المرأة العراقية.. التكيف وسط الرعب



عبدالوهاب حميد رشيد
2012 / 3 / 12


ترجمة: عبدالوهاب حميد رشيد
منذ ما يقرب التسع سنوات، قامت الولايات المتحدة وبريطانيا بغزوهما الإجرامي للعراق. وقبل ثلاثة أشهر تقريباً تحقق انسحاب كبير للقوات الأمريكية في ديسمبر/ ك1 العام 2011. وخلال هذه الفترة، تدهورت أوضاع المرأة العراقية بشكل كبير في ظل الاحتلال المباشر، وتفاقمت في الأشهر الثلاثة الأخيرة.

صار وجود 250 ألف جندي محتل غير ضروري بعد إنجاز الاحتلال تدمير المجتمع العراقي وإجباره على الخضوع والاستسلام. والأسوأ هو ما عانت المرأة في ظل الاحتلال- ليس باعتبارها هدفاً للعنف في ذاتها فقط، بل كذلك كوسيلة يتم من خلالها ممارسة المزيد من الانتهاكات للمجتمع المنكوب.

آلاف النساء العراقيات حالياً في سجن وزارة الداخلية أو قوات (التدريب) الأمريكية والبريطانية.. وهناك أخريات- وفقاً للناشطة المخضرمة أسماء الحيدري- يقبعن في "سجون سرية" تحت حراسة المليشيات الموالية لرئيس وزراء الاحتلال في بغداد.

أصبح استخدام التعذيب والاعتداء الجنسي منهجياً في العراق- وفقاً لـ الحيدري- ليس من قبل الولايات المحتدة وبريطانيا، فحسب، بل أيضاً من قبل إسرائيل وإيران.

أثناء وجودهن في المعتقلات، تعرضت كثرة من النساء للاغتصاب، ومنهن من أصبحن أمهات لأطفال دون رغبتهن. كما وجرت حالات اغتصاب أمام الأزواج لإهانة الزوج/ العائلة والحصول على الاعترافات من رجال مشتبه بهم مقاومة النظام المجرم.

من المؤكد أن العنف العشوائي في الشوارع، يؤثر سلباً على المجتمع ككل. لكن المرأة العراقية عانت بدرجة أكبر، حيث استُهدفت في سياق الخطف والاغتصاب على أيدي مليشيات (دولة) ينعدم فيها القانون.. وبعد تسع سنوات صارت المرأة تزداد التصاقاً بالمنزل، بعيداً عن الحياة العامة..

وحتى في المنزل، كثرة من النساء العراقيات لسن في أمان. "نمت ظاهرة العنف المنزلي في مجتمع يعاني من فقدان الأمن والبطالة." وحسب الحيدري، قدرت وزارة التخطيط العراقية مستويات البطالة الكلية بـ 25% في فبراير هذا العام، في حين أشارت تقديرات غير رسمية إلى أنها بلغت 30%.

عانت المرأة العراقية، ليس باعتبارها حصيلة العنف، بل أيضاً بسبب نظام فاسد قائم على انتهاك حقوق العراقيين. وفي حين أن الولايات المتحدة والحكومات العراقية المتعاقبة الدُميّة زعمت حمايتها لحقوق المرأة، فقد نجحت جميعاً في إعادة الزمن إلى الوراء بتدمير كل إنجاز حققه المجتمع العراقي قبل الاحتلال.

نظراً لتدهور العلمانية في المجتمع العراقي، تحت وطأة المليشيات الإيرانية المدربة والمدعومة، فقد تحملت العراقيات دفع الجزء الأكبر من حصيلتها.

من الصعب تصور كيف يمكن التراجع عن الآثار المترتبة على عقد زمني من القمع (رغم أن هذا القمع لا زال جارياً بأشكاله المختلفة المألوفة للعراقيين؟).. تفكيك مؤسسات الدولة العراقية في العام 2003، وحسب محكمة بروكسل/ 2007، التي أشارت تقديراتها- ملف النساء- بأنه حتى العام 2003 كانت العاملات العراقيات يشكلن 72% من العاملين في القطاع العام.. أي تعرضن للبطالة..

