قوانين تحفظ حقوق المرأة



روفيدا كادي هاتان
2012 / 1 / 4

من خلال تتبع النقاش المستمر حول حقوق المرأة نلاحظ إدراج كلمة مساواة بكثرة لتحتل المطلب الأول في حقوقها ولتأخذ الأهمية المطلقة في ما يجب أن تحصل عليه المرأة ومن ضمن المساواة المرجوة في اغلب الأحيان هي حصول المرأة على مقاعد كافية في البرلمان تتناسب مع ما تشكله المرأة من عدد النفوس في البلد وكذلك من خلال حصولها على مناصب سياسية في الدولة لتكون بذلك قد استوفت متطلبات التقدم الحاصل في المجتمع من خلال ما يعطى لها على الساحة السياسية ولكن بعد ما حصلت عليه المرأة من تمثيل في البرلمان وما حصلت عليه من مناصب ماذا إضافة فعليا إلى المرأة على مدار الحقوق العامة أم إن هذه المكاسب ما زالت في إطار شخصي تدرج ضمن مكاسب شخصية لا تتعدى أعداد معينة من النساء واللواتي يشكلن مجرد زينة في الأفق السياسي من اجل التجميل وعلى سبيل التغيير في الصورة السياسية الموصوفة بالديمقراطية فما التغيير الذي طرا وما الذي تم انجازه من قبل الجهات السياسية فعليا هل تمكنت النساء فعلا من إحداث تغيير في القوانين بما يخدم مصلحة المرأة أم اكتفوا بكونهم مكملين للأصوات في القوائم التي ينتمون إليها.
فالمجتمع العراقي أصبح من مجتمع مدني يحكم بالقوانين إلى مجتمع إما ديني يحكم بقوانين الدين المبنية في أكثر الأحيان على المصالح الشخصية والمتغيرة بحيث انتهت النصوص الثابتة وإنما تظهر وقت اللزوم أو إلى مجتمع عشائري لا يمت للحضارة بصلة وإنما ما زلنا نرزح تحت العصور المظلمة وفق قوانين لا تمت للحرية أو الإنسانية من قريب أو بعيد.
فعلى سبيل المثال ما زال المجتمع يؤمن بمبدأ تعداد الزوجات وإذا ما تم نقاش الموضوع بدون تشنج أو تعسف وان يؤخذ من جميع الجهات سواء أكانت مؤيدة أم معارضة فان للمرأة حقوق في كلا الحالتين يجب أن تتم حماية هذه الحقوق وفق قانون عراقي يتماشى مع متطلبات المجتمع بالإضافة إلى مراعاة المعاناة المترتبة على هذا المبدأ فإذا كان الرجل يملك مثل هذا الحق ولا يمكن ردعه باسم الدين فان الدين اوجد شروط وأسباب لمثل هذه الحالة تم تجاهلها وإقرار الحق بصورة مجردة فبغض النظر عن الأسباب المعروفة سلفا فان من ضمن الشروط هي العدل بين الزوجات المتعددة ويشمل هذا العدل إيجاد السكن الملائم لكل الأطراف مع المقدرة المالية في تحمل كافة التكاليف وأيضا لجميع الأطراف مع ضمان الحياة الكريمة للمرأة وبالتالي لأطفالها إن وجدوا هذا مع الأخذ بنظر الاعتبار يجب تبليغ الزوجة الأولى برغبة الزوج في التعداد مع إعطائها الحق في القبول أو الرفض ففي حالة القبول يتم مراعاة الشروط الأولى وفي حالة الرفض فانه تترتب قوانين جديدة لحمايتها منها الموافقة على طلب التفريق والطلاق إذا ما رغبت به الزوجة الأولى مع حماية مستحقاتها ويتم هذا أيضا من خلال سن قوانين جديدة توجب من خلالها إعطاء المرأة نفقة شهرية تضمن كرامة العيش لها مع إيجاد سكن ملائم لوضعها الاجتماعي ومؤخر صداق يتناسب مع تغير النواحي المعاشية وقيمة العملة وقوانين جديدة تؤمن الاختيار الأفضل للأطفال في حالة وجودهم وعدم استغلالهم كحجة لردع المرأة من اخذ حقوقها من خلال التهديد بحرمانها منهم.
