هل من مناد ينادي بمكافحة العنف ضد المراة الاهوازية؟



إلهام لطيفي
2011 / 11 / 26

في ظهيرة يوم 24 نوفمبر الخريفية ... يروق لي ان أكتب و أن اواكب يوم 25 نوفمبر اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد المراة وبرغم جميع انشغالاتي ... أجلس أمام الحاسوب لكي اخط ما يدور في خاطري تتكرر المشاهد امام عيناي عما اقرأه كل يوم من تقارير و اخبار عن العنف ضد المراة في العالم ... تقف «صديقة» تلميذتي بمدرسة أم سلمه في الاهوازجنب الحاسوب وبشراستها الاعتيادية تتابع رقص اصابعي علي لوحة المفاتيح و بنظراتها البريئة تحاول جر عنان فكري كي اكتب عنها ... تخشي نظراتي المتفقدة لها و تهرب بعيدا بعيد كهروبها من سكاكين اقاربها كي لا تلقي حتفها علي ايديهم مرة اخري ...تأتي «هاجر» الفتاة التي لم يتجاوز عمرها ال 14 حين تم حرقها بذريعة الشرف لهيب النار يعم شاشة مخيلتي ولم يترك لي اي مفر من رواية قصتها... انكت رماد ذكراها عن ذاكرتي لأواصل... تلوح لي «رغد» عروسة الثالث عشر و الفستان الابيض التي كان يسحل ورائها في ليلة الزفاف و التي لم يتم تصغيره حتي و ما حلت عليها من مصائب بعد زفافها ...تصيح «نجات» الفتاة التي تم وأد ها علي يد ابيها قبل حوالي خمس سنوات والتي عثرت الشرطة علي جثمانها بعد اثنان وعشرين يوما ... تبتسم لی طفلة نجات ابتسامة لیس للسعادة سبیل لإلتقاطها... تتضارب الاخبار والتقارير التي اقرأها كل يوم في مخيلتي عن العنف الأسري، جرائم الشرف، زواج القاصرات و .... و الأرقام القياسیة لجرائم الوأد في العالم ... يا الهي عماذا اكتب و مليون وأد يعيش بداخلي؟؟!!!...



في هذا العام آود ان اتناول الوجه الغامض لظاهرة العنف ضد المراة فی بلادنا والذی لطالما افتقدناه لتوثیق ما نطالب به لوضع حد لظاهرة العنف ضد المراة و ذلك بالکشف عن الاحصائیات التی حصل علیها فریق اکادیمی فی جامعة الاهواز بخصوص ظاهرة العنف ضد المراة المتفشية في الاهواز ولعل تناول هذه الاحصائيات العلمية تكون خير وثيقة لنا للضرورة التوعية الثقافية و للمطالبة بالكف و وضع حد لهذه الظاهرة و تبرز بمثابة اجراس الخطر تدق في اذن المهتمين بشأن المراة.

فقبل عدة ایام حصلت علي دراسة علمية لظاهرة العنف ضد المراة فی مجتمعنا و ذلك بفضل احد الاصدقاء الاعلاميين و المهتمین فی هذا الشآن وتظهر هذه الدراسة التي اجريت علي 1820 امراة في المحافظة تتراوح اعمارهن بين 14 الي 56 عام من العربيات والغير عربيات المتزوجات في عام 2008 بأن تتعرض:

20.2 % من النساء للعنف الجسدي

41 %من النساء للعنف النفسي

و 10.9% للعنف الجنسي و 47.3 بالمئة يخضعن الانواع الاخري من العنف

و ذلك في اربعة مدن ( الاهواز، عبادان،دزفول و انديمشك) بصورة عامة

كما ان اظهرت هذه الدراسة ان هناك لمستوي التعليم ، العمر،عمل المراة ،القومية والمدن تاثيرا مباشرا علي هذه الظاهرة وتترصد هذه الدراسة عدد مراجعة النساء في المدن المذكورة الي المراكز الصحية في المحافظة وبرزت ايضا هذه الدراسة ان العنف الجسمي و الجنسي بات متفشيا اكثر بين النساء العربيات بينما العنف النفسي والانواع الاخري من العنف يعم النساء الغير العربيات اكثر من العربيات


كما رصدت هذه الدراسة ايضا ان 16.1 % اي ما يقارب 293 من 1820 امراة يخضعن الي الزواج القسري.

