تهميش دور المرأة



محمد سيف المفتي
2012 / 3 / 11

اضطهاد المرأة لم يكن أحد مرادفات الحجاب و التبرقع و الاسلام. بل هو جزء من تاريخ النرويج الذي يعتبر من الدول الرائدة في مساواة المرأة بالرجل.
إسكات صوت المرأة أخذ حقبا طويلة من تاريخ المرأة في العالم بعيدا عن البرقع و الاسلام. هذا صوت نسوي نرويجي في يوم المرأة.
في يومنا الحالي عندما نقوم بتلقين الشباب الوافدين الى النرويج أن دينهم وثقافاتهم هو العائق المباشر الذي يقف في وجه عملية المساواة بين المرأة و الرجل. و لكننا لو سألني أي امرأة نرويجية من الفئة العمرية 60 سنة فما فوق عن الحرية التي كانت تتمتع بها في شبابها فلو سألناها على سبيل المثال.
هل كان يسمح لك باختيار الدراسة التي كنت ترغبين بها؟
هل كان حصولك على العمل بدلا عن الرجل هو تحصيل حاصل لكونك أكثر أهلية منه؟
هل كان يمكنك أن ترتدي ماتشائين من الملابس و لا توصمين بانك إمرأة بلا أخلاق؟
هل كان يسمح لك بالمشاركة بكل انواع الرياضة المتحة للرجال؟
هل كان العنف المنزلي موضوعا يمكنك الحديث عنه؟
هل كان يسمح لك بالمشاركة في الحياة السياسية, ويسمح لك بالادلاء برأيك كما تشائين؟ الجواب هو لا على كل هذه الاسئلة.
الصمت صفة نسائية
السبب بهذا الموضوع هو التربية, تربية الصمت النسوية. المرأة النرويجية تم ايقافها باسم الدين. قبل مئة عام عندما سمح البرلمان لترشح النساء للعمل في مناصب الدولة, تم استثناء المناصب الدينية. كان رجال الدين يعبرون عن آرائهم لايقاف تطوير دور المرأة في المجتمع.
كانوا يستخدمون رسالة بولص الاولى لكي لا يسمحوا للمرأة أن تتقلد منصب القس.
- كما في كل الكنائس المقدسة فعلى المرأة أن تصمت عندما نجتمع في الكنائس. و إذا كان هناك شيء يجب أن تتعلمه المرأة فلتسأل زوجها عنه في البيت.
لأنه في ذلك الزمان كان حديث المرأة في الكنيسة عارا. و استمر حق الفيتو في يد الكنيسة حتى قال رئيس الحزب المسيحي آرلنك ويكبورك تحت قبة البرلمان.
- لو كان الرب يريد للنساء أن يكن كما يريد القساوسة لقام بتوجيه الكنيسة في هذا المسار. ومضت خمسة سنوات قبل أن تتقلد اينكر بيورنس منصب قس, و 40 عام بعد ذلك قبل تتقلد المرأة و للمرة الاولى منصب اسقف.
وجاء اليوم الذي قالت فيه السويد كلمتها بخصوص المساواة عندما قالت لن نصل الى المساواة الحقيقية حتى نرى نفس العدد من المديرات الغير كفوءات بقدر ما لدينا من المدراء الغير كفوئين.
المرأة في العالم العربي
التقاليد المرتبطة بالمجتمعات الذكورية هي أهم معوقات نهضة المرأة العربية, أكثر ما يحز في نفسي عندما تسأل المرأة هل ترغبين بفلان زوجا لك, فيجب أن تسكت ويهلل الحضور السكوت علامة الرضى. يجب أن تمارس فن الصمت حتى حين تختار أهم خيار في حياتها.
أن هذا المصطلح مستعمل في الغرب, ولكنه يستعمل عندما تسكت عن خطأ أو اجحاف فيقال لك لطالما سكت فأنت راض عن ما حدث.
يقولون صوتها عورة ألم تشارك في الحروب الاسلامية و قامت بتطبيت الرجال, هل كانت تستعمل لغة الاشارة؟
الدين الاسلامي كرم المرأة و اعطاها مكانة عليا, لكن أنانية الرجل المطلقة جعلته يحرف الدين ويفسر الاحاديث النبوية كما يشاء ليقيد المرأة كما يحلو لأنانيته.
لو قالت المرأة لقد قال نبينا المصطفى ص النساء شقائق الرجال , لأنكروا وجود الحديث.
الفرق بين الشرق و الغرب هنا أن الغرب استفاد من قدرات النساء و اعتبرها نصف المجتمع الفعال فهي المديرة, المهندسة و المعلمة. وأعطاها القانون كل مستحقاتها التي تستحقها من الناحية النفسية و البايولوجية. و اشترط مشاركة الرجل لها في كل شيء حتى في مراعاة الطفل فله اجازه الابوة كما لها اجازة الامومة. فالرجل شريك المرأة الفعال في البيت و هي نصفه الفعال في الحياة العامة.
أما الشرق فإعتبر المرأة هو النصف الذي يختص بالعائلة, وهي الجوهرة المكنونة التي أن يحافظ عليها في داخل البيت, ويكرمها صاحبها بأن يطعمها و يكسيها, وهكذا فقد المجتمع نصف قدرته الانتاجية.