بعد عقد من الزمن- مارس/2012، أظهر تحليل الأمم المحتدة للوكالات الداخلية المشتركة، بأن 14% فقط من العراقيات أما يعملن أو يبحثن عن عمل. ومنذ العام 2008 انخفض عدد النساء الناشطات في قوة العمل العراقية، مقابل ارتفاع معدل البطالة بينهن،"- قراءة في بيان الحقائق للأمم المتحدة the UN fact sheet read.

عانت النساء الشابات على وجه الخصوص من آثار دمار الدولة العراقية التي وفرت التعليم مجانا. وفي حين تدهورت الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في السنوات الأخيرة، كان معدل معرفة القراءة والكتابة بين الإناث البالغات 87% العام 1985، وفقاً لليونيسيف، بينما ارتفعت الأمية بين الشابات في المناطق الريفية في العراق إلى أكثر من 50% حالياً.

"الفتيات الصغيرات محرومات من مرحلة الطفولة،" وأضافت الحيدري بأنهن "يُرثين أنفسهن في مواجهة ارتفاع ظاهرة الزواج المبكر وممارسة البغاء، وخصوصاً بين مجتمعات اللاجئين في سوريا وإلى حد أقل في الأردن... لقد سمعنا حتى قصصاً عن الفتيات الصغيرات يرتكبن الانتحار لشعورهن بأنهن أصبحن عبئاً على أسرهن. ولم يُسمع بهذا قبل الاحتلال."

في حين أن العديد من الأصوات البارزة في المجتمع المدني العراقي تنطلق من المرأة، إلا أنها بقيت ضعيفة في مجال التمثيل السياسي. وهذا ما سبب "غضب" كثرة من النساء، وفقاً للكاتبة والناشطة العراقية هيفاء زنكنة.

شكت وزيرة الدولة لشئون المرأة- ابتهال الزيدي- الوزيرة الوحيدة في ظل رئيس حكومة الاحتلال، من عجزها فعل أي شيء لصالح المرأة العراقية. ومن الملاحظ أن سلفها استقالت في فبراير 2009 في سياق شجبها علناً استقطاع ميزانية وزارتها إلى مجرد US$1,500..

على الرغم من الأضرار والنكبات التي أصابت المرأة العراقية، فقد واصلت العديد من النساء العراقيات ممارسة أدوار فاعلة، بل وحتى بطولية.. وحسب زنكنة "المرأة العراقية معتادة على المرونة والتكيف resilient".. واضافت: "منذ العام 2003 وعلى نحو متزايد منذ فبراير 2012، كانت المرأة في طليعة الاحتجاجات."

وفي المجاال الخاص، كذلك أظهرت المرأة قدرة تستحق الكثير من الإعجاب والتقدير. واحدة من كل عشر أسر عراقية تعيلها المرأة، وفقاً للأمم المتحدة. في حين أن 90% من الأسر التي تعيلها المرأة العراقية هن أرامل.

لا زالت المرأة مستمرة في ابتكار توفير ما ممكن لإطفالها، وهذا ليس بالأمر الهين، في ظروف مواجهتها عقبات مضاعفة في تأمين العمل والمعيشة في العراق. كذلك تعاني عائلات المعتقلين من ضعف الحال، بالعلاقة مع ما تكابده المرأة من صعوبات بالعلاقة مع غياب الزوج أو الأب..

في الواقع، إذا كانت الحياة ممكنة حتى لجميع العراقيين، فالجزء الأكبر من هذا الفضل يعود للمرأة العراقية. وقالت زنكنة: "الرعب الذي يواجه حياة المرأة العراقية يجب أن لا يحجب تألقها.. لكن التألق وحده ليس كافياً لشفاء المجتمع العراقي.. نحن بحاجة إلى أمل (فعل) حقيقي."
مممممممممممممممممممممـ
Iraqi Women: Resilience Amid rror,urukinfo.net,Serene Assir, March 8, 2012.