لاخير في نظام فکري ـ إجتماعي يستمد قوته من غشاء البکارة



نزار جاف
2004 / 12 / 24

في خضم الصراع الفکري ـ السياسي ـ الاجتماعي الدائر بين الشرق و الغرب ، هناک سعي دؤوب و متواصل من أجل حشر کل موضوع له صلة بالامر في بوتقة الصراع، وهذا" الحشر" الذي يبدو في الکثير من المفاصل قسريا ، قد تم و يتم توظيفه و بحذاقة من أجل الحفاظ على أطر النظام الفکري ـ السياسي ـ الاجتماعي القائم و عدم التعرض لها بزعم أن ذلک يخدم مبادئ و قيم الغرب ! و مايحز في النفس و يؤلمها، هو أن معظم الذين يحملون لواء ذلک هم من المثقفين و الوجوه الاجتماعية البارزة على أکثر من صعيد! من هنا أشعلوها حربا ضروسا ضد أهم إشکاليتين في الشرق " بإستثناء اليابان " ، وهما حرية الفکر و حرية المرأة، وبموجب حربهم هذه إعتبروا قضية الاصلاح المطروحة حاليا بقوة، موضوعا ذو صلة بتلک الاشکاليتين مما يجب وضعها في دائرة الصراع و إطلاق رصاصة الرحمة عليها! وقد کانت رصاصة الرحمة هي تلک الدعوة الفجة للإصلاح من الداخل والتي تعني تجميل الوجه الکريه للنظام الحالي بمزيد من المساحيق و مواد التجميل التي لم يعد في وسعها إخفاء ماأفسده الدهر و بانت تقاسيمه البشعة تتحدى کل مافي جعبة العطارين! والحق رغم جدلية ترابط المواضيع ببعضها و عدم الامکان في فصم عرى العلاقة الوثيقة فيما بينها، إلا أنه ومع ذلک يبدو إنهم أفردوا المساحة الاکبر لمحاصرة إشکالية حرية المرأة و مساواتها بالرجل وإعتبار ذلک حجر الزاوية الذي لايمکن إطلاقا المساس به . ولعل إشهار" البعد المقدس" لهذه الاشکالية في وجه دعاة التحرر و الانعتاق هو بحد ذاته الوصول الى حافة الافلاس الفکري ـ الاجتماعي و إستمداد القوة من النص بعيدا عن أبجديات الواقع المعاش، فالتطور المذهل الذي تشهده المجالات المختلفة و لاسيما في مجال الاتصالات ، تجعل من حصر قضية حرية المرأة و لجمها في إطار محدود مهمة أ?کثر من عسيرة إن لم تکن مستحيلة ، ذلک أن الثورة المعلوماتية بدأت تأتي على " العروش الخاوية" کما تأتي النار على الهشيم. وأن الدعوة للفصل بين البعد المقدس و البعد الواقعي هو في حد ذاته أساس معالجة الاشکالية و وضع الحلول المثلى لها، فلايصح أن نبقى على عقلية قياس البعد الاخلاقي للمجتمع من خلال غشاء البکارة و إعتبار تجاوزه ، تجاوزا لماهية المجتمع ذاته ، والاقلال بسبب من ذلک من شأن المرأة و الحط من کرامتها و إعتبارها الانساني، إذ الى متى تقدم المرأة قربانا على أضرحة معابد سيادة الرجل؟ فمنذ فجر التأريخ کانوا يقدمون الفتيات وليس الفتيان للبحار ! واليوم تستعبد مرة أخرى من خلال مسألة غير ذات أهمية مثل هذه. والمقزز للنفس هو أن الکثير من حماة ذاک النظام الآيل الى الانهيار يحضرون الى البلدان الاوروبية بحثا عن العذارى لمواقعتهن لقاء مبالغ طائلة ، وتروى العشرات من القصص " الواقعية" عن مدى إستغلال سذاجة هؤلاء من قبل المراهقات الشقراوات اللائي يقمن بترقيع " الغشاء المقدس شرقيا" من أجل صيد مغفل آخر مغرم بفض البکارات!! خصوصا و أن هناک إطباء ماهرون بإستطاعتهم ليس إعادة ترقيعه للفتيات الحديثات السن فحسب و أنما حتى للنساء اللواتي أنجبن درزينة من الاطفال !

کاتب و صحفي کوردي
مقيم في المانيا