وعلي الصعيد العالمي تشير آخر الدراسات أنَّ العنف ظاهرة عامة لكافة الطبقات المجتمعية والثقافية وأنه أسلوب مُعتمد في التعاطي مع المرأة لدى المجتمعات النامية والمتطورة، فعلى سبيل المثال تؤكد الأرقام أنَّ

47 % من النساء يتعرضن للضرب في الأردن بصورة دائمة.

95 % من ضحايا العنف في فرنسا من النساء.

8 نساء من عشر ضحايا العنف في الهند

وفي استطلاع شمل 3000 رجل كرواتي اعترف 85% منهم بأنهم ضربوا نساء سواء خارج العائلة أو داخلها.

وفي مصر تتعرض امرأة واحدة من كل ثلاث نساء للضرب من قبل الزوج مرة واحدة على الأقل خلال الزواج.

كما أكّدت المنظمة الدولية للمرأة ‏ (‏يونيغم‏)‏ أنَّ أشهر صور العنف الموجه ضد النساء في أماكن مختلفة من العالم في الوقت الحالي هي عمليات الختان حيث تتعرض‏120‏ مليون فتاة سنوياً لعملية ختان

وتُشير بيانات منظمة العفو الدولية إلى بعض أوجه العنف المُمارس ضد المرأة والذي يتخذ صوراً مختلفة، منها:‏

عمليات الإغتصاب، إذ تتعرض له ‏700‏ ألف إمرأة سنوياً في الولايات المتحدة الأميركية.

نسبة عمليات قتل النساء على أيدي أزواجهن ‏50‏ % من إجمالي عمليات القتل في بنغلاديش‏.‏

في بريطانيا يتلقى رجال الشرطة مكالمة كل دقيقة من النساء اللاتي يتعرضن للعنف داخل المنزل، يطلبن المساعدة‏.‏

في جنوب أفريقيا تتعرض ‏1411 إمرأة يومياً للإغتصاب‏،‏ وهو من أعلى المعدلات في العالم‏.‏

كما أكدت وزارة العمل السريلانكية أنَّ عدد الخادمات العائدات من الخارج بعد تعرضهن للإيذاء يبلغ يوميا ً50 خادمة ويرجعن في حالة من المعاناة والإنهيار التام

والصورة الأخيرة من العنف الموجه للمرأة على مستوى العالم هو العنف في سوق العمل، حيث تمارس النساء مهنة الخدمة في المنازل، أكدت ذلك دراسة أعدتها جامعة كولومبو جاء فيها أنَّ سريلانكا تعد من أكثر دول العالم تصديراً للعاملات المنزليات وأنَّ 25% من السريلانكيات واجهن مشاكل من خلال ممارسة هذه المهنة مثل الاعتداء عليهن أو عدم دفع أجورهن

وفیما یخص الیوم العالمی لمکافحة العنف ضد المراة و كيفية تخصيصه لهذا الشأن يجب القول ان الجمعية العامة للام المتحدة أعلنت يوم 25 تشرين الثاني/نوفمبر اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، ودعت الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية إلى تنظيم أنشطة في ذلك اليوم تهدف إلى زيادة الوعي العام لتلك المشكلة (القرار 54/134 المؤرخ 17 كانون الأول/ديسمبر1999

