عفوك يا سماحة المفتي هذه ليست مساواة



عبد المجيد حمدان
2012 / 5 / 10


في أكثر من برلمان عربي – الكويت ومصر على سبيل المثال – تجري محاولات سن قوانين ، تنذر المصادقة عليها ، بتجريد المرأة العربية من كل المكاسب التي تحققت بنضالها على مدى القرن الماضي . آخر هذه المحاولات ما تسرب ، وتداولته وسائل الإعلام ، عن مشروع قانون مقدم لمجلس الشعب المصري ، تحت اسم جماع الوداع . مشروع القانون هذا يضمن للرجل – الزوج - حق ممارسة فعل الجماع مع جثمان زوجته المتوفاة ، في الساعات الست الأولى بعد وفاتها . التزم مجلس الشعب المصري الصمت تجاه مشروع هذا القانون . لم ينف ، كما لم يؤكد طرحه على المجلس ، رغم تداوله الواسع في وسائل إعلام عالمية ، توصف بالعدوة ، والمتربصة بالإسلام السياسي ، وفي الإعلام المحلي أيضا . ووَصْفُ مشروع القانون هذا بالمهين للمرأة ، أو بالمستهدف لإهدار إنسانيتها وآدميتها ، وصف لا يرقى إلى تعريف حقيقي لمضمونه ، ومن ثم لا يقترب من الكشف عن خطورته ، ليس على المرأة وموقعها في الأسرة والمجتمع ، بل وعلى مستقبلها ومستقبل المجتمعات التي تقبل بتمريره أيضا .
تتبدى خطورة مشروع قانون كهذا ، حتى لو لم يصادق عليه مجلس الشعب ، في جوانب عدة ، منها ما يخص المرأة ، وربما أكثر منها ما يخص الرجل ذاته . بعض ما يخص المرأة يتمثل في تعميق النظرة للمرأة الزوجة ، بأنها مجرد جسد يمتلكه الرجل الزوج ، حيا وميتا . جسد يفرغ الرجل شهوته فيه متى أراد ، وحتى بعد مفارقة الروح له . جسد لا تملك المرأة حق الاعتراض ، أو الامتناع ، على استعماله . جسد ، ليس لدفء العلاقات ، أو تبادل المشاعر ، أو استثارة الانفعالات ، أو تجاوب العواطف ، أو تفاعل الإحساس ...الخ أي مكان في احتياج الرجل الزوج وقت استعماله . ولأنه جسد بهذه المواصفات ، يكون من حق الرجل الزوج ستره عن العيون ، بغرض ضمان التلذذ به وحده . ولا أظن أن أحدا لا يعرف الحديث الشريف الذي يسلب المرأة حق الامتناع عن إعطاء جسدها لزوجها ، مهما امتلكت من أسباب لذلك . فحوى الحديث يشير إلى أن الملائكة تلعن المرأة ، التي تمتنع على زوجها أول الليل ، ولتستمر الملائكة في لعنها حتى الصباح . هذا حديث يجرد المرأة من ملكيتها لجسدها ، من جهة ، ومن امتلاكها لعواطف أو أحاسيس ، فامتلاك حق الرفض أو القبول للمعاشرة ، من جهة أخرى . ويجيء هذا القانون ليكرس تجريد المرأة من هذا الحق في ملكيتها لجسدها ، وحتى بعد أن تفارقه الروح ، ويتحول إلى مجرد جثمان .
