العنف الادارى ضد المرأة واثره على الاداء الوظيفى لها -



محمود فتحى عبدالعال ابودوح
2012 / 1 / 31

1- : نظرة عامة على العنف : ماهيته واشكاله
* العنف ضد المرأة : سلوك أو فعل موجّه إلى المرأة يقوم على القوة والشّدة والإكراه، ويتسم بدرجات متفاوتة من التمييز والإضطهاد والقهر والعدوانية، ناجم عن علاقات القوة غير المتكافئة بين الرجل والمرأة في المجتمع والأسرة على السواء، والذي يتخذ أشكالاً نفسية وجسدية متنوعة في الأضرار.
ويتنوع العنف ضد المرأة بين ما هو فردي (العنف الأنوي) ويتجسد بالإيذاء المباشر وغير المباشر للمرأة باليد أو اللسان أو الفعل أياً كان، وبين ما هو جماعي (العنف الجمعي) الذي تقوم به مجموعة بشرية بسبب عرقي أو طائفي أو ثقافي والذي يأخذ صفة التحقير أو الإقصاء أو التصفيات، وبين ما هو رسمي (عنف السلطة) والذي يتجسد بالعنف السياسي ضد المعارضة وعموم فئات المجتمع.
وحينما تقع المرأة ضحية الاضرار المعتمد جرّاء منهج العنف فإنها تفقد إنسانيتها التي هي هبة الله، وبفقدانها لإنسانيتها ينتفي أي دور بنّاءٍ لها في حركة الحياة. إنَّ من حق كل إنسان ألا يتعرض للعنف وأن يُعامل على قدم المواساة مع غيره من بني البشر باعتبار ذلك من حقوق الإنسان الأساسية التي تمثل حقيقة الوجود الإنساني وجوهره الذي به ومن خلاله يتكامل ويرقى، وعندما تُهدر هذه الحقوق فإنَّ الدور الإنساني سيؤول إلى السقوط والاضمحلال، والمرأة صنو الرجل في بناء الحياة وإتحافها بالإعمار والتقدم، ولن تستقيم الحياة وتُؤتي أُكلها فيما لو تم التضحية بحقوق المرأة الأساسية وفي الطليعة حقها بالحياة والأمن والكرامة، والعنف أو التهديد به يقتل الإبداع من خلال خلقه لمناخات الخوف والرعب الذي يُلاحق المرأة في كل مكان.
** أشكال العنف ضد المرأة **
هناك أنواع كثيرة من العنف المستخدم ضد المرأة وهذه الأنواع هي :
أ‌- العنف اللفظي
غالبا ما يستعمل الرجال العنف اللفظي مع النساء ؛ إذ إنهم يسمعونهن الكلمات الجارحة والكلام الخشن واللوم الذي لا مكان له .ويعتبر العنف اللفظي من أشد أشكال العنف خطرا على سوية الحياة الأسرية ؛ لأنه يؤثر على الصحة النفسية لأفراد الأسرة خاصة أن الألفاظ المستخدمة تسيء إلى شخصية الفرد وكرامته .
ب‌- العنف الجسدي :
وهو نمط قاس يستخدمه بعض الرجال ضد النساء ، ويأخذ شكل الضرب والرفس والدفع ، والذي يترك آثاره الجسمية على المرأة .وغالبا ما يستعمل الرجل العنف الجسدي ضد المرأة مع الشجار معها واحتدام وتأزم العلاقة بين الاثنين .ويعتبر العنف الجسدي من أكثر أنواع العنف الأسري شيوعا وذلك لإمكانية ملاحظته واكتشافه ؛ نظرا لما يتركه من آثار وكدمات على الجسم .
ج- العنف الاعتباري ( النفسي )
ونعني بالعنف الاعتباري ، العنف الذي يحط من معنوية المرأة ويكسر نفسيتها ويثبط حالتها الاعتبارية والمثالية بحيث تفقد المرأة عزتها وكرامتها .