و لهذه الظاهرة المنبوذة تاثير سلبي جدا علي المراة كنصف المجتمع البشري و الساعد المحرك لتربية الاجيال منه عدم استطاعة تربية الاولاد، الاكتئاب ، فقدان ثقة النفس والقدرات الذاتية والتي تودي للابداع في المراة ،عدم الشعور بالامان في الحياة و في النهاية التدهور الصحي في المراة . وقد درج أنصار المرأة على الاحتفال بيوم 25 تشرين الثاني/نوفمبر بوصفه يوماً ضد العنف منذ عام1981، وقد استُمد ذلك التأريخ من الإغتيال الوحشي في سنة 1961 للأخوات الثلاث ميرابال اللواتي كن من السياسيات النشيطات في الجمهورية الدومينيكية، وذلك بناء على أوامر الحاكم الدومينيكي روفاييل تروخيليو 1936-1961

ونظراً إلى تفاقم هذه الظاهرة والحال المتردية التي وصلت إليها المرأة في عالم اليوم، فقد تبنت منظمة العفو الدولية في مارس/ آذار 2004 إطلاق حملة عالمية لمناهضة العنف ضد المرأة وعممت فيها تقريرها المفصل تحت شعار (مصائرنا بأيدينا... فلنضع حداً للعنف ضد المرأة)، الذي سلطت فيه الضوء على مسئولية الدولة والمجتمع والأفراد لوضع حد للعنف ضد المرأة

و بالنسبة للمجتمع الاهوازي يجب القول ان رغم مرور اعوام متتالية علي هذه المناسبة الا واننا لا نري اي صوت واي حركة توعوية في مجمتعنا تقوم بنبذ هذه الظاهرة و ما تصل اليها المراة الي حالات متردية جرائها . و الجدير بالذكر ان اغلبية نساء بلادنا حتي لا يعرفن اي شئ عن هذه اليوم و حتي عن ظاهرة العنف ضد المراة المتفشية في انحاء العالم ولعل الكثير منهن يرن هذه الظاهرة ظاهرية اعتيادية ومن حق الرجل واي جهة اخري ان يمارسها ضدهن و ذلك بحكم نظرة المجتمع الدونية للمراة ونظرة المراة لنفسها ... و مما تجدر به الاشارة هو ان هذه الظاهرة اي ظاهرة العنف ضد المراة تعم جميع اطياف المجتمع من الطبقات المتعلمة و الغير متعلمة والطبقات الفقيرة و الثرية و لاتختصر الي طبقات معينة من المجتمع . و فيما يخص الحلول والحركة التوعوية لعل الكثيرين من الطبقة الواعية في مجتمعنا يرد علي ما اقوله بان في غياب موسسات مدنيه و جمعيات ترفع من مستوي وعي المواطنين كيف نستطيع وضع حد لهذه الظاهرة؟... فيجب القول بان رغم كل المعوقات و المحددات في مجتمعنا نحن نملك اعظم واقوي سلاح وهو سلاح القلم و علینا ان نستغل ذلك و ان نقتنص اي فرصة لتوعیة الثقافیة مجتمعنا وان ندخل المفاهيم و نوجه الرسائل الثقافية من خلال كتاباتنا، ادبنا، اشعارنا، عدسة كاميراتنا ، ريشة رسومنا و نبث الهتافات السامية و المنادية باحترام انسانية الانسان سواءأ كانت امراة ام رجل فبرغم کل المحددات و الظروف الماساویه التی تحیط بنا فمن الافضل ان نعلق شمعة بدل ان نعلن الظلام...


عاش 25 نوفمبر اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد النساء
و عاشت الاصوات المنادية بإعادة كرامة الانسان
فمعا معا من اجل مكافحة العنف ضد المراة في الاهواز...





مصادر الاحصائيات:

دراسة العنف ضد المراة الاسباب والنتائج، حسين درويش العادلي،مجلة النباء الثقافية العدد 78

المصدر بالفارسية:
شیوع خشونت خانگی علیه زنان و برخی عوامل مرتبط با آن در استان خوزستان، سال

1386 -87

صديقه نوح جاه و دیگران، مجله علمی پژوهشی بهبود دانشگاه علوم پزشکی کرمانشاه سال پانزدهم شماره چهارم ص 278