بمناسبة الثامن من آذار ...تاريخ نضالي مجيد وواقع متردي



شمخي جبر
2012 / 3 / 8


تحتفل النساء في انحاء العالم كافة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، وتجري الدول والمنظمات الدولية مراجعة لواقع المرأة وما تواجه من تحديات، بخاصة في المناطق التي تشهد اضطرابات سياسية او اعمال عنف، تكون المرأة احد ضحاياها.
وحين نتحدث عن المرأة لمناسبة يومها فاننا نتحدث عن مجتمع بكامله باعتبار المرأة نصف المجتمع ومربية نصفه الاخر، فكيف هو حال المرأة الام التي ينتظر منها ان تربي الاطفال، المرأة الفقيرة ، المهجرة، الارملة، الامية، المعنفة دائما وابدا؟ كيف تستطيع امرأة بهذه المواصفات بناء جيل يعول عليه؟ وهي الحضن الاول للطفل، الذي يمكن ان يدمره ويخربه ويشوهه او يبنيه.المرأة هي نصف المجتمع ومربية نصفه الاخر تستحق منا الكثير من الاهتمام ، سيما وهي تحتفل بيومها العالمي ، الذي تقوم الدولة خلاله بمراجعة الواقع الذي تعيشه المرأة وما تواجه من تحديات ، وبخاصة في المناطق التي تشهد اضطرابات سياسية او اعمال عنف ، تكون المرأة احدى ضحاياها بأعتبارها من الفئات الضعيفة داخل المجتمع.
استذكار الثامن من آذار يوم المرأة العالمي يعني استذكار لصفحات نضالية من تاريخ وطننا ومجتمعنا .سؤال كبير علينا طرحه ونحن نستذكر هذا اليوم الخالد،كيف هو حال المرأة الام التي ينتظر منها ان تربي الاطفال، المرأة الفقيرة ، المهجرة ،الارملة ،الامية ، المعنفة دائما وابدا؟ كيف تستطيع امرأة بهذه المواصفات بناء جيل يعول عليه؟ وهي الحضن الاول للطفل،الذي يمكن ان يدمره ويخربه ويشوهه او يبنيه.
تاريخ نضالي
المرأة العراقية صاحبة التاريخ النضالي الطويل ، التي كتبت انصع الصفحات في تاريخ الحركة الوطنية تستحق منّا وقفة طويلة لمراجعة واقعها واهمية الاهتمام بها . فلا تطور لأي مجتمع دون تطور المرأة ورفع قدراتها وتمكينها على كافة المستويات .
المرأة العراقية رفيقة المناضلين وسند المجاهدين ومربية الاجيال ومدرسة الوطنية العراقية ، ركيزة اساسية في البناء الديمقراطي . اذ لايمكن اقامة السلم الاجتماعي دون وجود المرأة بوصفها منتجة القيم المدنية وداعية الوئام الوطني.ونظرة بسيطة لتاريخنا في ماضيه القريب تعطينا نماذج لدور الحركة النسوية في مواجهة الانحرافات في الواقع السياسي والاجتماعي، اذ كانت للمرأة مكانتها في صفحات النضال الوطني منذ ثورة 1920 ، ومن ثم تأسيس الدولة العراقية 1921 .
ولعل ابرز العلامات الفارقة في تاريخ المرأة بروز شخصيات نسائية رائدة يمكن اعتبار الوزيرة الاولى في العراق والعالم العربي نزيهة الدليمي ، من الرائدات في الحركة النسائية العراقية العربية والعالمية.
المرأة العراقية التي تشكل اكثر من نصف المجتمع تحتاج التفاتة مهمة من قبل صانع القرار في العراقي الراهن الذي يطمح للاعمار والبناء ، فكيف يتم هذا مع تكبيل وتهميش نصف المجتمع؟
والمرأة العراقية تنتظر من السلطة التشريعية الالتفات الى القانون 188 لسنة 1959 الذي شرّع في عهد مؤسس الجمهورية العراقية الاولى الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم ووصف بأنه من ارقى القوانين في مجال الاحوال الشخصية .
.

