عواطف امرأة مغدورة



عبله عبدالرحمن
2012 / 5 / 14


ابتسامتها صافية ونقية، قلبها ابيض من الثلج، خطواتها في حياة الاخرين خطوات ملك تصنع من اجلهم الكثير من المعجزات، هفواتها وان كانت فأنها تكون برشاقة عصفور، على رؤوس اصابعها تعاتب حتى لا نعرف كيف يكون خصامها، عطاءها متواصل ليس به شبهه لمنن او أذى. اذا نامت تنام بملء جفونها، تأمن النوم كما يأمن لها، احلامها كثيرة لكنها ليست خاصة بل لعموم من يمرون بحياتها حتى لو مروا مرور الكرام.

دمعة حارة فرت من عيني كالومضة رغما عني فسكنت لامعة في المآقي فكانت شاقة وشقية الا من بصيص نور عادة ما يمنح ارواحنا املا في حال ان جنحت ظروفنا لهزات مفاجئة وما يتبعها من تغير في الحال والمحال. ارادة وتصميم وعزم هذه المراة على النجاح، يجعلني استشعر بأنني اتحدث عن امرأة تقيم خارج كوكبنا. تقول لن ابقى محبطة بظروف تسربت مني من غير ارادة، لن ارضى الا بنجاحي الذي حققته بسهر الليالي، لن اسمح باغلاق النافذة التي تهبني ضوء النهار وسعادة الغد، فليس ضوء المصباح وحده الذي احتاجه، فهناك ضوء النهار الذي يشع ساطعا بنور ابنائي، لم يكن فشلا ما حصل معي، لن ابقى بلا امل، لم تكن تضحيتي الا شموع وازهار عملت جاهدة ان تكون سبيلا منيرا لاقدام كانت تخطو في قلبي قبل ان تخطو في دروبها.

انسانة ناجحة بمقاييس النجاح في عيون كل من يعرفونها، اذ انها وصلت الى مرتبة عالية ومرموقة في المجتمع وحصدت النجاح تلو النجاح والصداقة والاحترام من كل من يعرفونها.
صدمتني عندما قالت لي: ان حياتها مع زوجها انتهت بود وصداقة عادية بعد اكثر من عقدين من الزمن، ذلك لانني كنت اعرف مقدار تضحيتها وسعيها الدؤوب في استمرار حياتهما معا كأسرة سعيدة سينتهي المطاف بهما على مقعد خشبي قبالة بيت ريفي يستذكران من الحياة سكرها الكثير عندما يقل من الحياة سكرها.
وأكبرت فيها تذليل الصعاب حتى تبدو عادية وامر مستطاع التكيف به، لا يجب ان تكون رؤيتنا الى الازمات التي تمر بنا من زاوية واحدة وكأننا امام تمثال منحوت لا يوحي لنا الا بالجدية، قد يكون النجاح الذي حققته تلك السيدة في حياتها ومركزها المرموق واتساع التجربة سببا حقيقيا في رؤيتها للامور حتى تقول ان الدنيا غريبة، والحياة لا تسري كما تصورناها في البداية، مستدركة ان المأزق الذي يمر بنا ليس إلا بوابة جديدة نتبلور فيها بمسارات جديدة فيها رؤية اخرى وأوسع للأمور.
مثلما ان هناك سيدات يفشلن في الارتقاء بأنفسهن واللحاق بركب ونجاح ازواجهن، هناك رجال كذلك لا يستطيعون ملاحقة نجاح زوجاتهن حتى ان نجاحهن يكون عبئ وغيرة في كثير من الاحيان.

عواطف ومشاعر تلك السيدة وان تعدت بعمرها سن الحوادث السعيدة وضاقت بها ارصفة الزمن، فأنها تستطيع بما اوتيت من عطاء ان تستمر بالحياة بروح الام التي تتنفس وتستنشق هواء جديدا لتهب لمن حولها نور الشمس وضياء القمر.