ماتحقق للمرأة في العقود المنصرمة : صفر و باليد حصان !



نزار جاف
2004 / 12 / 27

وأنا أفکر في الکوميديا الالهية الخاصة بإغواء إبليس لأمنا حواء ، لاأدري مالذي ذکرني بطريفة يرويها " أبن أبي الحديد" المعتزلي في کتابه الشهير " شرح النهج " إذ يروي أن إعرابيا مسافرا في الصحراء على ظهر ناقة تأخذ الشهوة بتلابيبه فلا يجد مناصا من التفکير في مواقعة الناقة ! ولما کانت الناقة أطول منه بدرت له فکرة خبيثة ، إذ قام بربط عصا بين القدمين الخلفيتين للناقة و وقف عليهما و قضى وطره من الحيوان المسکين، وما إن نزل من برج شهوته حتى ثاب الى رشده وتمتم مع نفسه " لعنة الله على الشيطان ! " ولم يکمل کلامه حتى و تجلى الشيطان له و صاح بالاعرابي : بل لعنة الله عليک ، والله لو فکرت دهورا لما فطنت لي فکرتک أيها اللعين . واليوم أيضا تکرر أيضا نفس اللعبة ، إذ يحاول الرجل مرة أخرى إلقاء تبعات إخفاقاته و طريقه المسدود على شماعة إبليس و إبليس الالفية الثالثة للميلاد ليس سوى الضلع المستعار من الرجل أي المرأة ! وليس غريبا أن تربط کل الاخفاقات و النکسات بکتابات الدکتورة نوال السعداوي أو بأغاني نانسي عجرم أو هيفاء أو بسيقان منى زکي و نهدي فلانة و فلانة ! وکأن الفنانات المسرودات ذکرهن قد وضعن نقاط سيطرة و تفتيش ضد برامج التطوير و التقدم . لکن وعلى الضد من ذلک هناک أيضا جبهة معادي لحملة تلک الشماعة الخرقاء ، إلا أنهم وبصراحة دون الطموح أو بتعبير آخر ليسوا في مستوى التصدي لهذه الزوبعة الجديدة ـ القديمة . ولعل العديدون يدعون أنهم في الجبهة الامامية و في الساتر الاول للدفاع عن حقوق المرأة ، و الکثيرون أيضا يزعمون أنهم يرغبون في ترجمة مواقفهم و أهدافهم التقدمية و الحضارية من المرأة . لکن لو صدقنا جدلا کل ذلک " مع تقديرنا التام للمدافعين حقا عن بنات حواء " فلنا أن نتسائل لو کان الامر کذلک فلم لم تشهد الساحتان الفکرية و الاجتماعية أية تطورات تبعث على التفائل بهذا الصدد؟ فکل دعوات التحرر و الانعتاق التي أطلقت في العقود الخمسة الاخيرة من القرن المنصرم بشأن تحرر المرأة ، کانت محصلتها النهائية " صفر و باليد حصان ". إذ ورغم التطورات السياسية ـ العسکرية التي تعصف بالمنطقة و تباشير تغييرات مرتقبة هنا و هناک ، لازالت المرأة في أسفل القائمة . قد يخالفني البعض و يطالعني ببعض التطور " القشري " الحاصل هنا أو هناک و يظهر غبطته و تفاؤله المفرط بذلک ، متناسيا أن مثل هذه التطورات الآنية هي من ضمن الاحتياطيات التي يستفاد منها في وقت الحاجة و حسب الظرف المستجد ! ولعل تزايد دعوات " تحجيب " المرأة و حثها لولوج دنيا " الفضيلة " و عدم إنصياعها لدعوات إبليس اللعين الذي لم يجد منفذا له لمحاربة الرجل و الانتصار عليه سوى المرأة ! هي في حد ذاتها تبريرات ساذجة و سمجة لإصطناع المزيد من العوائق بوجه تحرر المرأة و مساواتها الکاملة بذي الضلع المسلوب ، أي حفيد طيب الذکر جدنا آدم ! ورغم إيماني بالمرأة و کفاحها المشروع من أجل نيل حقوقها کاملة ، إلا إنني أجدها في حاجة الى دعمين قويين يتجليان في :
*تخلصها الکامل من مخلفات و إنعکاسات مبدأ سيادة الرجل الذي و للاسف أن هناک العديد من النساء المثقفات مازلن يحاولن " ترقيع " و " تلميع " و " تجميل " قيم المجتمع الرجولي بغية تسويقه فکريا و إجتماعيا الى الاوساط النسوية وأعتقد أن الاقلام النسوية هي الاجدر و الافضل للرد على هکذا دعوات .
* حث الجبهة الرجالية المساندة لهن على خوض غمار معترک تحرير المرأة بدماء جديدة و روحية وثابة تتحلى بجرأة أکبر في مقارعة " جماعة الضلع المکسور" .

کاتب و صحفي کوردي
مقيم في المانيا