كفاح المرأة
لقد تم وضع النساء بموقف المحارب على جبهتين, ليس فقط ضد المبررات المستخدمة بأسم الدين لأيقاف مسيرة المرأة بل تجاه الثقافات الذكورية المتأصلة في المجتمعات العربية و التي كانت في المجتمعات الغربية سابقا.
خلال الاربعين سنة الاخيرة في الغرب, لم تبق الاولية في التعليم لذكور العائلة. النساء المتزوجات لهن الحق بالحصول على اوراق الضريبة الخاصة بهن و يستقطع من دخلها الضريبة المطلوبة وليس من دخل الرجل.
هذا لكي تكون المرأة معتمدة على نفسها. وفي حالة طلاقها لن تكون بحاجة أن يذلها الرجل مرة باستدعائها الى بيت الطاعة. مثل هذا الحوار سمعته كثيرا
- أخي هل تريد أن تعيش معها؟
- لا فقط لكي أكسرها و أذلها.
لا يدفع النفقة لماذا لا تدفع النفقة؟
- هي لا تستحق, أنت لا تعلم؟ الكثيرين منكم قد سمع مثل هذا الحوار.
ممنوع الاعلان عن وظيفة يتم فيها التحديد عن الجنس المطلوب. هذا الموضوع كان معمولا به حتى عام 1971, اي تحديد الجنس مطلوب للوظيفة المعنيه.
وبقيت المرأة لسنوات تعاني من عقدة التصريح بالرأي بسبب التربية, حيث أن النساء قد سمعن كلمات بولص لسنوات طويلة.
- الرجل هو رأس المرأة, كما أن المسيح هو رأس الكنيسة.
وسكتت المرأة في العالم العربي طويلا ولم تزل بسبب سياسات والتقاليد التي يتحكم بها الذكور. ليس الدين هو المسؤول عن اعاقة مسيرة المرأة بل الرجل المسؤول عن تطبيق الدين و الحارس على تطبيق التقاليد.
الربيع العربي
كثير من الاحزاب الدينية تتطلع الى النموذج النرويجي و ليس غريبا أن يكون أحد هذه الاحزاب هو حزب الاخوان المسلمين في مصر. هم لن يقوموا باستنساخ النموذج النرويجي وتطبيقه في مصر ولكنه سيكون مصدرا للايحاء لهم بافكار اصلاحية. وخصوصا عندما يسمعون بالخطوات التي قامت و تقوم بها وزارة المساواة و التي ستوضح لهم أن الازدهار الاقصادي سيحسن من وضع المرأة وفق سياسة نسوية ظاهرة على الخريطة السياسية في تلك البلدان.
الحقيقة التي يجب أن نذكرها من التجربة النرويجية هي أن الديمقراطية لم تعني دائما أن تطبيقها سيحسن من حقوق المرأة. و لكن الحقيقة الثابتة أن المؤسسات العاملة تحت ظل الديمقراطية الحقيقة ستكون قادرة للكفاح لكي تنال النساء حقوقها.
يقول وزير الخارجية النرويجي أني أعتقد, بالرغم من شكوكي , أن هذا الطريق ستسلكه الدول العربية.
خلال زيارته لمصر يقول نحن نعلم تماما أن النساء وقفن وراء التغيرات التي حدثت جنبا الى جنب مع الرجال, لكنني لم أرى نساء الثورة الوات وقفن في ميدان التحرير في البرلمان, الأغلبية هم الرجال. لكنني يجب أن أذكر مقولة سمعتها تعزز ما كننا نعتقده بأنهم مؤمنون بالديمقراطية عندما قال لي أحدهم
- تذكر, لم يكن الرجال وحدهم من حضروا وللمرة الاولى الى انتخابات حرة, بل النساء كذلك.
حرب المساواة و حقوق النساء ستكون قاسية في إطار سياسي يحكمه رجال يتحكمون بالسياسة و الدين معا.
إن التقاليد التي يتحكم بها الرجال ستجعل النساء يدورون في دوامة صعبة كحرب السعوديات لقيادة السيارات.
وذكر وزير الخارجية قولا جعلني انتبه لأمر غفلت عنه.
- الاصلاحات التي تمت تحت ظل السلطات الديكتاتورية, كانت نتائجها على عكس المقصود منها, حيث أنها كانت تفتقد الشرعية ولذلك لم تتقبلها الاغلبية.
الغريب في ربيعنا العربي أن التشريعات التي ضمنت للنساء حقوقها و التي أقررت تحت ظل أنظمة ديمقراطية كنظام مبارك, بن علي و القذافي, تراجعت الآن على يد قيادات و احزاب منتخبة من الشعب.
فهل سنعود بالمرأة الى القرون الوسطى؟
سياسة الرجال
لقد حكم الرجال عالمنا العربي لقرون و قرون و العالم على حاله, من سيء الى أسوأ. لماذا لا نفسح المجال للنساء أن تحكم الدول العربية ويقف الرجال خلفها.
هل جرحت كبرياء الحكام العرب؟
نعم فأنا أحترم زنوبيا أكثر منكم, و كم نحن بحاجة الى رجال مثل رجالها كان ولائهم لتدمر قبل أن يفكروا إذا كان صاحب التاج فحل أم أنثى.
فلتستيقظ في كل إمراة عربية زنوبيا, و خنساء. فأنت ياسيدتي شجرة الدر التي يحتاجها مجتمعنا في كل ركن من أركانه.