الأطر النسوية بين الواقع والمأمول



سمر الاغبر
2019 / 2 / 25

على اختلاف التوجهات والمنطلقات الفكرية والمنهجية التي يتم فيها تناول قضايا المرأة وحقوقها، الا ان فتح الابواب لنقاش هذه القضايا يُعد ومن وجهة نظري من الاهمية بمكان حتى مع الاختلافات في الرؤى والتقييم والاهداف المراد الوصول اليها،ومع ان تناول هذه القضايا لا يعد جديدا على مجتمعنا الفلسطيني خاصة والعربي والاممي،الا انني ارى بتصاعد النقاشات وخاصة في هذه المرحلة التي يؤسس فيها الى نظم سياسية وفكرية تحمل رؤى خاصة بها في نظرتها الى القضية النسوية من الاهمية بمكان للتعمق اكثر فيما نريد كنساء ومجتمعات تؤكد ان قضية المرأة ووضعها في مجتمعاتها هي المؤشر والبوصلة الحقيقية لتقدم او تراجع اي منها.
ان اي طرح لخصوصية المرأة في اي مجتمع ينطلق من مدى الوعي الجمعي بوجود الحالة التمييزية القاهرة بالنظرة او الممارسة ،ومدى تجاوب النصوص القانونية لسد الفجوات القائمة على اساس الجنس، وبالتالي تنظيم جهود المتضررات ضمن حركات او اطر تنظيمية لتحديد المصالح الجامعة وتعزيز قوتها وفعاليتها في احداث التغيير المطلوب.
تميز المشهد الفلسطيني النسوي بولادة الاطر التنظيمية النسوية كامتدادات لأحزاب وفصائل سياسية،حملت في قلب عملها النضال الوطني كانعكاس للحالة العامة التي ادت الى نشوئها كأداة للحزب السياسي بنشر سياساته بين جموع النساء وزيادة عضوية الفصيل، للإدراك التام بفاعلية هذا القطاع في تجنيد أكبر عدد من المؤيدين والمناصرين لسياسة هذا الحزب او ذاك،حيث تمكنت النساء في تلك الفترات من تنظيم وحشد العدد الاكبر من الجمهور النسوي، والذي بدون ادنى شك ترك آثارا ايجابية ومشرقة في المشاركة النسوية بالنضال ضد الاحتلال الاسرائيلي على مجموع الحركة الوطنية، حيث عمدت هذه الاطر الى توجيه وتأطيرالنساء نحو التنظيم السياسي الوطني، والتي تجلت أبهى صوره بالمشاركة النسوية الفاعله في الانتفاضة الاولى وتفاعل المرأة الفلسطينية وتواجدها في قلب الحدث.
خلال هذه الفترات والتي سبقت دخول السلطة الفلسطينية ، وفي ظل معركة النضال الوطني تم تهميش الجانب الحقوقي والمطلبي للمرأة الفلسطينية لصالح الاجندة الوطنية باعتبار ذلك الاولوية لكافة الفئات الاجتماعية ، الا ما اجتهدت به بعض الاطر اليسارية تجاه بعض الحقوق المطلبية، الامر الذي لم يحدث قفزة نوعية يمكن ان تشكل حجر الاساس للبناء عليها في مرحلة البناء الوطني .
انقلب المشهد جذريا ما بعد دخول السلطة الفلسطينية وانتخاب المجلس التشريعي الاول ،حيث انتقلت اهتمامات واولويات النساء الى البعد الحقوقي المطلبي ،بابتداع صور نضالية مطلبية كان يُمكن للمنبر النسوي والذي رفع شعارات هامة ان يشكل خطوة هامة في تطوره لو انه لم يصطدم بموانع اعاقت تقدمه، كان منها عدم جاهزية المجتمع لتقبل هذه الشعارات، اضافة الى عدم تمكنه من تشكيل الدرع الحامي له من قبل الاحزاب والفصائل التي ترددت في حمايته سعيا منها لنيل رضى الجمهور.وما لبثت الاطر النسوية الا ووقعت بالشرك الذي وقعت به قبل دخول السلطة الفلسطينية عندما غلبت المهام الوطنية على حساب القضايا الاجتماعية، حيث سارعت الى ترخيص اطرها كمؤسسات مجتمع مدني قائمة على المشاريع والتمويل الاجنبي بشروط الممول واجندته، تلك الاجندة التي باعدت ما بين طبقة "النخب" النسوية التي سيطرت على هذه المؤسسات عن القاعدة الجماهيرية النسوية العريضة، مما تسبب بنشوء فئات نسوية منتفعة، من ناحية لم تستطيع الحفاظ على طابعها الكفاحي، ومن ناحية اخرى باتت مشاركتها في الفعاليات الوطنية عبارة عن فعاليات لها طابع موسمي .
اعتقد انه آن الاوان لمراجعه نقدية وشامله لأداء هذه الاطر ولشكل تفاعلها مع القضايا الوطنية، وكذلك في مدى ملامستها لاحتياجات جمهورها النسوي الحقيقية، كذلك اعادة النظر في شكل التعامل مع المشاريع والبرامج الفوقية التي تُفرض عليها او تحاول هي فرضها على جماهير النساء الشعبية، والى جانب ذلك اعادة بناء هذه الاطر على اسس ديمقراطية، يشكل هدف النهوض بالحركة النسوية ودورها اساسا لها وموجهها المركزي .
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
عضو اللجنة المركزية في حزب الشعب الفلسطيني