سر الأنثى



فوزي بن يونس بن حديد
2012 / 3 / 18


الأنثى سرّ من أسرار الكون وأعجوبة من عجائب الخلق لا يفهم سرها إلا الله عز وجل خالقها، ولكن يمكن للذكر أن يكتشف سحرها وكنهها وحقيقتها من خلال ما تتراءى له من عجائب كلما اقترب منها وقرأ فكرها عن قرب. هل تفكر الأنثى مثل الذكر؟ أم أن عقلها مميز عن عقل الذكر؟ أم أنها قاصرة فعلا كما تحدّث عنها الرجل؟
وإن كانت فعلا خلقت بعد الرجل إلا أنها سكن له في كل الأحوال، ولا يستطيع الرجل بأي حال من الأحوال أن يشعر بالسكن إذا كان بعيدا عنها أو يجافيها، فهي تحمل له البِشر والسكينة والطمأنينة وهي التي تجعله يبتسم للحياة وهي التي تشعره بسعادة غامرة، فهي تملك أسلحة مخفية لا يمكن للرجل أن يطلع عليها إلا بعد أن يتعامل معها مرات ومرات فيكتشف كل مرة أن لها قدرات خارقة وأساليب متنوعة وحكايات رائعة وبطولات روحية رائجة، كما أنها روح ولكنها لا تشبه روح الرجل في شيء ولذلك قال سبحانه: "وليس الذكر كالأنثى".
من العيب أن ننظر إلى المرأة جسدا، بل من الواجب أن ننظر إليها عقلا، يعتقد كثير من الرجال أن المرأة جسد يتمتع به الرجل وقت ما شاء بينما الإسلام علمنا كيف نتعامل مع الأنثى باعتبارها سحرا جميلا نتكيف مع قدراته ونتعامل معه بكل رقّة وألفة لتمدنا بالسكن الذي تحدثت عنه الآية الكريمة "لتسكنوا إليها" فهي ليست ورقة متى أردت أن تمدها بالحبر جاءت إليك طائعة وهي ليست متاعا نستمتع به ثم نرميه، هي أرقى من ذلك بكثير وأرفع من ذلك بكثير، هي قدرات هائلة ومستودع للأسلحة الخفيفة والثقيلة تعرف جيدا كيف تصطاد الرجل وكيف ترميه وكيف تحبّه وكيف تكرهه ومتى تحترمه ومتى تزدريه.
كثيرة هي الشواهد والحقائق الناصعة في التاريخ التي صدعت وصدحت بحقائق المرأة وقيادتها للعالم وتميزها عن الرجل في كثير من المواقف وإنجابها لفحول الشعراء والأدباء والعلماء والمفكرين والمخترعين والمكتشفين وتعليمها لأجيال كبيرة وكثيرة وفي وقت صارت مرجعا للعلماء وأبرزهم السيدة عائشة رضي الله عنها وغيرها كثير لمن قرأ وتفحص التاريخ ودقق في التفاصيل، فالأنثى ليست مخلوقا ضعيفا وإن بدا الضعف على جسدها فهي قوية بروحها وعقلها ويمكن أن تصنع المعجزات كما فعلت من قبل.
إن الرجل ليستهزئ بالأنثى بأنها ناقصة عقل ودين، ولم يعلم أنه هو كذلك لا يخرج من هذه الدائرة، فأحيانا لا يفكر بعقله فيقع في المحظور وتبدو له الأمور فيتسرع في الأحكام ثم يتردد في القرار بينما الأنثى إذا صدقت أعطت ما عندها وتولت الأمور بدقة متناهية، فلا ينبغي للرجل أن يستهين بقدراتها ولا بملكاتها ولا بعقلها إنما فقط تريد هي أن يستمع إليها، أن يفتح لها قلبه، أن يتريث ولا يتعجل ولا يتسرع في حكمه عليها، ذلك ما تريده الأنثى من الرجل، وقد يستجيب لها فترة من الزمن ثم ينقلب عليها لأنه رأى ضعفا بدأ يسري في نفسه فأراد أن يتغلب عليه بكل وسيلة.
أيها الرجل القاسي الفظّ، انتبه إلى نفسك، لا تعادي الأنثى في الحياة، اجعلها سر الحياة، حاول أن تفهمها، لها الحق في الحياة بكرامة وشجاعة، ولها الحق في المساهمة في بناء المجتمع بوسائلها الخاصة وقدراتها الفائقة، ولها أن تقول لا في بعض المواقف التي تستدعي ذلك، ولها أن تختار من تشاء شريكا لحياتها،و لها أن تعيش معزّزة مكرّمة بعيدا عن أنياب الرجل الكاسرة والمتوحشة حتى تشعر بالأمان في نفسها ومالها وحياتها.
إننا نريد أن نجعل المجتمع متكاملا، يسوده التفاهم بين الذكر والأنثى ليقع الانسجام والتوافق والوئام ويعيش الجميع في بلهنية من العيش الرغيد دون مشاكل ودون منغصات. ولنا بإذن الله لقاء