د- العنف الجنسي :
وهو إجبار المرأة على ممارسة جنسية ضد رغبتها ، ويشمل هذا النوع الاغتصاب ، حتى ولو كان في حالة الزواج ، والتحرش الجنسي ، والمضايقات الجنسية خاصة أثناء العمل . وهذا النوع قد يقع داخل الأسرة أو خارجها ، وفي كلتا الحالتين يُحاط بالتكتم الشديد والحيلولة دون وصول الحالات إلى القضاء والشرطة ؛ لأن من شأن ذلك الإساءة إلى سمعة الأسرة ومستقبل أفرادها .
هـ - العنف الاجتماعي :
يُعد من أقوى أنماط العنف الذي تتعرض له المرأة ، والعنف الاجتماعي الذي تواجهه المرأة يبدأ من توبيخها اجتماعيا أمام الآخرين مرورا بمقاطعتها والتهجم عليها وأكالة التهم الباطلة والملفقة إليها وانتهاء بتقييد حريتها وتحديد أنشطتها ، فضلا عن حبسها في بيتها وعدم السماح لها بالخروج من البيت والاختلاط مع الآخرين .
ح- العنف الإداري :
ونعني به القوة والإلزام المستعمل ضد المرأة وهي في داخل عملها الإداري الوظيفي ، فالرجل يضبط نشاطها الإداري ويوجهه وفقا لمصلحة ومستقبل الرجل وضد أماني وطموحات المرأة في الإدارة وتنظيم الأعمال .

2- العنف الادارى ضد المرأة
(ماهيته ، اسبابه، نتائجه ، اليات مقاومته)
** ماهيته **
ونعني به القوة والإلزام المستعمل ضد المرأة وهي في داخل عملها الإداري الوظيفي ، فالرجل يضبط نشاطها الإداري ويوجهه وفقا لمصلحة ومستقبل الرجل وضد أماني وطموحات المرأة في الإدارة وتنظيم الأعمال .
** اسبابه **
1- تعتبر المرأة نفسها هي أحد العوامل الرئيسية لبعض أنواع العنف والاضطهاد، وذلك لتقبلها له واعتبار التسامح والخضوع أو السكوت عليه كرد فعل لذلك، مما يجعل الآخر يأخذ في التمادي والتجرأ أكثر فأكثر. وقد تتجلى هذه الحالة أكثر عند فقد المرأة من تلتجأ إليه، ومن يقوم بحمايتها.
2 - الأسباب الثقافية؛ كالجهل وعدم معرفة كيفية التعامل مع الآخر وعدم احترامه، وما يتمتعه من حقوق وواجبات تعتبر كعامل أساسي للعنف. وهذا الجهل قد يكون من الطرفين المرأة والمُعنِّف لها، فجهل المرأة بحقوقها و واجباتها من طرف، وجهل الآخر بهذه الحقوق من طرف ثان مما قد يؤدي إلى التجاوز وتعدي الحدود.
3- نظرة الرجل الى المراة : قد تكون أسس التربية العنيفة التي نشأ عليها الفرد هي التي تولد لديه العنف ضد المراة ، إذ تجعله ضحية له حيث تشكل لديه شخصية ضعيفة وتائهة وغير واثقة، وهذا ما يؤدي إلى جبران هذا الضعف في المستقبل بالعنف، بحيث يستقوي على الأضعف منه وهي المرأة، وكما هو المعروف أن العنف يولد العنف ،وقد يكون الفرد شاهد عيان للعنف كالذي يرد على الأمهات من قبل الآباء بحيث ينشأ على عدم احترام المرأة وتقديرها واستصغارها، فتجعله يتعامل بشكل عنيف معها،
4- نظرة المجتمع الى المراة والمتمثلة فى العادات والتقاليد ، فهناك أفكار وتقاليد متجذرة في ثقافات الكثيرين والتي تحمل في طياتها الرؤية الجاهلية لتمييز الذكر على الأنثى مما يؤدي ذلك إلى تصغير وتضئيل الأنثى ودورها، وفي المقابل تكبير وتحجيم الذكر ودوره. حيث يعطى الحق دائما للمجتمع الذكوري للهيمنة والسلطنة وممارسة العنف على الأنثى منذ الصغر، وتعويد الأنثى على تقبل ذلك وتحمله والرضوخ إليه إذ إنها لا تحمل ذنباً سوى أنها ولدت أنثى. كما أن الأقوال والأمثال والتعابير التي يتداولها الناس في المجتمع عامة بما في ذلك النساء أنفسهم والذي تبرز مدى تأصيل هذه الثقافة، بحيث تعطي للمجتمع الذكوري الحق في التمادي ضد الإناث مثل: قول المرأة عند ضربها من قبل الرجل (ظل رجل أحسن من ظل الحائط)، أو (المرأة مثل السجادة كلما دعست عليها بتجوهر) أو... ولا يخفى ما لوسائل الإعلام من دور لتساهم في تدعيم هذا التمييز وتقبل أنماط من العنف ضد المرأة في البرامج التي تبث واستغلالها بشكل غير سليم.
