أثقلتنا الحياة..لنمرح مع التعصّب



فاتن نور
2004 / 12 / 22

اجهادات الحياة تشعبت وأختلفت منابعها، منها السياسية والتحليلات المقرونة بها والمتنوعة بتنوع الولاءات والعقائد، اجهادات فكرية ونفسية،ضغوطات اقتصادية تنخر فينا، واسرية تربكنا ،انفعالات عرقية ودينية وما الى ذلك، حتى النكتة والدعابة امست مسخّرة ومطلية بطلاءٍ سياسي أو ولاءٍ عقائدي،اثقلتنا الصحف والفضائيات بموائدها المستديرة والمستطيلة وما ينجلي عنها من تعمية أو ربما بعض تنوير!
لماذا لا نتنفس الصعداء ونمرح قليلا مع الخيال الديني المعصّب!وهو على نمط نكات العصر الحديث !
الانسان صنع فن الخيال العلمي وشطح بخياله ووثقه في قصص وأفلام مثيرة فيها فروسية إستقطاب الجيوب والبناء بمليارٍ فوق مليار،دعوني أستقطب الهموم في رحلة مع الخيال المعصب بأغلال البعد الرابع الخلفي،قد يبتسم من يبتسم وقد يقطب من يقطب ولا بأس في الأثنين فبين الأبتسامة والتقطيب نحن ندور.
ساضع رحلة الخيال في نقاط بعد توضيح المحور:
نحن في الألفية الثالثة، في ركنٍ من العالم هناك من يثابر لبناء أتحادات وهياكل اقتصادية متينة وتراه يسابق الزمن لمواكبة ديناميكية الحياة وضروراتها المتجددة، وفي ركن ٍ آخر نرى سباقاً من نوع ٍ آخر مع الزمن لمناقشة موضوع شديد الخطورة على مستقبل البشرية!،وترى النفوس وكأنها حبلى لولادة الحقيقة العاجية لصالح الانسان والانسانية،ماهو ذلك الموضوع الخطير؟أنه المرأة وقيادة المركبات! وليس كل المركبات بل تلك المركبة الصغيرة التي نسميها سيارة!
هناك من يناقش هل نفسح المجال للمرأة لقيادة السيارة؟ ماهي السلبيات والايجابيات؟ماذا يقول الشرع في قيادة النساء؟
لنمرح مع الخيال في نقاط هامة مع المتحاورين:
*هناك من يقول الضغوطات باتت مزعجة لذا دعونا نمنح المرأة حق القيادة
* هناك من يجيب بلى ولكن لتكن قيادة مقننة!
*هناك من يؤيد.. عظيم لا بد من ضوابط خاصة لقيادة المرأة
لابدَّ للمراة ان تقود ولكن برفقة زوجها أو محرم! قد يقع الأثم في حالة السماح لغير المحرم بالمرافقة!
*يتفتق عقل الآخر ليسأل: تلك مصيبة أن تقود المرأة برفقة محرم،ولا أعتقد بأنها ستلقى رواجاً، لتكن سياقة المرأة برخصتيين،
الرخصة العامة الممنحوحة للرجال حسب الضوابط المعمول بها، ورخصة يومية من الزوج أو الأب أو الأخ بالتوقيع أو البصم
*يتفتق عقل أخر ليطرح نقطة غاية في الأهمية: حيث أن المرأة كثيرة النسيان وشهادتها شرعاً هي شهادة النصف أذن لآبد أن أن يكون خلف المقود أمرأتان! ان نست من هي خلف المقود ان تمسك المقود فستذكرها الأخرى، وأن نست الفرملة وقت لزوم الفرملة فستذكرها الآخرى،
*لا اعتقد بأن الأمر سيبدو طبيعياً .. هكذا يأتي الرد، لتكن هناك تقنية خاصة في السيارات النسائية!، مجسات ومنبهات في حالة أغفال المرأة،
*الأصوات كثيرة ومنها ينبري صوتأ مفعما بالغيرة:انا لا أرضى أن يستوقف نسائي رجل المرور في حالة المخالفة،
* الرد جاهز طبعاُ فعقول المتعصبين تنضح الكثير من الأبداع.. لندرب بعض النسوة ليصبحن نساء مرور ورقيبات على سائقات المركبات،
*سرعة البديهة من أحدهم تقف عائقاُ، النساء اللائي يتم تدريبهن سيرتبطن بدوائر المرور الرجالية وسيكون هناك الأختلاط الغير مستحب،
* العقول متنورة والأجوبة على المائدة طازجة وشهية.. ليأتي الجواب : حان وقت أنشقاق دوائر المرور ، فليكن هناك هيئات مرور نسائية واخرى رجالية وبذلك سنضمن عدم الأحتكاك!
*وياتي صوتاً من النفق المظلم:ولكن ماذا عن الحيض والقيادة؟ الحمل والقيادة؟ هناك إضرار بالجنين وتعريضه للخطر في مزالق وتهورات المستهترون في فن القيادة؟وماذا عن فترة النفاس؟ أقترح أن يسحب الترخيص خلال فترات الحيض والحمل والنفاس وأن يطلق بعدها بترخيص ٍ طبي!
* اسئلة كثيرة و محيرة ! ويأتي أخر في محاولة لتسخير العلم لدعم فكرة عدم منح حق القيادة للنساء: أنا أرى أنه في جلوس المرأة خلف المقود وبآليّة تلك الحركات الساقيّة! للفرملة ودفع الوقود قد يسبب بعض الأحتقانات المهبلية؟ ربما أوجاع الظهر وبعض البثور هنا وهناك مما يفقد المرأة جمالها وصحتها المرادة طبعا لتربية الأجيال؟
*ياتي صوت معتدل بعد أن ضاق ذرعا بكل الطروحات: ماهي الخلاصة؟ هل سندع المرأة تقود أم لا؟هل هناك في الكتاب ما يشير الى شيء اخترعه الأنسان بعد قرون من نزوله؟أرحمونا فقد كبسنا الزمن لنلد الأصلاح ونثمر بعض الحق لصالح المرأة؟
*تتفق جميع الأصوات على أن الموضوع قيد الدراسة والاجتهاد للوقوف على صوره فقهية معتبرة وواضحة المعالم حيث لا يجوز تقزييم الموضوع بلا أجتهاد محنك! فولله سيكونوا من الخاسرين يوم البعث!!.
لا أدري ماذا يدور وراء الكواليس في أروقة البحث لموضوع منح الشهادة الفخرية في ركن من العالم للمرأة وحقها الطبيعي في قيادة عجلة، ولكن قد يكون ما طرحت من خيال هو فعلاً ما يدور في تلك الأروقة!
أما يكفينا هدراً للوقت والإسفاف في موضوع ٍ عفى عليه الزمن ؟
حتى العلم امسى محرفاُ ومنشقاُ ومسخراً لخدمة التعصب الديني وتطرفة لإبقاء بعض الضرورات التي ألفها وأعتادها الأنسان الرافض لحق التأمل في ماهية الأشياء بشكل عام والمشجع لحق التأمل في بعضها بشكلٍ خاص جداً.
ترى هل ستقود المرأة عجلة في بعض اركان العالم المقبورة؟
بماذا ستتمخض الاجتهادات المضغوطة بمكبس الإصلاح؟
لماذا نُضغَََط ولا نَضغط على أنفسنا في التحديث بما يواكب العصر؟
أم لابد أن يكون هناك بعض التعصب لنمرح معه!