ذلك بعض خطورته على المرأة ، فماذا عن خطورته على الرجل ؟
لا أغالي إن قلت أن خطر إهدار هذا القانون لآدمية الرجل ، لا يقل بحال عن خطر إهداره لآدمية المرأة . ولذلك يتوجب على الرجل ، المعتز بآدميته ، أن يبادر قبل المرأة ، للتصدي لهكذا قانون ، يضع إنسانيته وآدميته في موضع الخطر . من واجب كل رجل ، لديه إحساس ما بكرامته كإنسان ، وبرجولته كرجل ، أن يقف في وجه هكذا قانون ، مدافعا عن رجولته ، عن كرامته ، عن إنسانيه ، عن آدميته ، قبل كل اعتبار . من واجبنا كرجال أن نسأل مقدمي هكذا قانون : عن حق أي نوع من الرجال أنتم تدافعون ؟ ولأي نوعية من الرجال تحاولون ضمان هذا الذي تسمونه حقا ؟ ما أعرفه أن الرجل السوي ، ولا أقول المتحضر ، الواعي ، المدرك لطبيعة العلاقات الإنسانية ، يحجم عن معاشرة زوجته ، إن داخله أدنى إحساس أنها لا تريده في تلك اللحظة ، ناهيك عن بادرة نفور ، أو حتى انطفاء الرغبة ، أو انتفاء القدرة على التجاوب ، والوصول معا للحظة اللذة المشتركة . الإنسان السوي لا يمكن أن يعاشر جثة . وهو بالقطع لا يحتاج حقا لذلك . وهو إن قبل مثل هذا الحق ، أو حتى لم يبادر لرفضه ، يثير الشك تجاه مسألة آدميته . هو ، إن سكت على حق كهذا يعطى ، أو يضمن له ، يتحول إلى رجل غير سوي ، مكانه الطبيعي بين البهائم ، وليس بين أمثاله من البشر . علينا أن نتساءل : كم هو عددهم ، وكم هي نسبتهم ، هؤلاء الرجال ، الذين يهدر مجلس شعب طاقات أعضائه الذهنية ، يهدر وقتهم ، ووقت جماهير شعبهم ، وقدرات وإمكانيات وطاقات وسائل إعلامه ، كي يضمن لهم هكذا حق ؟ هل تصل نسبة الرجال ، عديمي الحس الإنساني ، الفاقدين لآدميتهم ، لدرجة تمكنهم من معاشرة جثة ، إلى نسبة الواحد بالمئة ؟ وإذا حدث ووجدت بين الرجال حالات من هذا النوع ، فهل ينتظرون تشريع قانون بضمان مثل هذا الحق لهم ؟ ترى هل المسألة ، عند مقدمي مشروع قانون كهذا ، تقف عند حدود هؤلاء المرضى الشواذ ، أم أنها تتجاوزهم إلى عموم الرجال ؟ هل يستهدف واضعو ومقدمو هكذا قانون تحويل الشعب كله إلى هذا النوع من الرجال ، فاقدي إنسانيتهم وآدميتهم ؟ أليس من واجبنا أن نتساءل : عن مثل هكذا خطر يتربص بنا ؟!!!.
ومخطئ من يظن أن الاستهداف يقف عند حدود إعادة الإنسان إلى الحالة البهيمية . هذه الحالة التي تشي بها كل التبريرات لتحجيب المرأة ، وحكايا العورات ، ودرء الفتنة ... الخ . ومنها فيض التبريرات عن استثارة الرجل ، وإقدامه على ارتكاب جرائم مثل الإعتداء والاغتصاب ، وإعفائه من مسؤولية الفعل ، بإلقائه على الضحية . كل هذه التبريرات ، كما أشرت في كتابيَّ " حقوق المرأة بين شريعة القبيلة ورداء الشريعة "، و " المسلمة الحرة " المنشورين على هذه الصفحة للحوار المتمدن ، لا تشي بغير اعتبار المشرع بأن الرجل ما زال مجرد بهيمة ، لا تنفع أي شرائع ولا أية قوانين ، ولا أية عقوبات ، آنية أو لاحقة ، في كبح غرائزه . وهو بسبب ذلك لا تردعه أية قوانين ، أية قواعد للأخلاق ، أية شرائع ، أية تقاليد ، أية أعراف ، عن فعل الفاحشة ، إن تهيأت الظروف لفعلها . وهكذا تمثل الحل لمعضلة هذا الرجل البهيمة في حجب المرأة ، في إغلاق زنازين الحجاب عليها . لكن مشروع هذا القانون يمضي إلى ما هو أبعد من ذلك . فلا أحد لا يعرف أن البهائم ، أيا كانت درجة انحطاطها ، لا تعاشر جثة أنثى ميتة . لا يفعلها الحمار ، ولا أي حيوان آخر . وحين يجري الحديث عن ضمان حق هكذا معاشرة لإنسان ، وأن يباشره فرد ما ، من بين المليار ونصف المليار من المسلمين ، فإن ذلك يعني النزول بهذا الإنسان ، وبالناس جميعا ، إلى مرتبة أدنى بكثير من مرتبة الحمار . ولا مزيد من الحديث . وفقط على من يقبل على نفسه أن يكون في مرتبة أدنى من مرتبة الحمار ، أن يسكت ، كون السكوت علامة الرضا .
