عيد الحب على الطريقة العربية



محمد عبعوب
2012 / 2 / 15

مر فجرا امام باب غرفتها.. استرق السمع.. تناهى الى مسمعه همسها.. فتح باب غرفتها ليضبطها متلبسة.. اختطف منها هاتفها النقال.. تأكد انها كانت على اتصال مع شخص ما.. انهال عليها ضربا ورفسا.. وصل صراخها الى غرفة الوالد والوالدة الذين حضرا لحمايتها.. لكنهما بعد ان عرفوا انها ترتكب جريمة اسمها الحب!! سمحوا لابنهم الفحل ان ينزل بها عقوبة تفوق في بشاعتها الضرب والتكسير ، فقد أحضر هذا الفحل المشبع بروح الذكورية الطاغية ماكنة حلاقة وحلق لها شعرها على الصفر، بعدها تكرم الوالد بنقل المجرمة!! الى المستشفى للعلاج من الكدمات التي لحقت بها على يد شقيقها الفحل.. لم تأخذ القضية مجرها القانوني المفترض، فقد تمت تسويتها اجتماعيا وفق مبدأ "الضحية لنا وكذلك الجاني" .

هذه ليست رواية من الخيال لكنها حادثة جرت في الكويت قبل ايام وتناقلتها الصحف الخليجية.. استوجبت المناسبة سردها، لأنها تكشف لنا الحقيقة الطاغية على غالبية مجتمعاتنا العربية التي لا زالت لا تعترف بالحب كفضيلة وغريزة زرعها الله في عباده، بل جريمة تستلزم اشد عقوبة إذا مارستها الأنثى ..

هذا الشاب الذي تربى في بيئة مشبعة بروح الذكورية و لا تقيم وزنا للانثى ، بل تعتبرها عورة وجالبة للعار ومجرمة إذا ما تجرأت على التعبير عن تلك الفضيلة السامية التي حبانا الله بها والتي بفضلها نتعايش ونتوادد ونتراحم، وفي غيابها نتحول الى وحوش مثل هذا الشاب الذي تعلم من محيطه ان الحب عار وجريمة.. انه هو الآخر ضحية لمنظومة قيم متخلفة لا زالت تسود اغلب مجتمعاتنا، والتي حان الوقت لاستئصالها من الوجود وزرع قيم المحبة في نفوس ابنائنا..

كم كان الموقف جميلا ومتقدما لو ان هذا الشاب دخل في حوار مع شقيقته واستفسر منها عن الشاب الذي استولى على قلبها وطالبها بالتعرف عليه ونصحها بان تكون علاقتها به لأهداف سامية والا تسمح له بالتلاعب بها، بدل تلك المجزرة والاهانة التي انزلها بها والتي ستخلف ندوبا وجروحا نفسية في ذاكرتها نحوه ونحو اسرتها لن تنساها، وربما تدفعها للتصرف بتهور انتقاما لما نزل بها من إهانة وإذلال ، وهي عادة ما تحدث في مثل هذه الحالات..

إنه احتفال عربي بعيد الحب!! وتلك هي واحدة من مظاهر التخلف التي لا زالت تسيطر علينا، والتي لا سبيل للخروج منها إلا بإقامة الدولة المدنية ونشر ثقافة التسامح والحوار واحترام حرية الفرد، ومن خلال سن منظومة قوانين تحمي المراة وتمكنها من حقوقها كافة المادية والمعنوية كإنسان له مشاعر وأحاسيس مستقلة عن الآخرين.