هل يحق للمرأة تزويج نفسها في الأسلام؟



أسامة رائد
2012 / 2 / 17

أحبته جدا وتمنت أن تعيش معه طول العمر وكان عند كلمته عندما وعدها بأن يتقدم لخطبتها لكنها لم تكن تعرف بأن أهلها سيجابهوه بكل هذا الرفض العنيد رغم أنه تقدم لها مرارا وتكرارا جاء لخطبتها متوسلا ومتوسطا بأعيان البلد من مشايخ ورجال دين لكنه لم يلق إلا الرفض مع أنه ذا خلق ودين وحسن الخلقة ويستطيع أن يؤمن لها الحياة الكريمة ألا أن أهلها رفضوه لأن نسبه أقل منهم منزلة في الأنساب والأحساب . حاججت البنت أباها وأخوتها بأن لها الحق في أختيار من تريد فقالوا لها بأن الشرع يوجب موافقة ولي الأمر وإلا عد الزواج باطلا , لم يقنعها الكلام فقررت أن تذهب مع حبيبها إلى رجل دين ليستفتيانه في الأمر وعزما على عقد قرانهما عنده رغم كل شئ.
لكن صدمتها كانت كبيرة عندما أخبرها بأن كلام أهلها صحيح فأخفض الفتى رأسه وهو يحس بيأس كبير , بينما تملكها هي غضب عارم لأنها أحست أنها ليست حرة في أختيار شريك حياتها وليس لها الحق في تقرير مصيرها وأنها تعتبر إنسان قاصر عاجز من الدرجة الثانية فقالت للرجل بحزن عميق :
يا مولانا الرجل إنسان والمرأة أنسان
فلماذا الرجل يتحكم بالمرأة ؟
يا مولانا الرجل اذا احب ان يتزوج يذهب الى اهل العروس ويتزوج
اما المرأة فعليها ان تأخذ موافقة ابوها وامها واخوانها وعشيرتها ويمكن أهل المنطقة .. الله أعلم!!!!
يا مولانا المرأة اليست انسانه لها مشاعر تحب ان يكون لها بيت وزوج واولاد؟؟
لماذا التحكم بالمرأة؟؟
يا مولانا هي إنسانة مثلها كمثل الرجل فهي لديها عقل مثله وتدرك الحياة مثله وتحب الحياة مثله وتعرف مثل ما هو يعرف في أمور الحياة
فلماذا التحكم والتسلط؟؟
فأجابها : يا بنتي أني أعلم أنك حزينة جدا لكن هذه نصوص في الدين أتفق عليها كل العلماء والمذاهب ولله حكمة في ذلك وما يدريك لعل أباك يرى من أمرك ما لا تدركين فهو رجل وعقله راجح والمرأة تغلبها العاطفة...
فقاطعته ولكن بغضب هذه المرة : أنا متعلمة وعاقلة ومثقفة يحقلي لي امتلاك المال والحلال ولايحق لي تزويج نفسي!!! ؟؟؟
قال بهدؤ: لانكاح إلا بولي
قامت هي وحبيبها ليذهبان وقالت لرجل الدين وهي تخرج : أنا من حقي أن أصوت كما هو من حقك ومن حق أبي ... أنا أنتخب و أقرر مصير بلدي بأكمله ولا يحق لي أن اقرر مصيري !!!!!!!!!
هذه قصة من الواقع سردتها كمثال لعشرات القصص التي تحدث كل يوم في مجتمعنا وللأسف أقول فأن أهل الفتاة كانوا على حق وكذلك الرجل الذي استفتياه الفتى والفتاة ويكاد علماء الدين الإسلامي يجمعون على هذا الرأي وإن أختلفت آراءهم في التفاصيل وهم في تلك التفاصيل إنقسموا إلى فرق :
فريق المالكية والشافعية والحنابلة والزيدية : هذا الفريق لا يبيح للمرأة الزواج من دون موافقة الولى سواء كانت ثيبا ( عكس الباكر) أم بكرا ..فإن تزوجت من غير إرادته كان زواجها باطلا.
فريق الجعفرية : الأمر مقرون هنا بغشاء البكارة ... فالثيب يحق لها الزواج من غير ولى فى حين أن البكر لا يحق لها. ويقول هذا الرأي كبار مراجع المذهب.
فريق الحنفية: يعتمدون كفاءة الرجل فإذا كان للمرأة أب يحق لها الزواج من الرجل الكفوء من دون شرط موافقته . أما إذا لم يكن لها أب فيحق لها الزواج من أي أحد من دون موافقة الولى سواء كان كفوءا أو غير كفوء. نرى هنا أن رأي أبو حنيفة لم يعط للمرأة حقا مطلقا في تقرير مصيرها وهو يبقيها مقيدة فهو يشترط كفاءة الرجل لكي يسقط ولاية الأب والكفاءة بحد ذاتها مختلف على تفسيرها وشروطها ورغم ذلك فأن هذا قول يتحفظ عليه الكثير ويقولون بأخذ الرأي الذي يتفق في معظم المذاهب ويستندون إلى الحديث النبوي: "لانكاح إلا بولي".
ولا يخلو هذا الأجماع الأسلامي من فتاوى نادرة تبيح للمرأة حقوقها وتأخذ بنظر الأعتبار التغيرات الحاصلة في المجتمع مثل الدكتور احمد يوسف سليمان أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة الذي قال أن المرأة " الآن أصبحت تعرف مصلحتها وتستطيع ان تقدر من هو الكفء ومدى حاجتها الى المهر. " إن هذه الآراء تبقى محدودة في محيط آراء جماعة المسلمين لكنها مفرحة لأنها تشير ألى وجود تفهم لمعاملة المرأة بمثل معاملة الرجل فهي كما تدرس مثله وتعمل مثله وتمتلك الأموال مثله وتتقلد المناصب مثله بل وتقرر مصير البلد مثله ما المانع من أن تقرر مصير حياتها مثله .
إن وضع المرأة في الوقت الحالي يختلف كثيرا عما كان عنه قبل 14 قرنا فلو أن المرأة عاطفية أكثر من اللازم وذاكرتها ضعيفة وعقلها ناقص لما برعت في مجال الطب والجراحة الذي يحتاج أعصاب باردة والقضاء الذي يحتاج إلى حكمة وبعد نظر والتجارة والأموال التي تحتاج إلى فطنة وذكاء والمرأة في يومنا هذا لم تترك مجالا إلا وطرقته وبرعت فيه بل أن هناك نساءا فتحن بيوتهن من دخولهن الخاصة بوجود الرجل من عدمه ألا يستحق كل هذا وقفة لمراجعة آراءنا عن المرأة. ينص الأعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة الأولى أن جميع الناس يولدون أحرارا في الكرامة والحقوق, وقد وهبو عقلا وضميرا وعليهم أن يعمل بعضهم بعضا بروح الإخاء وفي المادة السادسة عشر ينص أن للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين , ولهما حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند إنحلاله كما لا يبرم عقد الزواج إلا برضى الطرفين الراغبين في الزواج رضى كاملا لا إكراه فيه.
ما قيمتك أنت كأنسان إذا كانت حياتك مرتبطة بقناعة أنسان آخر ليقرر كيف يقرر مصيرك ويحددلك بمن سترتبط وكيف ستكون حياتك في المستقبل . كل هذا لكونها أنثى ولأن الدين يعتبرها غير مسؤولة ؟ وليس لسبب آخر جسدي أو نفسي يعيق حرية أختيارها .