تجميل ما هو غير جميل :
على الجانب الآخر ، وربما كردة فعل ، يطالعنا من يجتهد في عرض صورة مشرقة ، لوضع المرأة في الإسلام . من بين هؤلاء اخترت مقالا للدكتور علي جمعة ، مفتي مصر ، نشره في المصري اليوم ، عدد 3 / 5 ، الماضي . مقال المفتي جاء تحت عنوان : المرأة في الحضارة الإسلامية – الأحاديث النبوية . وفيه قال أن السنة النبوية سارت على المنهج القرآني نفسه في تعدد النصوص التي تختص بموضوع دور المرأة في الحضارة الإسلامية ، وأنها – الأحاديث – انقسمت إلى نوعين ، يُعنى الأول بإقرار المساواة بين المرأة والرجل في أصل العبودية – لله بالطبع – وفي الحقوق والواجبات ، وضرب عليه مثلا بالحديث " إنما النساء شقائق الرجال " ، فيما يُعنى الثاني بحث الرجال على الرفق بالنساء والإحسان إليهن ، ومثاله إجابة النبي على سؤاله من أحب الناس إليك ، بعائشة ، في إحدى الروايات ، وفاطمة في رواية أخرى ، وحديث " استوصوا بالنساء خيرا " . وليخلص من الشروح المطولة ، لهذه الأحاديث ، إلى النتيجة المعادة مرارا ، والمؤكد عليها تكرارا ، وفي كل تناول من رمز إسلامي لدور المرأة بأن : " كل ما سبق من أحاديث ، وما يناظرها من نصوص قرآنية ، يؤكد ويدلل على علو مكانة المرأة في التشريع الإسلامي وأنه لا يوجد تشريع سماوي ولا أرضي سابق أو لاحق كرَّم المرأة وأنصفها وحماها وحرسها مثل التشريع الإسلامي " . وختم سماحة المفتي مقاله بتفنيد ارتكاز دعاوى التمييز ورفض المساواة إلى حديث منسوب للنبي " النساء ناقصات عقل ودين " ، بأن هذه جملة مقطوعة من سياقها ، موردا نص الحديث بالكامل وشرح النبي له ، ومقنعا الصحابيات السامعات ، بعدم انتقاصه شيئا من حقوقهن .
وفي مقال سماحة المفتي الكثير مما يتوجب الوقوف عنده . بداية نود سؤال سماحته : علام استند سماحته في تأكيده على " أنه لا يوجد تشريع سماوي ولا أرضي ، سابق أو لاحق ، كرَّم المرأة وأنصفها وحماها وحرسها مثل التشريع الإسلامي " ؟ نحن في القرن الحادي والعشرين ، ومثل هذا التقرير ، لما يوصف بأنه حقيقة ، لا بد أنه استند إلى دراسات تمت ، وإلى أبحاث ميدانية وقعت ، وإلى مقارنات جرت ، وإلى استخلاصات من كل ذلك حصلت . ومن حقنا أن نسأل : هل حدث شيء من هذا ؟ وهل أكدت الدراسات والأبحاث والمقارنات صحة هذه الحقيقة ؟ وهل صحيح أن وضع المرأة في أي قطر تحكمه الشريعة الإسلامية ، أفضل من مثيلتها البلدان الأخرى - ولنأخذ أصغرها ، وأكثرها انعزالا وعزلة ، بحكم موقعها كجزيرة ساموا ، القابعة في عمق المحيط الهادي ، أو مثيلتها جزر سليمان ، أو جزيرة ترينيداد الواقعة على فم البحر الكاريبي ؟
