نداء الى المرأة في العراق لا تشاركي في انتخابات تكون نتائجها ضدَّكِ



ينار محمد
2005 / 1 / 21

تمر الجماهير اليوم بحلقة مخيفة من مسلسل رعب الانفجارات والاغتيالات وقطع الرؤوس بسبب فرض الانتخابات في الوقت الذي لا تتوفر فيه أي من المقومات المطلوبة لها. تفقد أرواح المواطنين قيمتها أمام تحقيق الاهداف السياسية لكلا طرفي الارهاب: الاحتلال الامريكي الذي يريد اختتام تمثيلية السحق والقتل الاجماعي للجماهير بإعلانه للعالم أجمع بتحقيق ديمقراطيته الممثلة بانتخاب الجماهير لمجلسهم التشريعي؛ ومن جهة أخرى تبذل "المقاومة" الرجعية المسلحة من جحافل المجاهدين كل غالٍ ورخيص من أجل إفشال عملية الانتخابات حتى لو كان الثمن حياة الآلاف من الابرياء.

أصبح إنجاز الانتخابات أو إبطالها رمزاً لغلبة وتفوق هذا القطب أو ذاك على الآخر. وذلك مما سبب تفريغ الانتخابات برمتها من أي محتوى سياسي لتمثيل الجماهير أو ممارستها لحريتها السياسية باختيار الاحزاب أو الجماعات أو الافراد التي تمثلها.

ان الاطراف التي طرحت نفسها كبدائل هي تلك التي قررها الاحتلال ممثلةً للجماهير ووفر أمامها الموارد والتسهيلات وفتح أمامها وسائل الإعلام محاولاً إضفاء الشرعية عليها؛ ألا وهي الاحزاب والتجمعات القائمة على أساس القوميات والأديان والطوائف والتكتلات العشائرية – أي كل ما هو حري بأن يؤدي للتفرقة بين الجماهير ويشكّل قنابل موقوتة لحرب أهلية. وهي في معظمها فئات رجعية تعتمد تهميش دور المرأة في المجتمع وتحويلها الى مواطن من الدرجة الثانية.

إن إدلاء النساء بأصواتها في هذه الانتخابات ودعم هذه الاكثرية الرجعية للحصول على مقاعد الهيئة التشريعية العليا في سلطة ما بعد الاحتلال يضع مهمة كتابة الدستور الدائمي تحت أيدي أكثر الفئات رجعية وتمييزاً ضد النساء. ينتج في هذه الحالة دستور يستند الى الشريعة في تعريفه لحقوق المرأة ويعطي الشرعية للفكر والممارسات الرجولية في المجتمع ويقوم بفرض دونية المرأة في التشريعات في مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والادارية والسياسية. وكل ذلك ليس بجديد على نساء العراق كونهن شهدن حقبة الدكتاتورية البعثية البغيضة التي استندت خلالها القوانين الى الشريعة. ولكن الجديد هنا هو فتح يد الملالي وإعطائهم مطلق الحريات في سلب حقوق المرأة وخفض مكانتها وإرجاعها الى القرون المظلمة.

من هنا ينطلق موقف منظمة حرية المرأة في العراق بمقاطعة هذه الانتخابات المضلّلة للجماهير والتي لا تحمل في طياتها سوى مشاريع قمع النساء والشباب والحريات بشكل عام. وليس موقفنا نابعاً من معارضة مطلقة لمبدأ الانتخابات بل ان اعتراضنا مبنٍ على نقاط موضوعية. إذ يشترط توفّر الأرضية المناسبة التي تفسح دوراً وفرصاً مساويةً للجميع ومنها جهات تحررية ومساواتية تدفع بقضية المرأة الى الأمام وتضمن لها كتابة دستور يحافظ على حقوقها ويساويها بالرجل. وذلك غير ممكن بالظروف الحالية حيث يتم دفع العملية الانتخابية نحو نتيجتها دون ان يتم تعريف الجماهير بالاطراف المرشحة وبرامجها الانتخابية وخططها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية؛ وكل ذلك بشكل مستعجل يتآمر على حق الجماهير بأوضاع أفضل تؤدي الى نتائج تحررية ومشرّفة.

إن المشاركة في الانتخابات في هذه المرحلة تعني دعم وتقوية عناصر السيناريو المظلم من إسلاميين وقوميين وتكريس استلامهم حق التصرف بمصير الجماهير كما خطط له تماماً الاحتلال الامريكي.

تدين منظمة حرية المرأة عملية فبركة انتخابات مخادعة لا تفسح المجال سوى أمام الاحزاب والجماعات المعادية للحريات وتدين كذلك إجراء هذه الانتخابات دون توفير الأمان والحريات السياسية غير المشروطة والتساوي بالامكانات للأطراف المشاركة. وتدعو النساء لمقاطعة عملية الانتخابات الحالية والتي من شأنها ان تقوّي أعداء المرأة في مساعيهم الكارثية التي سوف تؤثر على مصير اجيال متعاقبة من النساء.

ليس في الانتخابات الحالية اية امكانية للتمثيل المباشر للجماهير النسوية المتطلعة للحريات والمساواة.

قاطعن هذه الانتخابات الحالية التي لن توصل الى دفة الحكم والتشريع سوى أعداء المرأة.



ينــار محمــد

رئيسة منظمة حرية المرأة في العراق

20-1-2005