نساء الصعيد وهوانم Garden city



عادل بشير الصاري
2012 / 2 / 6

نساء الصعيد وهوانم Garden city يمثلن التفاوت الطبقي في المجتمع النسائي في مصر، فالفئة الأولى يُرمز لها في الوعي الجمعي المصري بالطبقة الشعبية الكادحة بمستوييْها الأدنى والأوسط ، وتمثل الفلاحات والعاملات وربات البيوت والموظفات ، والثانية يُرمز لها بالطبقة الارستقراطية ، وتمثل سيدات المجتمع المخملي المرفَّه ، ولا يقتصر وجود هاتين الفئتين الاجتماعيتين على مصر، فهما موجودتان بأسماء مختلفة وبنسب متفاوتة في كثير من الدول ، وتشكلان معا غالبية مجتمع النساء في العالم العربي ، لذلك ينبغي الإشارة إلى أن ذكر نساء الصعيد وهوانم Garden city جاء لأجل التمثيل ، فموضوع المقالة لا يخص فقط هاتين الفئتين من نساء مصر ، بل يشمل عموم النساء في الشرق العربي .
إن ما أود قوله دون مواربة بخصوص وضع المرأة العربية في هذه الأيام هو أن كثيرا منهن ممن يمثلن الطبقات الشعبية والوسطى والارستقراطية ـ وإن اختلفن في المكانة الاجتماعية وفي المستوى التعليمي ـ فإن حدود إدراكهن ونمط تفكيرهن وتفاعلهن العقلي والوجداني مع مجمل الأمور الحياتية الخاصة والمواقف والقضايا العامة يكاد يكون متقاربا ، فالسذاجة والسطحية في الفهم وتحليل الأمور، والتعميم في الأحكام ، والخضوع لنوازع الذات وجيشان العاطفة ، من أبرز أعراض الجهل التي تظهر في سلوكياتهن ، وكيف تتأتى الحكمة والحصافة والفهم السليم لسيدة لا تتكلم ولا تفكر طوال يومها إلا في الأكل والشرب والزينة واللباس واللهو والسهر والسفر؟ أو سيدة مشغولة دائما بحلب الشياه والشجار مع الجيران والعمل بمضض وعلى كره في وظيفة من الوظائف ؟ .
ولا شك أن شيوع الجهل بين كثير من إناث العصر يعود إلى أنهن لم يستفدن مما تعلمْنه في المدارس والجامعات كما استفادت قبلهن أجيال من جنسهن ، ولم يثقفن ثقافة توسَّع مداركهن وتزيد من ذكائهن ، كما أن انصرافهن عن قراءة الكتب والمطبوعات الجادة والمفيدة لهن ، وإدمانهن على مشاهدة المسلسلات والأفلام والأغاني قد شوه ملَكاتهن وأضعف قدراتهن على القيام بجلائل الأعمال ، لذلك فالأم من هؤلاء لا يمكن أن تربي أبناءها على فضيلة من الفضائل ، والمعلمة لا يمكن أن تغرس في طلابها حب المعرفة والبحث والإبداع ، والموظفة لا يمكنها الإبداع في مجال عملها ، بل إنها قد تكون عالة وربما نكبة على الوظيفة .
نعم استطاعت كثير من الإناث منافسة الذكور في مختلف الميادين ، وأصبحن يمارسن مهناً مختلفة كالتدريس والطب والهندسة والتجارة والطيران والصحافة وغيرها، ولكن أعداد هؤلاء إذا قيست بمجموع النساء تعد قليلة جدا ، مما يشي أن كثيرا من الإناث الشرقيات المتعلمات عاطلات خاملات لا عمل لهن سوى طهي الطعام وتنظيف البيت والثرثرة مع الجارات والشجار مع الأطفال ، وهؤلاء يسميهن المجتمع زورا ربات بيوت ، وما هن كذلك ، فهن ـ ورب الشِّعرى ـ مدمرات لبيوتهن ، لأنهن يربين أبناءهن على البلاهة والسذاجة والجهل المركب العصي عن العلاج ، وقد صدق الشاعر أحمد شوقي حين قال :
وإذا النساء نشأن في أمية .... رضع الرجال جهالة وخمولا
وأنتَ إذا جربتَ أن تحاور إحداهن في أمر من أمور الحياة البسيطة فعليك أن تتمالك أعصابك وتمسك عنك لسانك لأنك لن تصل معها إلى حق أو باطل ، وذلك لأن حاسة التمييز عندها تكاد تكون معطلة ، وهذا الصنف من الإناث يعتمد اعتمادا شبه كلي في فهم الأشياء والتعامل معها على العاطفة والهوى .
ولقد قادني حظي السيئ أكثر من مرة إلى مدارس بنات في بلدي ليبيا ، وناقشت مديرات هذه المدارس ، كما ناقشت بعض المدرسات في طرق التدريس الحديثة والمناهج وأساليب التربية وفي كيفية التعامل مع الطالبات المتفوقات وغير المتفوقات ، فرأيت والله السذاجة والبلاهة رأي العين ، وسمعت منهن ما لا أذن سمعت ولا خطر بفلب بشر، ووالله لا أدري حتى الآن هل هن حقا كما تنادينهن طالباتهن أبلات أم هبلات ؟ ويا سعدَ من تدرِّسه هبلة منهن .