في جزئي كتابي " قراءة سياسية في العهدين المحمدي والراشدي "، وفي " المسلمة الحرة " ، المنشورة على هذا الموقع من الحوار المتمدن ، قدمت براهين وأدلة ، وبأسانيد محترمة ، على أصل كل التشريعات الإسلامية ، الخاصة منها بالمرأة والأسرة ، وشؤون مجتمعية أخرى . قلت فيها أن هذا الأصل يرجع إلى تقاليد ، عادات وأعراف حجازية ، كانت قائمة ومعمولا بها آنذاك . وقلت أن هذه التشريعات لم تحد عما كان قائما قيد شعرة . وكل ما فعلته أن حولت هذه التقاليد ، الأعراف والعادات ، إلى شرائع وقوانين ، بعد أن أدخلت على بعضها تعديلات ، بالحذف أو بالإضافة ، وبالإلغاء في حالات قليلة . وفيما يتعلق بالمرأة فقد أخذت منها كما أعطتها ، وكان الأخذ أكثر كثيرا من العطاء . وخلصت إلى السؤال : هل بلغ أهل الجاهلية في الحجاز ، درجة من الرقي والحضارة ، أوجب اعتبار ما وصلوا إليه في العلاقات الإنسانية ، قمة إنجاز البشرية ، يتعذر على أي أمة أخرى بلوغه ، ناهيك عن تجاوزه ، ومن ثم يتوجب على البشرية الاستقرار عليه ، منذ ذلك الوقت وإلى آخر الزمان ؟
بعد هذا نعود إلى مقولة " إنما النساء شقائق الرجال " ، لنسأل : أليست هذه حقيقة سارت مع البشرية منذ الأزل وسترافقها إلى الأبد ؟ وهل يعني الإقرار بها الإتيان بجديد ، أو بما هو غير عادي ؟ وهل يمكن اعتبار هكذا إقرار تدليلا أو برهانا على المساواة ، في أصل العبودية والحقوق والواجبات ؟ وللتوضيح أكثر أليس الأطفال في الأسرة ، بنات وأولاد ، بأب وأم واحدة ، هم أخوة أشقاء ؟ الحقيقة الموضوعية أن نسبة تزيد عن 95 % من الرجال لهم أخوات شقيقات ، والأمر ذاته مع النساء . ولكن ومع أن هذه حقيقة معاشة ، لم تفض إلى مساواة بين هؤلاء الأشقاء ، لا في الإسلام ولا في غيره . وإذن لماذا كان الحديث النبوي في هذه المسألة ؟
مشكلة الحديث ، كما يعلم سماحة المفتي ، وأي مسلم معني ، تتمثل في روايته مقطوعا عن المناسبة التي قيل فيها . ولذلك يسعى بعض المفسرين إلى إلباسه الصفة الإطلاقية ، بديلا لنسبيته الفعلية . سماحة المفتي ، كما غيره يعرف أنه مر وقت كثر فيه ضرب الصحابة للصحابيات . ولا أحد لا يعرف حديث هذه المناسبة ، حين فتح البيت النبوي أبوابه لاستقبال شكاوى المشتكيات ، أنه في ليلة واحدة طاف بآل محمد سبعين امرأة يشتكين ضرب أزواجهن لهن . ولو أن هذا الضرب كان من نوع التربيت على الخد لما تكلفن مشقة المسير لبيت آل محمد ، ورفع الشكوى . وإذن ، وقد استشعر النبي أن هذه المعاملة المتعسفة قد تثير حفيظة بعض الأشقاء ، وقد تدفع هذه الإثارة بعض هؤلاء الأشقاء ، لاستخدام العنف لردع من يعتدي على الشقيقة ، كان هذا التذكير من النبي ، حتى لا يقع ما لا تحمد عقباه . لكن أبدا لم يحمل الحديث أي إشارة إلى المساواة كما ذهب صاحب السماحة ، وغيره ممن يتكئون على هذا الحديث .
