المرأة دائما هي الضحية



رعد عباس ديبس
2012 / 5 / 28

المرأة دائما هي الضحية
بنى العرف العشائري في جوانبه المضيئة شخصية الانسان على الشجاعة والنخوة والتضحية في سبيل الآخر
ومناقشة امور العشيرة في المضايف والدواوين وبطريقة شبه ديمقراطية والتعاون في الافراح والاتراح, ولكن
هناك بعض الاعراف العشائرية السيئة التي تجاوزناها منذ منتصف خمسينات القرن الماضي وخاصة بعد
ثورة 14 تموز 1958 , ولكنها ومع الاسف تعود لمجتمعنا في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين ألا
وهي النهوه والفصليه وللاسف ايضا ان من يقع عليه الحيف في كلتا الحالتين هي المرأة.
ففي النهوة ( وهي اعطاء الاسبقية لابن العم للزواج من ابنة عمه بغض النظر عن موافقتها او عدم موافقتها,
واذا تقدم شخص اخر للزواج منها فأن ابن العم له الحق في ان يمنع هذا الزواج ليتزوجها هو حتى ولو كانت
المرأة موافقة على الشخص الآخر وقد تكون تحبه ) . ولمناقشة هذه المسألة من وجهة النظر الدينية التي تعتد
بها العشائر, فان الدين يمنع زواج الفتاة بدون موافقتها ويعتبره زواج باطل, وبعض المذاهب يعطي للمرأة البكر
البالغ حق تزويج نفسها حتى بدون موافقة الاهل , اما المرأة الثيب فمعظم المذاهب تعطيها هذا الحق.
ومن الناحية العلمية فان زواج الاقارب غير مرحب به لانه يؤدي الى امراض وراثية عديدة لذلك لا ينصح به
اختصاصيو علم الجينات. ومن الناحية الاجتماعية فان ارغام الفتاة على الزواج من ابن عمها حتى ولو لم تكن
تحبه يعني تعاستها في الحياة الزوجية والتي تنعكس سلبا على حياة الاسرة وتربية الجيل الجديد مما يولد امراض
اجتماعية عديدة. ومن ناحية حقوق الانسان فان للمرأة كأي انسان الحق في اختيار شريك حياتها الذي تعتقد أنه
يناسبها في بناء اسرة سعيدة تكون اساس لمجتمع صالح خالي من الآفات الاجتماعية لانه مبني على اساس
القناعة والمحبة .
الظاهرة الثانية هي الفصليه ( وهي الفتاة التي تعطى كدية او كجزء من الدية التي تعطى لاهل المقتول لاجراء
الصلح معهم, وعادة ما يتزوجها احد افراد عائلة او عشيرة القتيل ), وهذه الحالة ايضا فيها مخالفة صارخة
للدين لان الله عز وجل حث في عدة ايات قرءانية على عتق رقبة كجزاء للقاتل ولم يامر بالاستعباد كما هو في
حالة الفصليه, وكذلك فان الزواج في حالة الفصليه غير مطابق لشروط عقد الزواج المتكونة من ايجاب وقبول
ومهر, لان الفتاة اكيد اتت من غير رضاها وقد يكون الزوج مجبر على ذلك , وايضا لا يوجد مهر لان مهر
الفتاة يكون مسامحة القاتل وهذا مهر غير مقبوض, اضافة الى ذلك انها تدفع ثمن جريمة لم ترتكبها والله
سبحانه وتعالى يقول ( ولا تزر وازرة وزر اخرى ). ومن الناحية الاجتماعية ستكون الفتاة دائما محتقرة في
بيت الزوجية لانها تذكر الجميع بابنهم المقتول ويكون هذا سبب لاستخدامها كخادمة ومعاملتها بخشونه وهذا
يؤثر سلبا على حبها لابنائها وحسن تربيتهم, وكذلك يولد لها حالة نفسية سيئة تسبب لها امراض الكئابة
وغيرها من الامراض النفسية.
في الحالتين اعلاه يتم التجني على المرأة وطمس حقوقها واجبارها على عمل اشياء بالرغم من ارادتها الحرة
وهذا يعني انتهاك حقوق المرأة كانسان في عصر تطورت فيه الثقافة والمعلوماتية والشعور العالي بحرية
الانسان في الاختيار وبحقوقه كانسان. فعلى منظمات الدفاع عن حقوق الانسان والمنظمات النسوية وكل
المنظمات المعنية بتطوير المجتمع العمل بجد على القضاء على هكذا ظواهر ومعالجة النتائج المتسببة
عنها بما يضمن للمرأة حريتها وكرامتها وموقعها الحقيقي في المجتمع.
د. رعد عباس ديبس