5- الازمات الاقتصادية التى يمر بها المجتمع قد تكون سببا فى تولد العنف الادارى ضد المراة وذلك من خلال اعتقاد البعض بعدم جدوى خروج المراة للعمل وانه قد ان الاوان لان تعود المراة الى بيتها حتى تتوفر لدى الكثير من الشباب فرصا للعمل من زاوية ان عودة المراة الى البيت سوف يخلى بلا شك اماكن كثيرة فى الوظائف ويوجد وظائف كثير امام الشباب ، على سبيل الاعتقاد بان المراة هناك من يعولها اما الشباب فهو الذى يحتاج الان الى الوظيفة كى يفتح بيتا ويعول زوجة واسرة .
**اثر العنف الادارى على الاداء الوظيفى للمراة **
إنَّ من أهم الاثار المُدمّرة لتبني العنف الادارى ضد المرأة، ما يأتي:
- تدمير آدمية المرأة وإنسانيتها على اعتبار ان العنف الادارى هو نوع من انواع العنف عموما ، فهو نوع قد اكمل دائرة العنف ضدها .
- فقدان الثقة بالنفس والقدرات الذاتية للمرأة كإنسانة ، مما قد ينعكس اثره بالسلب على الاداء الوظيفى لها داخل عملها ويؤثر ايضا على كفاءتها وقابليتها للعمل واتقانه والابداع فيه ويؤدى الى التدهور العام للدور الذى تقوم به داخل عملها، مما قد يؤدى الى زيادة وتعيق الخلل بالنظام العام بالعمل ، الامر الذى يؤثر على الدور الذى تلعبه المراة فى عملية التنمية حسب موقعها ، حيث ان كل ذلك قد تولد لديها فى ضوء عدم الشعور بالآمان اللازم للحياة والإبداع الوظيفى .
- فقد المراة لقيمة العمل واهميته كقيمة تساعد على بناء الامة الخروج بها الى مسارات الرقى والتقدم ، حيث ان ما يوجه اليها من عنف وظيفى ساعد على التقليل من دور العمل فى الحفاظ على كيانها ، ومن ثم فقد يؤدى ذلك الى بداية الاهمال النسبى لديها لشئون العمل وتولد قيم جديدة لديها كقيمة العمل من اجل الراتب وليس العمل من اجل تحقيق الذات .
- بغض الرجل من قِبَل المرأة مما يولّد تأزماً في بناء الحياة الواجب نهوضها على تعاونهما المشترك، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فان اى تعاون فى العمل بين الرجل والمراة فى ضوء تلك الخلفية سوف يكون تعاون باهت لا جدوى منه بسبب نظرة الرجل الى المراة نظرة دونية على كل المستويات حتى المستوى العقلى ، مما قد يوثر بالسلب على اداء المؤسسة عموما داخل المجتمع ذلك الاداء الذى من المفترض ان يكون قائم على الاداء الجماعى لا فرق فيه بين ذكر وانثى .
** مظاهر العنف الادارى**
1- العنف اللفظى : القائم على تعنت المدير فى العمل و الحديث بصوت مرتفع فى اغلب الاحيان مع الموظفة المراة خاصة اذا ما طالبت بحق لها مثل الاستذان والخروج من العمل او الحصول على اجازة او ما شابه ذلك فى حين لا يرى هذا الصوت مع الرجل .
