الاغتصاب... من المهد الى... ما بعد اللحد...



اكرم هواس
2012 / 5 / 4

قبل ايام كان هنا حديث عن فتوى او فتاوى تفيد ان مضاجعة الزوجة المتوفاة حلال... لا اعرف مدى صحة هذه الفتاوى و لكن من الصعب ايضا معرفة مدى وجود فتاوى معارضة لذلك فلم يصدر فتاوى قطعية من اية جهة تقطع بالخيط الفاصل بين الحلال و الحرام في هذا الامر... الغريب في الامر ان مثل هذه الفتاوى تصدر في وقت يشهد فيه العالم العربي ما يسمى بالربيع .... ربيع الثورة و التغيير... ربيع تأمل فيه النساء القدرة لاول مرة ان تقول... لا....لسطوة الرجل الابدية....تأمل المرأة فيه ...لاول مرة... التمتع بقيمة المضاجعة وعنفوانها كما يتمتع بها الرجل دوما....ربيع تأمل فيه المرأة ان تنساق لاول مرة الى نواميس جسدها و ليس الى قوانين الرجل و جسده... لكن يبدو ان ربيع الثورات لم يسعف المرأة في شيء... يبدو ان المرأة ستفقد حرمة جسدها بعد الموت ايضا بفتاوى... (شرعية)... كما فقدته طوال حياتها بفتاوى ..(شرعية)...

و لكن الغرابة لا تكمن هنا فقط.... الغرابة تكمن ايضا و بشكل اساسي في التأويل الشرعي لمثل هذا العمل ... مضاجعة الزوجة المتوفاة... لانه ببساطة شديدة فانه يدخل بصورة مباشرة ضمن دائرة التمثيل بجثة الميت و هو عمل يحرمه اغلب التفاسير للنصوص الدينية.... و لكن لماذا الاستغراب.... ألم يقوم البعض بجلد القبور بدعوى التخفيف من عذاب القبر... و ربما على نفس الاساس او غيره تم نبش القبور و استخراج الجثث و سحلها في الشوارع و اهانتها كما تم حصل ذلك للكثيرين الذين تم قتلهم في مهرجانات هستيرية.... و للغرابة ... او لعدم الغرابة... انه لم تصدر من القائمين بامر الله...... اية فتوى قطعية بتحريم ذلك....

هل نعيش فوضى اخلاقية..؟ اعتقد اننا ازاء اشكاليات كثيرة تتعلق برؤيتنا للذات و رؤيتنا لله... وبمفاهيمنا عن الشرع و التاريخ.... اذا كان الانسان مسلحا بالشرع يحكم مصير غيره في هذه الدنيا اي في الحياة... فكيف يمكن تبرير الحكم على مصير الموتى.... الا يمثل ذلك تجاوزا خطيرا على مفهومنا عن الله و حكمه علينا بعد الموت..؟؟ هل استولى الانسان على حق الله في الاخرة؟ هل يريد الانسان ان يتجاوز وجود الله في حياتنا ليصبح هو الاول و الاخر..؟؟ هل يسعى الانسان ان يحل محل الله ... ليس بقدرته الذاتية... و انما بأسم الله نفسه؟

امر اخر ليس اقل مبعثا للريبة.... مفهومنا عن التاريخ... بشكل ادق عن تاريخ التطور البشري.... لا اريد التحدث عن النظريات الانثروبولوجية و نظرية داروين.... اتحدث عن المفهوم الديني نفسه.... فالله بعث الانبياء لهداية الناس... و هذا معناه انهم كانوا ضالين... او يعيشون نوعا من الهمجية الاخلاقية...و لذلك فان الله بعث الانبياء و الرسل واحدا تلو الاخر... و اخر هؤلاء...كان نبي الرحمة محمد حاملا اخر رسالات الله... ( اليوم اكملت لكم دينكم)... و هذا معناه ان الانسانية قد وصلت الى اعلى مراحل تطورها الاجتماعي في الهداية في معرفة الحق.... ثم ...(فجأة)... تحدث اشياء و تصدر فتاوى... لا تتوافق الا مع مراحل تاريخية من المفروض اننا تجاوزناها منذ الاف السنوات وفق المفهوم الديني... او منذ ملايين السنوات وفق النظريات الانثروبولوجية...هكذا...

كيف يمكن تفسير ذلك؟... هل يرى البعض التاريخ من زاوية معاكسة لمنطق الكتب السماوية و اخرهم القران؟ اي ان هؤلاء البعض يرون ان تاريخ الانسان بدأ بنبي و هو ادم... و لابد ان ينتهي بمتحوش همجي لا يقيم الوزن لاية قيمة اخلاقية او قانون سوى حاجته الذاتية...؟؟ هل هذا تبرير لدمار الارض و ذهاب الى الجميع الى حضرة الله في يوم القيامة..؟؟ هل يجب ان يدفع الانسان في استعجال قدوم القيامة عن طريق افساد شرع الله و دحض حكمته و منطقه..؟ ام يريد هؤلاء ان يقولوا ان الانسانية ما تزال في بداية الطريق و عليه فالتجاوز متوقع و الخلط بين الذات و الله ممكن... لان عقولنا مشوشة و تجاربنا مثقلة بالدماء و الظلم..؟؟؟.... و لكن ان كان منطقا نحتذيه... فأين منطق اخر الانبياء و الرسل و..( اليوم اكملت لكم دينكم)..؟؟

لا شك ان الظلم يشمل الجميع... فهناك من يظلم نفسه... و هناك من يظلم الاخرين مع نفسه... و هناك من يشرع و يشرعن لهذا ... او ذاك الظلم... و المظلومون يزدادون و وتيرة الظلم يرتفع... لكن تبقى المرأة...هي التي يظلمها الجميع.. بوعي ام بغير وعي... حتى عندما يحبها الاخرون فانهم يظلمونها... هل هذا غريب... ام انه القدر الذي لا نعرف الفكاك منه... كما يصنفه الحاكمون بامر....ال...؟؟...في زمن الثورة و الحرية فان مصير المرأة ما يزال يراوح بين الوأد و الزواج قاصرا او البيع لحما طريا... و اخيرا...الاغتصاب ما بعد الموت...مصير ما يزال يقرره الاخرون ...حبا او كرها... لا فرق ما دامت المرأة تدمى جسدا و روحا....

و لكن لنا ان نصرخ... هل يحمل احدكم... ايها الحاكمون بامر الله او امر الذات كتابا مقدسا...تقول احدى اياته او مزاميره...( و لقد كتبنا على المرأة الاغتصاب ... من المهد الى اللحد... او ما بعد اللحد ان شاء بعلها .. ربها)..؟؟ ... ارونا هذا الكتاب... ان كنتم تملكون..!!!... او كما يقول القران...(..هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين)... أو ...(...كفوا ايديكم)....