب من جُعل له فى الجنة منزلة للمتحابين
ألم ترد لفظة الحب فى القرآن الكريم عشرات المرات فى علاقة المرء مع ربه ورسوله وأهله بكل صورها
ألم تكن حياة رسولنا الكريم مع السيدة عائشة بكل مافيها لمسات حب نبيلة مكشوفة أمامنا ؛حتى نجدها مثالا نحتذى به
ألم يبكِ الرسول على فراق زوجته وابنته
ألم يبكِ الفاروق المعروف بشدته فى الحق حتى على نصرانى رحمة به

إن الحب يروى القلب كما يروى الماء الأرض
فإذا منعنا عن الأرض الماء جفت وتصحرت
وإذا منعنا عن القلب الحب ..ستكون الحياة حادة كالنصل .. صلبة كالصخر.. خالية كالقفر..

إن البكاء على الحب لا أستنكره ..وإنما أستنكر بكاء على حبيب لم يصن هذا الحب، ولم يقدره، ولم يعِه
فبالحب نطهر نفوسنا..نغسل درن قلوبنا..ونخفف عبء أثقالنا...نزين برفقه أعمالنا

ليست النساء فقط من يبكين على الحب..
بل يبكى عليه كل ذى قلب