المطالبة-- بتشريع الجوارى --- بجانب الزوجات -- للتمتع بما ملكت الايمان -فى مناسبة عيد المرأة العالمى



علي عجيل منهل
2012 / 3 / 8

طالب- حزب تونسي بقانون ينص على تعدد الزوجات،- أو اعتماد نظام الجواري،- وذلك في سابقة تأتي - يوم عيد المرأة، -قال البحري الجلاصي رئيس حزب الانفتاح والوفاء التونسي في تصريح نشرته ا- صحيفة الصريح التونسية، إنه يطالب المجلس الوطني التأسيسي بأن ينص الدستور التونسي الجديد على حق كل تونسي في اتخاذ جارية -إلى جانب زوجته، والتمتع بما ملكت يمينه .
ودعا إلى إلغاء كل فصل قانوني يُجرم هذه العلاقة التي وصفها بـ الشرعية ، مشددا في الوقت عينه على ضرورة تقنين الجواري، واعتبار ذلك حقا متاحا للرجال المتزوجين بواحدة، وتصنيف الجارية ضمن خانة -- ما ملكت أيمانهم .
وإعتبر الجلاصي أن ---الجارية هي الحل الأنجع لإعادة التوازن الاجتماعي والأخلاقي للمجتمع التونسي الذي تضرر بعلمانية مجلة (قانون) الأحوال الشخصية ، وعانى على مدى خمسة عقود من الزمن من تجريم تعدد الزوجات .
وتأتي هذه التصريحات التي وُصفت بـ القنبلة ، فيما تستعد المرأة التونسية للاحتفال باليوم العالمي لها، وسط تخوفات متزايدة من تنامي الدعوات المطالبة باعتماد الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع في البلاد، وبالتالي تنقيح قانون الأحوال الشخصية لجهة حذف المواد التي تحرم تعدد الزوجات.
وكان النقاش حول ضرورة التنصيص على اعتماد الشريعة الإسلامية ضمن مرجعيات الدستور التونسي الجديد قد أثار جدلا واسعا داخل أروقة المجلس الوطني التأسيسي المكلف بصياغة الدستور التونسي الجديد.
وقد طالب نواب حركة النهضة الإسلامية باعتماد الشريعة الإسلامية كمصدر أساسي للتشريع في الدستور الجديد، حيث اعتبر الصحبي عتيق، رئيس كتلة حركة النهضة، أن التخوف من الشريعة الإسلامية، غير مبرر، وناجم عن اعتقاد بأنها تختزل في المبادئ الزجرية والردعية .
وأشار إلى أن حركته تطالب باعتماد الشريعة الإسلامية مرجعا للتشريع وليس مرجعا للدستور، ذلك أن مثل هذا التنصيص يعتبر عاديا في السياق التاريخي الذي تعيشه منطقيا بالنظر إلى مرجعية الشعب التونسي وهويته .
وفي المقابل، رفض نواب القوى السياسية والتقدمية الأخرى في المجلس الوطني التأسيسي هذا الطرح، وأعربوا عن خشيتهم من القراءات المتشددة للدين الإسلامي، وأصروا على الاكتفاء بالتنصيص على أن الإسلام دين الدولة التونسية.
وطالبوا بإرساء المبادئ الأساسية للدولة العصرية دون التوظيف السياسي للدين الإسلامي، باعتبار أن التنصيص على اعتماد الشريعة الإسلامية مصدرا أساسيا أو مصدرا من بين مصادر التشريع التونسي يفتح الباب لتأويلات لا يعرف منتهاها .
وشهدت تونس خلال الأيام الماضية عدة وقفات احتجاجية دعا فيها المشاركون إلى ضرورة الحفاظ على المكتسبات التي حققتها المرأة التونسية، وعدم التراجع عنها، كما أكدوا خلالها على ضرورة صياغة دستور جديد للبلاد يكرس مدنية الدولة ويؤسس لنظام جمهوري يقوم على الديمقراطية ويضمن التداول السلمي على السلطة على أساس السيادة الفعلية للشعب ومبدأ المواطنة .