العنف ضد النساء
اذا كانت المرأة قد تعرضت في ظل النظام الدكتاتوري الى شتى اشكال العنف في دوامة الحروب والحصار ، ولم تكن اوضاعها بعد 2003 باحسن من سابقتها من السنوات العجاف . اذ تعرضت المرأة لعدة انواع ومستويات للعنف والتمييز. اوله عنف المجتمع بعد غياب اجهزة الضبط الرسمية وغير الرسمية ، والثاني هو النزاعات المسلحة والعنف والذي اصبحت المرأة هدفه المباشر وغير المباشر، والثالث عجز المؤسسات الرسمية عن اداء وظيفتها وتحمل المرأة للاعباء الناتجة عن غياب الخدمات، اما المستوى الرابع فهو هيمنة الجماعات المتشددة واستخدامها التهديدات ضد المرأة لدفعها للانزواء .. فاصبحت المرأة في ظل كل هذا احد اهداف العنف وضحاياه!
فضلا عن زيادة انتشار ظاهرة ما يُسمّى «بجرائم الشرف وتعرضهن للإختطاف لدوافع إجرامية أو سياسية ، يضاف الى هذا ازدهار ظاهرة الإتجار بالنساء والأطفال (تجارة الجنس). وزيادة في نسبة الزواج المبكّر ،بعد الغاء القانون (188)لسنة 1959 على وفق المادة الدستورية (41 ). واهم ماواجهته المرأة هو زيادة تنذر بالخطر في مستويات الفقر التي تؤثر سلباً على حياة النساء ، لاسيما في ظل وجود مئات الالاف من الارامل . المشكلة الاهم هي عدم وجود ملاذات امنة للمعنفات اذ تقف بعض الجهات موقف سلبي من هذا الامر، وهذا مازاد المشكلة اتساعا وتأثيرا.
وهنا لابد لنا ان نذكر المرأة العراقية التي عاشت ظروفا صعبة لاقت فيها شتى اشكال التهميش والاقصاء فضلا عما تتعرض له من عنف اجتماعي وسياسي وقانوني واقتصادي مبرر في الموروث الاجتماعي من العادات والتقاليد التي تشكل عليها ضغطا كبيرا وهي تمارس التمييز ضدها.

وكانت فترات الدكتاتورية والاستبداد التي استمرت لأكثر من ربع قرن لاقت المرأة فيها ويلات الحروب التي لم يعانها الرجال وحدهم بل كانت النساء شريكا فعليا،وهن يستقبلن ضحايا الحروب من ابنائهن او ازواجهن ، ناهيك عن المسؤوليات الكبيرة التي تحملتها المرأة في إدارة الأسرة وتربية الابناء.
سنوات الحصار التي دامت (13) عاما لا تقل في آثارها وضغطها على النساء من ويلات الحروب ، فحالات العوز والفقر ومواجهة متطلبات الحياة اليومية ، القت بظلالها على الوضع النفسي والجسماني للمرأة فشكلت احد اشكال العنف وهو (العنف الاقتصادي).
ممارسات الدكتاتورية وحملات الاعتقال والتهجير وسلسلة الاعدامات للمعارضين للنظام كان للمرأة حصة فيها وهي تواجه النظام وتتحداه ، او ماعانته وهي تبحث عن ابنائها في السجون والمعتقلات .سلسلة طويلة من المعاناة رزحت تحتها المرأة، وهي تنتظر ساعة الخلاص ، خلاصها كأنثى وخلاص مجتمعها ،فمعاناتها مركبة.
وبعد التاسع من نيسان 2003 حين سقط صنم الاستبداد ، استمرت معاناة النساء رغم النظام السياسي الذي ارتدى لباس الديمقراطية الذي كان فضفاضا عليه.
فكان الارهاب والعنف يترصدها ، اذ تضاعفت اعداد اليتامى والارامل لتضاف الى عشرات الالاف من ضحايا حروب النظام ، فضلا عن القسر والاكراه الذي شكل عنفا ثقافيا واجتماعيا يلقى سنده من تبريرات ثقافية عديدة.
احصاءات كثيرة لجهات محلية ودولية اشارت الى احصاءات كبيرة من ضحايا العنف بكل اشكاله.
اشراقات كبيرة في صفحة نضال المرأة العراقية ، لعل اهمها بروز العديد من الناشطات العراقيات على مستوى عالمي من خلال انجازات مهمة وفي ظروف استثنائية.كما لايمكن اغفال حصول المرأة على الكوتا النسائية التي تعد تمييزا ايجابيا لصالحها.
بمناسبة الثامن من آذار نهدي اكاليل من الورد للمرأة العراقية المكافحة والمناضلة ، في جميع الساحات العراقية وهي تواجه الكراهية والعنف بالحب والسلام فالف تحية لامهاتنا واخواتنا وزوجاتنا وبناتنا وعماتنا وخالاتنا وحبيباتنا ،وكل عام وهن يرفلن بالحب والجمال