يوم المرأة العالمي.. يوم نساء الطبقة العاملة



عايدة سيف الدولة
2012 / 3 / 8


قد يبدو العنوان غريبا لكن تلك هي الحقيقة. ذلك أن الأحداث التي سبقت الاتفاق على تحديد يوم 8 مارس عيدا عالميا للمرأة لم تبدأ في أروقة الأمم المتحدة عام 1977 كما يشاع وإنما تعود إلى عام 1857 حين أضربت مئات العاملات في أحد مصانع الغزل والنسيج في نيويورك احتجاجا على انخفاض الأجور وظروف العمل السيئة، وبعدها بخمسين عاما، أي في عام 1907 احتفلت النساء العاملات في الولايات المتحدة بذكرى هذا اليوم بتنظيم الحملات من أجل الحق في التصويت والمساواة في الأجور والحق في التنظيم دفاعا عن حقوقهن الاقتصادية والسياسية. ثم تكرر الاحتفال مرة أخرى في العام التالي، 1908، حين قامت نساء اشتراكيات بتأسيس رابطة العاملات النقابيات لمساعدة النساء على تنظيم أنفسهن في أماكن العمل وسارت النساء في مظاهرات حضرها حوالي 2000 شخص في حي مانهاتن بنيويورك.

وفي عام 1909 نظمت عاملات النسيج إضرابا عاما شاركت فيه ثلاثون ألفا من عاملات النسيج، واستمر إضرابهن لمدة 13 يوما مطالبات برفع الأجور وتحسين ظروف العمل مما أدى إلى اعتقال العديد منهن وقد قامت الرابطة بدعم الإضراب ودفع كفالة النساء المعتقلات.

أما عن الطابع العالمي لليوم فقد طرح لأول مرة عام 1910 من الوفود النسائية الاشتراكية والنسوية المشاركة في مؤتمر الأممية الثانية في كوبنهاجن التي شددت على أهمية التضامن العالمي بين عاملات العالم. ولم يكن طرح الأمر سهلا فقد كانت هناك أصوات ترفض خصوصية النساء وتعتبر أن التضامن ضروري بين العمال بشكل عام بعض النظر عن الجنس. ورغم التفاوت في الآراء إلا أن المناضلة الاشتراكية الألمانية كلارا زيتكن تمكنت من فرض القضية على جدول أعمال المؤتمر وفي العام التالي قامت بتنظيم مؤتمر نسائي ضم حوالي مائة امرأة من 17 بلدا ممثلات للنقابات والأحزاب الاشتراكية وروابط النساء العاملات إضافة إلى أول ثلاث نساء منتخبات في البرلمان الفنلندي وقد رحب المؤتمر بالإجماع باقتراح كلارا زيتكن ومنذ ذلك الوقت أصبح يوم 8 مارس عيدا عالميا للنساء. كذلك أكد المؤتمر على ضرورة منح النساء حق التصويت ورفض نظام التصويت المستند إلى ما يملكه الناخب من موارد، كما طالب المؤتمر بالمساواة في الأجور وتوفير حقوق أخرى مثل إجازات الأمومة مدفوعة الأجر، باعتبار الأمومة وظيفة اجتماعية وليست شأنا خاصا للنساء فقط. وبموافقة المؤتمر على اعتبار اليوم يوما عالميا للنساء تم الاحتفال به بشكل رسمي لأول مرة عام 1911.

يوم 8 مارس هو في الأصل يوم الاحتفال بنضال النساء من أجل حقوقهن الاقتصادية والاجتماعية داخل وخارج المنزل، في مواجهة استغلال رأس المال وفي مواجهة قمع المجتمع الذكوري، الذي يرفض أن يعترف بخصوصية أوضاع النساء حين يتعلق الأمر بالحقوق، ثم يرفعون راية الخصوصية حين يتعلق الأمر بالعنف والقهر والاستبعاد والاستغلال.

يوم 8 مارس 2012 سوف يتقدم وفد من النساء بقائمة مطالبهن إلى البرلمان التي تسيطر عليه أغلبية إسلامية وسوف يؤكدن على جدية هذه المطالب بمسيرة تنطلق في الرابعة بعد الظهر من أمام نقابة الصحفيين إلى البرلمان تتقدمهن أمهات الشهداء والمصابين.. فلتعلم نساء مصر اللاتي سوف يتظاهرن في ذلك اليوم لنصرة الثورة المصرية الباسلة وتحقيق الحرية والعدالة والكرامة للجميع بدون تمييز أنهن بذلك يضفن فصلا إلى فصول النضال النسائي الممتدة عبر الزمن وأنهن يكتبن تاريخا لم يأخذ حقه بعد في كتب التاريخ.