رسالة إلى الرئيس الفرنسي السابق: لقد فرطتم!



مصطفى لمودن
2012 / 5 / 7

السيد نيكولا ساركوزي رئيس فرنسا السابق.

بعد التحية والسلام، أود لو تسمحون بأن أراسلكم، أراسلكم الآن وأنتم لم تعودوا رئيسا لفرنسا، حتى لا يقال إنني متملق أحتاج فيزا أو رخصة إقامة في بلدكم، الذي ينعث ببلد الأنوار، وتأكدوا كم أنا مشتاق لزيارة بلد الأنوار وبرج إيفل، بلد ثورة "الحرية والإخاء والمساواة"… وكثير من شباب شعبي لهم نفس المطمح، أي زيارة فرنسا، ولكل غرضه من ذلك.

السيد الرئيس السابق، أراسلكم الآن بعدما لم تعودوا رئيسا.. هكذا أنا دائما أميل إلى الجهة الضعيفة، ربما قد لا يروقكم هذا الوصف، ولكن سيدي أقصد المنهزم في الانتخابات، وهذه حقيقية لا يجادل فيها أحد.

السيد الرئيس السابق، بكل صدق لا تهمني هزيمتكم في الانتخابات، ولا يهمني نصر غريمكم الاشتراكي فرانسوا هولاند. لأن ذلك شأن لكم، يخصكم، ويخص الشعب الفرنسي.. أنا مجرد مواطن من جنوب الكرة الأرضية، حيث لا يعني لكم هذا الجنوب شيء.. وحيث قد لا يعين لكم بلدي شيء…

لا بالعكس، قد يعني لكم الكثير، وأنتم أدرى بذلك، منذ زمن "الحماية" الذي انطلقت بشكل رسمي سنة 1912 في المغرب، وما رافق ذلك من تحويل الثروات لصالح بلدكم، إلى الزمن الحالي، حيث أصبح تحويل "الثروة" يعتمد أساليب أخرى مختلفة، قد يكون من مثلها أنشطة شركات تابعة لبلدكم، ونحن لسنا ضد التعاون، ولكن ضد الاستغلال المغلف بالتعاون…

السيد الرئيس السابق، كانت هذه مقدمة لأعرف بنفسي، أنا المواطن القاطن بجنوب الأرض. وبعدها أدخل لصميم الموضوع..

السيد الرئيس السابق، لتسمحوا لي، لقد ضيعتم فرصة سانحة لتعودوا لكرسي الرئاسة، رئاسة فرنسا خامس قوة دولية.. منصب لا يستهان به، ما كنت تتهاونوا أو تتنازلوا ليضيع منكم هكذا…

رغم فوات الأوان، أتساءل مع نفسي السيد الرئيس السابق:

ـ لماذا قبلتم وأنتم الرئيس أن يترشح ضدكم تسعة آخرون؟ تسعة تجرؤوا هكذا مرة واحدة ضدكم.. إن هذا لا يحدث مثله في منطقنا نحن بجنوب الأرض إلا قليلا جدا جدا..

ـ لماذا لم تختاروا أنتم مرشحين على المقاس الذي تريدونه؟ مرشحون يلعبون دور الكومبارس، لتمر تمثلية اسمها الانتخابات، ويشارك الشعب، وتكونوا أنتم الفائزين من جديد، تماما كما يحدث في دول الجنوب..

ـ لماذا لم تتحركوا وتسجنوا أو تلفقوا تهما لمن تجرأ وترشح ضدكم؟ كان عليكم أن تستشيروا دولا من جنوب الأرض يمدكم حكامها بتجاربهم التي أكدت فعاليتها باستمرار.

ـ أتعجب غاية العجب أن يكون لخصومكم نفس المكانة ونفس الوقت بالقنوات التلفزية الفرنسية، كيف سمحتم بمثل هذا وأنتم من سبق أن عين بعض رؤساء هذه القنوات؟ ما كان لأحد من خصومكم أن يتجرأ ويتفوه بكلمة عبر التلفزة ضدكم.

ـ كيف سمحتم لخصومكم أن يعقدوا الاجتماعات؟ ويتصلوا بالمواطنين والمواطنات؟ وأكثر من ذلك، أن يعقدوا التجمعات هنا وهناك، هذه كانت غلطة كبيرة منكم، ما كانت لتقع في دول الجنوب، هنا لا يحدث مثل هذا التسامح أبدا، إلا إذا كان الأمر مجرد مسرحية هزلية، نتائجها معروفة مسبقا..

ـ لا أعرف لماذا لم تلقوا القبض على خصمكم الرئيسي وتدخلونه مصحة، وتستخرجوا ورقة تقول إنه معتوه ويحتاج الرعاية الطبية، وبذلك ترتاحون منه، هذا أمر قائم في الجنوب وكان عليكم الأخذ بمثله.

ـ كيف سمحتم أن يتنظم الناس عندكم في أحزاب سياسية مختلفة؟ كان يكفي حزبكم الوحيد أن يبقى هو القوي وبدون منازع، وإن اقتضى الأمر التعددية الحزبية أن تخلقوا حزبا أو حزبين (أو أكثر) بدون حول أو قوة، يشارك بعضها في الانتخابات، ويمتنع آخرون، لكن النتائج تكون محسومة من البداية، وهذه تقنية بارعة تضمن استقرار الرؤساء في الحكم، فلماذا لم تستوردوا هذه التقنية؟.

السيد الرئيس السابق، لدي تساؤلات كثيرة، لكن أود ألا أطيل عليكم، فقط أقول إنكم فرطتم، إنكم تتحملون مسؤولية هزيمتكم في الانتخابات عندما عولتم على ديمقراطية حقيقية تخول للشعب اختيار من يريد ليحكمه خمس سنوات..

لكن السيد الرئيس السابق، إنه نعم الاختيار، "الديمقراطية هي الحل"، وهذا الاختيار قد حققه الشعب الفرنسي عبر نضال طويل ومرير.