الأمر ذاته بخصوص إجابة النبي عن السؤال : من أحب الناس إليك ؟ بقوله عائشة مرة ، وفاطمة مرة أخرى . هذه ، مرة أخرى ، مسألة تقرير حقيقة لازمت البشرية منذ نشأتها ، وستلازمها حتى نهايتها . لا يُفضل الرجل أي شخص في الدنيا على حبيبته ، والأمر ذاته للمرأة . وكل أب يعرف كيف أن البنت ، وهي صغيرة ، تمتلك جاذبية طفولية ساحرة ، تستدر حبا يتجاوز غيرها . لكن حب الأب للابنة ، لم يتطور أبدا إلى حد فرض حق المساواة مع أخوتها الأولاد . وحتى لو استمر حب هذه الابنة بعد زواجها ، فإن هذا الحب لم يؤهلها لانتزاع حقها ، مع أخوتها الذكور ، في المساواة .
ويقول سماحته : " كل ما سبق من أحاديث وما يناظرها من نصوص قرآنية يؤكد ويدلل على علو مكانة المرأة في التشريع الإسلامي ...." . وأسمح لنفسي أن أختلف مع سماجته حول ما يصفه بالعلو في مكانة المرأة . فهذا العلو الذي يقبع عميق تحت سطح المساواة . الأمر المؤكد أن سماحته يحفظ عن ظهر قلب عشرات الآيات التي تؤكد على دونية مكانة المرأة ، وقصورها عن بلوغ مكانة الرجل ، بديلا لرفعتها . ومثلها هناك عشرات الأحاديث ، كلها تؤكد على دونية المرأة . ولو أننا انتقلنا لأصل التكليف ، لوجدناه هو الآخر لا يتَّبِع منهج المساواة . فالمحرمات على المرأة ، والتي تستوجب العقاب الشديد ، أكثر بكثير من مثيلتها على الرجل . ولو كان الأمر غير ذلك ، لتوجب علينا أن نسأل : فيم إذن كان الحديث أثناء رحلة العروج في السماوات ، عن أن النبي حين مر على النار وجد أكثر أهلها النساء ؟
ختاما أشير أنني في كتاب المسلمة الحرة ، وفي تبويبه ، أوردت عشرات الآيات ، التي تؤكد عدم المساواة ، وتكرس دونية المرأة . منها تلك الآيات التي تستهجن ، تستنكر ، مسألة خص المشركين لأنفسهم بالبنين ، ونسبة خِلفة البنات إلى الله . وهذه بعضها . { ويجعلون لله البنات ولهم ما يشتهون } 57 النحل . { إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا } 117 النساء . { أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما } 40 الإسراء . { فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون } و { اصطفى البنات على البنين * مالكم كيف تحكمون }149 ، 152 ، 153 الصافات . و { أم اتخذ مما يخلق البنات وأصفاكم بالبنين } 16 الزخرف . وأخيرا وليس آخرا ومن سورة النجم { أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى * ألكم الذكر وله الأنثى * تلك إذن قسمة ضيزى } .
وفي تعليقي على هذه الآيات ، وهي بعض ما يكرس دونية الأنثى ، وحيث يبدأ ذلك من لحظة ولادتها ، تساءلت : ترى ما الذي دعا إله هذا الكون الواسع للدخول في هكذا مماحكات مع مشركي قريش ، بدونية مكانتهم ، مهما ارتفعوا بالنسبة لقومهم ؟ ألم تكن الآية { لم يلد ولم يولد } من سورة الإخلاص ، كافية للرد على تخرصاتهم ، دون الدخول في مثل هذا الجدل معدوم المساواة بين طرفيه ؟ المسألة إذن كانت مسألة تأكيد دونية المرأة ، كما فرضتها تلك الحقبة الاجتماعية ، في تطور البشرية ، حقبة العبودية التي شرعنتها وكرستها آيات قرآنية عديدة . وليعذرني سماحة المفتي إن قلت : من غير اللائق لشخص يتبوأ مكانة رفيعة ، برفعة مكانته أو دونها ، أن يجهد نفسه في تجميل ما هو غير جميل . ذلك لا يحل المشكلة . حلها يأتي بالاعتراف بحقيقتها ، ثم يتلوه العمل على استبدالها بحقيقة جديدة تناسب منطق العصر وتتماهى معه .