2- الظلم الادارى الذى يقع على المراة الموظفة ، فغالبا ما نجد ان تحمل على المراة الكثير من الاعباء الوظيفية والتى قد يستثنى منها الرجل فى احيان كثيرة فمثلا فى المدارس نجد ان المراة العاملة يلقى عليها الكثير من الاعباء الوظيفية التى قد لا تلقى على الرجل مثل ذلك زيادة فى الحصص او عدم التقدير للجهد المبذول ..........الخ
3- التفرقة فى المعاملة بين المراة ( الموظفة ) وبين زملائها من الرجال فغالبا ما نجد ان اغلب الادارات قد تترك حرية كاملة للرجل فى الحضور او الانصراف من العمل اما المراة فلا .
** آليات مقاومة العنف الادارى**
1- التوعية النّسوية لها دور جوهري في التصدي للعنف الادارى ، إذ لابد من معرفة المرأة لحقوقها الإنسانية والوطنية وكيفية الدفاع عنها وعدم التسامح والتهاون والسكوت على سلب هذه الحقوق، وصناعة كيان واع ومستقل لوجودها الإنساني وشخصيتها المعنوية، وعلى فاعليات المجتمع النّسوي مسؤولية إبداع مؤسسات مدنية جادة وهادفة للدفاع عن المرأة وصيانة وجودها وحقوقها.
2- دور النُخب الدينية والفكرية والسياسية الواعية في صناعة حياة تقوم على قيم التسامح والأمن والسلام، وفي هذا الإطار يجب التنديد العلني بالعنف الذي تتعرض له المرأة والإصغاء للنساء ، وابراز مكانة المراة فى الاسلام وما اوصى به الاسلام تجاة المراة .
3- دور الإعلام في صناعة ثقافة متطورة تجاه المرأة كوجود ورسالة ودور إنساني ووطني، وعليه يقع مسؤولية مضاعفة لخلق ثقافة الرفق والرحمة في العلاقات الإنسانية الخاصة والعامة، فعلى وسائل الإعلام المتنوعة اعتماد سياسة بنّاءة تجاه المرأة وإقصائية لثقافة العنف المُمارس ضدها، فعلى سبيل المثال يجب الابتعاد عن الصورة النمطية المُعطاة للمرأة إعلامياً بأنها ذات عقلية دونية أو كيدية تآمرية أو قشرية غير جادة، كما يتطلب الأمر الابتعاد عن البرامج الإعلامية التي تتعامل محتوياتها مع حل المشاكل الإنسانية والخلافات العائلية بالعنف والقسوة والقوة.. والتركيز على حل المسائل الخلافية داخل المحيط الإنساني والأسري بالتفاهم والمنطق والأسلوب العلمي والأخلاقي الرفيع.
4- المراة نفسها : عليها ان تقاوم هذا العنف الموجه ضدها وان تكون على قناعة تامة با نها اذا لم تواجهة هذا النوع من العنف فانها حتما فلن تستطيع فى المستقبل ان تتصدى له ، وعليها ان تقنتع تماما ان التصدى لهذا النمط من العنف يتاتى من خلال معرفتها العميقة والمتمكنة من حقوقها وواجباتها .
5-التوعية الثقافية بدور المراة فى عملية التنمية وهو دور تشترك فيه وسائل الاعلام والنخب وموسسات المجتمع المدنى ، وذلك من خلا ل عمل ندوات تثقيفية تكون الفئة المستهدفة فيهاهى الرجال فقط ، وذلك لشرح اهمية دور المراة فى المجتمع عامة ودور المراة فى عملية التنمية خاصة سواء اكان دور مباشر او غير مباشر وان المراة لكى تؤدى دورها المنشود والمامول منها لابد وان تشعر بكينونتها وان تشعر بذاتها كانسانة اولا ثم كعضو فى المجتمع له كيانه وقدراته العقلية والعلمية والابداعية .