ودعت منظمات نسائية وحقوقية جمعيات أهلية إلى تنظيم مسيرة حاشدة اليوم الخميس للدفاع عن حقوق المرأة، وحمايتها من الهجمات الرجعية ، وصيانة قانون الأحوال الشخصية الذي ينص بالخصوص على منع تعدد الزوجات، والمساواة بين المرأة واالرجل-

شاركت التونسيات بقوة، ولعقود طويلة، بكافة مناحي الحياة،

كان لهن مشاركة واسعة في الثورة التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي، كما شاركت في الانتخابات ونالت قرابة ربع المقاعد، غير أن التنوع غاب عن تمثيلهن، مع بروز السيطرة الإسلامية الممثلة بحركة النهضة، التي تعيد حالياً تشكيل المشهد السياسي التونسي.
وتعيش النساء في تونس بظل "حصانة قانونية" مستمدة من "مجلة الأحوال الشخصية" الصادرة عام 1956، والتي تساوي بين الرجل والمرأة بشكل كامل وتحظر تعدد الزوجات ويحدد السن القانونية للزواج عند 17 سنة، ويقر الطلاق القضائي، ويربط الزواج بموافقتها، كما يمنحها حق الوصاية على أطفال زوجها بعد وفاته.
ولكن بعض القوى العلمانية التونسية، إلى جانب منظمات نسائية، تبدي قلقها من أن يكون وضع المرأة التونسية على وشك التبدل، فرغم تأكيدات أركان حركة النهضة عدم نيتها المس بالوضع القائم، غير أن تعارض بعض مواد مجلة الأحكام الشخصية مع الشريعة قد يتسبب لها بإحراج كبير بين جمهورها أو بين القوى التي تقف على يمينها، ما يدفعها لتعديل موقفها في وقت لاحق.
وفي هذا السياق، انشغلت وسائل الإعلام بمتابعة تصريحات للسياسي الإسلامي، البحري الجلاصي، رئيس حزب "الانفتاح والوفاء" الذي نقلت عنه الصحف دعوته المجلس التأسيسي إلى إصدار قانون ينص على تعدد الزوجات، أو العودة لاعتماد "نظام الجواري" القديم.
الجلاصي- فقال إن ما جاء في حديثه هو "رأي عبر من خلاله بطريقة نقدية" عن وجهة نظره وهي أن "مجلة الأحوال الشخصية المطبقة في تونس أذلت المرأة وقضت عليها، وهي ليست من الإسلام في شيء، بل هي من وضع الحداثيين والرئيس السابق الحبيب بورقيبة، وهما من يتحمل مسؤولية هذه الجريمة في حق المرأة."
وأضاف أن الرئيس السابق زين العابدين بن علي، واصل العمل بالقانون: "للقضاء على الإسلام" وأضاف: "بتنا الدولة الوحيدة في العالمين العربي والإسلامي التي تطبق هذه القوانين."
ولفت الجلاصي أنه لم يقصد العودة الفعلية لزمن الجواري، وإنما إظهار أن النساء في ظل الإسلام، حتى الجواري، كان لهن حقوق أفضل من النساء اليوم، وأن القوانين الحالية تضر بالمرأة وبالمجتمع ككل وتدفع النساء والرجال إلى ممارسات غير شرعية.
وأضاف الجلاصي: "وضع الجارية أفضل لأنها كانت تأتي معززة إلى بيت مالكها وكان لها قيمة ومعنى، أما اليوم فالمرأة في تونس تتزوج بأبخس الأثمان، لذلك فالجواري أفضل حالاً من التونسيات حالياً لأن الأخيرات يبعن بأرخص الأسعار بطرق ملتوية مثل زواج المتعة أو الزواج العرفي أو الارتباط غير المشروع بالأصدقاء."