أما القانون الثاني الذي يجب أن يقر ويؤخذ بعين الاعتبار هو حماية المرأة من العنف المنزلي فالمبدأ الإسلامي الثاني المحرف هو قوامة الرجل على المرأة متناسين إن من شروط هذه القوامة هو تحمل الرجل لجميع تكاليف المعيشة بالإنفاق وتحمل المسؤوليات الحياتية الملقاة على عاتقه ليتحول المبدأ إلى تبرير العنف الممارس ضد المرأة فأين القانون الذي يحميها من هذا العنف في ظل تهميش هذه الإساءة واعتبارها أمر بسيط وداخلي لا يمكن التطرق إليه وان وجد قانون فهو من الضعف بحيث يتم الاستهانة به أو التلاعب به حسب الأهواء فيجب تصحيح القوانين لتشمل ليس فقط السجن مع وقف التنفيذ بل تنفيذ الحكم بصورة فعلية بحج يتناسب مع الضرر الواقع على المرأة مع مراعاة حصول المرأة على التعويض الملائم مع وجوب إنشاء مؤسسات مدنية تخدم المرأة بحيث تستطيع اللجوء إليها في حالة العنف المنزلي مع مراعاة السرية وتوكيل محامي للدفاع عن حقوقها ودعمها ماليا لحين حصولها على مستحقاتها من الزوج.
ومن الظواهر التي تندرج في رأس قائمة المساوئ في العراق هو زواج القاصر من غير اخذ مشورتها أو تطبيق إرادتها الفعلية فالموافقة تتم بتحصيل حاصل وهنا دور منظمات المجتمع المدني بإقرار قانون لرفع سن الزواج إلى عمر يضمن أهلية المرأة في اختيار الزوج كما إلزام أسرة الفتاة بوجوب عقد الزواج المدني للحفاظ على حقوقها كاملة كما يجب أن تلزم الفتاة بإكمال التحصيل العلمي على الأقل المرحلة الإعدادية وتعهد ولي الأمر بتوفير التعليم للفتاة حتى هذه المرحلة وعدم إلزامها بترك مقاعد الدراسة وفي حالة الإخلال بأحد هذه الشروط فان ولي الأمر ملزم بدفع غرامة مع الحبس إذا ما أرغم من تحت وصايته بخلاف احد تلك الأمور.
أما بالنسبة إلى الأحكام العشائرية المنتشرة في العراق حتى أصبحت هي المتحكم الرئيسي في كل الأمور وبات القانون مغيبا ومن أهم ضحايا القانون العشائري هو المرأة إذ أصبحت سلعة تباع وتشترى حسب الأهواء العشائرية فان القانون العراقي من هذه التجاوزات ليضع لها حد فيكون القانون المدني هو الأساس وردع العشائر من ممارسة الضغوط على الفتيات والالتزام بالقانون وإلا فان تطبيق العدالة يجري بحق من يخالف القوانين أيا كان.
وبالإضافة إلى ذلك فنحن بأمس الحاجة إلى مؤسسات تربوية وتعليمية لتثقيف المرأة بحقوقها وتحسين أدائها على مختلف الأصعدة كما بحاجة إلى مؤسسات تدريبية لتمكن الفتيات من التدريب على حرف أو إكمال التعليم للحصول على عمل ممكن الاعتماد عليه في تسيير حياتهن ومن اجل شغل أوقات الفتيات في أشياء مهمة تحسن من النظرة العامة إلى مستوى الفتاة في العراق وليس باعتبارها فاقدة لأبسط مؤهلات الحياة المدنية والثقافية فهل استطاعت المرأة في البرلمان العراقي سن وإيجاد مثل هذه القوانين وهل هناك التفات حقيقي لما تعانيه المرأة في مجتمعنا أم إننا ما زلنا في مرحلة الحديث غير الجاد والخالي من العمل الفعلي .