قصر موسى في لبنان



سربست مصطفى رشيد اميدي
2011 / 11 / 17

قصر موسى في لبنان ... الحكاية والعبر في الزواج


يقع قصر موسى في جبل الشوف بلبنان ، هذا القصر بني على شكل -- القلاع القديمة -- كما في العصور الوسطى . ويصل زائر القصر إلى الطابق الثاني عبر جسر صغير حيث يحاذي القصر خندقا مائيا جميلا ، ومن الطابق الثاني يمكن النزول إلى الطابق الأول عبر سلم لولبي ، حيث هنالك ساحة كبيرة أمامه , ويشرف القصر على واد جميل تملأه الخضرة الغناء والمناظر الجميلة. وللقصر باب آخر صغير ولكنه غير عال بحيث يضطر الشخص إلى الانحناء لدى الدخول إلى ذلك المكان . أنه تحفه فنية , او قطعة اثرية رائعة .

وقصة بناء هذا القصر تقول إن صاحبه الذي قام على بنائه و يدعى (موسى) مازال على قيد الحياة لهذه اللحظة التي نكتب فيها عن حكاية هذا القصر ، لقد كان هذا الرجل مولعا بحب فتاة في صباه حبا جما , كان طالبا عاديا في المدرسة . و من عائلة فقيرة، ويقال انه لم يكن تلميذا نشيطا ، وقد تقدم لطلب يد تلك الفتاة التي أحبها , ولكنها رفضته لفقره , ولأنها تنتمي إلى عائلة غنية.

هذه الحالة أثرت في نفسه كثيرا وأبى إلا أن يحقق أمرا يباهي به فتاته ، واعتقد انه لا يوجد شيء مستحيل مادام الإنسان يحمل من الإرادة والتصميم حتى يضع هدفه موضع التنفيذ . فقد قام بترك المدرسة وعمل لفترة في مهنة البناء في عدد من المدن اللبنانية ، ليوفر مبلغا من المال يسمح له بشراء قطعة ارض كي يحقق حلمه , و من ثم ببناء الدار ( القلعة ) وفعل ذلك فعلا بعد جهد ومثابرة .
ولحالته الفقيرة فقد اعتمد على نفسه فقط في بناء ذلك القصر ، حيث إن كل حجر في الدار التي انشاها قطعت ونحتت بيد ذلك الطالب العاشق الولهان -- موسى -- حتى اصبحت هذه القلعة -- قصر موسى -- و التي تم إكمالها بعد مرور (35) سنة .

ذاع صيته فيما بعد ولقب ب(موسى المعماري ) .

بمرور الأيام والسنين لم يتزوج موسى من هذه الفتاة، بل تزوج من أخرى وأنجب منها اولاد ، وأ صبح له أحفاد , الآن هذه العائلة تدير شؤون القصر .

ثم تحول القصر -- القلعة -- الى متحف يمثل فيه مشاهد يومية من حياة اللبنانيين في الماضي، ووضع فيه أنواع الأسلحة القديمة المستخدمة في لبنان والمنطقة .
وقد التقى موسى المعماري بالمرأة التي أحبها منذ زمن بعيد , بعد إكتمال بناء القصر ، ودخلت قصره ولكنه أبى أن تدخل من الباب الرئيسي ، بل من الباب الجانبي الصغير حتى تنحني أمامه لدى دخولها القصر ، ولتذكرها بكبريائها وتعاليها عليه ورفضها له في ريعان شبابه .
حكاية السيد موسى المعماري تذكرنا بعشرات ولربما مئات من قصص الحب في كردستان وربوع العراق المتناثرة و التي لم تثمر بالزواج ، نتيجة رفض أهل الفتاة للشاب الذي يتقدم لطلب يدها ، كونهم من عائلات فقيرة ولم يستطيعوا تلبية جميع متطلبات الزواج التي غالبا ما تكون كبيرة وباهظة التكاليف بسبب ضغط الوالدين والاقارب عليهما .

ونحن اليوم لا ندعو الشباب إلى الاقتداء بالسيد موسى المعماري لأنهم سيصبحون كهولا قبل أن يتمكنوا من الزواج ، على الرغم من أن حكايته فيها الكثير من العبر من حيث التصميم والإصرار على بلوغ الهدف الذي يضعه الإنسان نصب عينيه كانت صعوبتها ، والسنوات الطوال الذين يقضي الإنسان من عمره في سبيل الوصول إلى مبتغاه .
ولكني ادعوا الفتاة الكردية بشكل خاص او العراقية بشكل عام إلى ترك بعض العادات السيئة والمتفشية في عملية الزواج ، وفي مقدمتها إثقال كاهل الزوج بطلبات كبيرة ، حيث للأسف إن الفتاة مهما كان مستواها العلمي والثقافي نراها تطلب تجهيزها بأنواع وأشكال غريبة وعجيبة من الحلي الذهبية والتي تكلف الزوج مبالغ باهظة ، ولربما تؤثر على المستوى المعيشي للعائلة الجديدة ، وقد تحولن البعض منهن إلى طلب الحلي الماسية بدل الذهب وذلك زيادة في التباهي والتفاخر فيما بينهن . وقد يرد البعض بان الذهب ضمان لمستقبل الزوجة وأولادها في أيام الضيق ، ولكنه قول خاطئ لأنه لو كان الهدف من ذلك هو ضمان المستقبل ، أليس من الأصلح طلب شراء شقة سكنية أو قطعة ارض من الزوج وتسجيله باسم الزوجة ؟ لتكون ضمانا لها ولأطفالها من غدر الزمن أو الزوج نفسه .
ولابد علينا التنويه بان هذه العادة قد قلت كثيرا بين أهالي محافظتي أربيل والسليمانية في كردستان العراق وباقي محافظات العراق ولكنها ظلت على حالها بين أهالي محافظة دهوك ، وتشمل اغلب مناطقها وقصباتها ، والتي لابد من دراستها من قبل الاتحادات الشبابية والنسوية لإيجاد الحلول المناسبة لها .
دعوة لكل فتاة ما تزال مقتنعة بهذه العادة أن تزور قصر موسى في لبنان لعل فيها موعظة حسنة.