وأضاف: "بات لبعض رجال الأعمال أكثر من 15 صديقة، ونرى أعداد اللقطاء تزداد بشكل كبير."
ورأى الجلاصي أن الاعتراض الأساسي هو "على مجلة الأحوال الشخصية التي تمنع الزواج المتعدد وتضر بالتالي بالرجل والمرأة،" وأضاف: "هناك اليوم 56 ألف قضية طلاق سنوياً في تونس، وهناك 400 ألف رجل مهدد بالسجن شهرياً في حال التخلف عن دفع النفقة التي يفرضها القانون."
واعتبر الجلاصي أن الرجال يقاسون جراء هذه القوانين ويمتنعون عن الزواج، ما يدمر المجتمع ويرفع معدلات العنوسة بشكل كبير، واتهم القوانين التونسية بأنها "تجعل النساء آلهة جديدة وترفعهن إلى مراتب القداسة."
وانتقد الجلاصي، الذي لم يتمكن حزبه من المشاركة في الانتخابات لتأخر حصوله على الترخيص، الأوضاع في تونس ككل، ورأى أنها "ظاهرة شاذة، وهي بقوانينها تخالف ما عليه الحال لدى 95 في المائة من المسلمين حول العالم."
وأكد أن هذه الأسباب دفعته إلى الاعتراض على قضية المتمثلة بمواصلة تطبيق مجلة الأحوال الشخصية، والدعوة بالتالي للسماح بتعدد الزوجات، ما يحل أيضاً مشكلة اللقطاء والعلاقات غير المشروعة.
وعن موقفه حيال القضية في ظل وجود قوى إسلامية على رأس الحكم في تونس قال الجلاصي: "قضية الجواري وملك اليمين موجودة منذ فجر الإسلام، وقواعدها واضحة، وفي تونس هناك مزايدات سياسية لا تريد إلغاء المجلة، حتى أن بعض القوى الإسلامية التي فازت بالانتخابات وصوتت الناس لها من أجل تطبيق الشريعة تتجنب التطرق إلى هذا الموضوع."
ولإظهار شدة الانقسام في وجهات النظر، نقلت وكالة الأنباء التونسية الخميس أن الاتحاد العام للشغل استضاف في مقره بالعاصمة ندوة تحت عنوان "لا تراجع عن حقوق المرأة التونسية" بهدف دراسة واقع المرأة التونسية حاليا.
وقال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي بالمناسبة، إن السعي متواصل من أجل بلوغ المساواة الحقيقية بين الرجل والمرأة.
وفي ما يخص واقع المرأة التونسية اليوم قال الحسين العباسي إن "الوضع لا يطمئن لان مسيرة النساء في النضال ما زالت طويلة وتستلزم جهدا أكبر لتخليصها من الفوارق وتمكينها جميع حقوقها."
ومن جهتها تطرقت الحقوقية سعيدة قراش، عضو الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، في مداخلتها إلى ما يمكن أن ينجم عن "إدراج الشريعة كمصدر أساسي في الدستور الجديد للبلاد من مخاطر على مكاسب المرأة في تونس" وفق تعبيرها.
ونقلت وكالة الأنباء التونسية الرسمية عن قراش قولها إن "الإصرار على اعتماد الشريعة لضبط الحقوق والواجبات بين الدولة والمواطنين وتنظيم السلط العمومية وتحديد طبيعة النظام السياسي وأشكال التدوال على السلطة، ليس إلا شكلا من أشكال السطو على مكتسبات النساء والمجتمع التونسي عموما وعملا مخالفا لأهداف الثورة."
وفي ظل الانقسام الواضح في الآراء بين من يريد الحفاظ على الوضع الحالي في تونس، وبين من يرى في الشكل الراهن للأمور اغتراباً سلبياً يبعد البلاد عن إرثها الثقافي والديني، تتطلع التونسيات ونساء العرب ككل إلى تحقيق كل أهدافهن في هذا الربيع.