من حكايا الانتفاضة الثانية -- تموت الفلسطينية ولا تأكل من ثدييها



خالد منصور
2012 / 3 / 16


في العام 2002 وفي ذروة القمع والقسوة الإسرائيلية ( خلال الانتفاضة الثانية ) قام جيش الاحتلال بعملية إغلاق تام لطريق الباذان وهي الطريق التي تربط مدينة نابلس بمناطق الأغوار وعموم مناطق شمالي الضفة، والمؤدية إلى حيث اسكن أنا في مخيم الفارعة، وذلك بتجريف مقاطع من الشارع وإنشاء حفر عميقة، وبإقامة العديد من السدّات الترابية.. لكن الفلسطينيين الذين تربّوا على التحدي والتمرد استطاعوا تجاوز كل الحواجز والمعيقات التي فرضها الاحتلال لخنقهم وشل حركتهم.. ونظرا لحاجتهم الماسة للوصول إلى المدينة أصبحوا على استعداد أكثر للمخاطرة بحياتهم للوصول إلى حيث أعمالهم وجامعاتهم ومستشفياتهم، واستطاعوا إيجاد الممرات إلى المدينة عبر الطرق الجبلية والأودية الوعرة، وكان الوصول إلى نابلس يستغرق 4 ساعات أو أكثر بعد أن كان في الأوقات الطبيعية لا يستغرق أكثر من 20 دقيقة..
في احد الأيام قررنا أن نغامر وان نحاول الخروج من المدينة عبر طريق المساكن الشعبية باتجاه الباذان وان نتسلل عبر الطريق المغلق.. وحانت الفرصة لنا عندما تأكدنا من خلو المنطقة من الجيش الإسرائيلي، وكنا أكثر من 200 شخص ( نساء ورجال وأطفال وطلبة جامعات ).. وما أن وصلنا إلى مكان العبور وإذا بسيارة جيب عسكرية إسرائيلية ( من قوات حرس الحدود ) تأتي مسرعة لتقف بيننا وبين الممر، وبدأت تطلب منا عبر مكبرات الصوت العودة إلى نابلس.. لم نستجب لطلب الجيش ووقفنا صامدين لمدة ربع ساعة .. ثم بدا الجنود ينادون علينا واحدا واحدا ليفحصوا بطاقة هويته ويفتشوه ثم يسمحوا له بالمرور..
جاء دور إحدى طالبات الجامعة.. تقدمت الطالبة بثقة من سيارة الجيب.. لم نسمع ماذا جرى بينها وبين الضابط من حديث.. لكننا فقط رأيناها وهي تصفعه على وجهه وهي تشتمه وتشتم دولة إسرائيل وتطرق الباب بوجهه.. عندها تقدم عدد من الرجال والنساء من الصبية ( وأنا واحد منهم ) وسألناها ماذا حصل .. فأجابت : ( انه ابن كلب وقليل حياء يحاول ابتزازي ).. عندها علا صراخنا بوجه الجنود وأطلقنا الشتائم عليهم، بل وتقدم بعضنا نحو السيارة العسكرية.. وما هي إلا لحظات حتى أسرعت السيارة بمغادرة المكان، وأسرعنا نحن جميعا لعبور الحاجز بأمان.

مخيم الفارعة – 16/3/2012