أيها السادة: أنا لا أكتب بأحمر الشفاه



ايفان الدراجي
2012 / 6 / 9

قررتُ أن أفتح النار.. قررتُ أن اُخرج ما بجعبتي .
إن أساس حل أي مشكلة هي طرحها والوقف عند مسبباتها وعلاج أي مرض يبدأ بتشخيصه. كذلك حال تعرض المرأة للعنف والاضطهاد بالمجتمع من قبل الكثير من الأطراف لعدة أسباب. لذا قررتُ أن أبدأ بنفسي ومن خلال ما سأطرح سأوجه دعوه لجميع النساء بعدم السكوت عما يتعرضن له من مضايقات وتحرش وعرقلة وغيرها من الأمور التي تنصب ضمن خانة العنف (اللفظي، الجسدي والنفسي..الخ) . فالمرأة هي المسؤول الأول والأخير عن تحررها وبيدها تملك مفاتيح أن تكون كيانا مستقلا يتمتع بكافة مستحقاته الطبيعية وهي من تضطهد نفسها أيضا وتسمح للآخرين (نساءً ورجالاً) بتعنيفها واستضعافها فحين تتنازل عن أبسط حقوقها بالحياة وعن الحفاظ على كرامتها تحت مسميات ذكورية خضوعا لرب الأسرة حسب التقاليد أو الأعراف التي ما زالت تنضح رملا بعقول الأغلبية تكون المرأة حينها –حتماً- شريكة بجريمة قتلها أو ضربها أو دفنها باسم الشرف بين أربعة حيطان أو بأحد الصحاري والمناطق النائية!
هناك علاقة سيكولوجية حميمة وغريبة بين الضحية والجاني؛ ابتداءً بأبسط ما يشمله التشبيه فصاعدا، إذ تغذي الضحية حد الإشباع أحيانا رغبة ونرجسية وغرور السلطة والهيمنة والتعنيف لدى الجاني وهي معادلة تنطبق على العلاقة بين النساء المعنفات بإراداتهن وبظل سكوتهن وبين الجناة (الرجل والمجتمع رجالا ونساءً) !
يبدأ مسلسل تنازلاتها حين يتناول الناس مناداتها بـ (أم فلان) أي باسم ابنها الذكر سواء كان بكرا أم لا، حتى إن هناك نسوة غير متزوجات (يستحي) الآخرون من مناداتها باسمها الصريح الأول فيخلعون عليها كنية (أم فلان). أو حين تنسب لأسم الزوج أو عائلتها كـ (مدام فلان أو سيدة فلان) وكل ذلك بسبب الاعتقاد البالي بأن اسم المرأة عورة تضاف لعوراتها. عني أنا أرفض مناداة المرأة بغير اسمها الأول الصريح مهما كانت منزلتها أو سنها ويكفيني أن أضيف لقباً كـ (أستاذة أو دكتورة) قبل اسمها من باب الاحترام.
سأختصر الأمر وأركز على النقاط والمنعطفات المهمة التي تستحق الذكر؛ فبسبب اختلاطي وصدامي (الطبيعي) بالمجتمع -حالي حال أي امرأة- تعرضت للكثير من المواقف سأذكر تلك التي تُعدّ تعنيفاً وانتهاكا لحريتي فقط لأنني امرأة وان كان هناك تشابها بين ما أروي ولأي حدث آخر فتأكدوا انه مقصود فعن لساني سأتحدث عنكن جميعا أيتها النسوة.
مرحلة الدراسة
يعتبر عنفاً جسديا حين تتعرض الطالبة للتحرش الجسدي من قبل هذا الطالب أو ذاك الأستاذ أو الموظف!! وعادة التحرش هذه لا ينفكوا يمارسونها بحق الفتيات والنساء بكل الأماكن وبمختلف المناسبات. كان هناك ذلك الأستاذ الذي يتمتع بشخصية صارمة ويكاد يتسبب برسوب جميع الطلاب والطالبات (الجميلات) خاصة ومن الطبيعي أن تكون هناك (زيارات خاصة) لمكتبه من أجل التفاوض على بعض الأمور لاستحصال النجاح من قبل الطلاب بينما يقوم بنفسه باستدعاء الطالبات (الجميلات) والمناقشة مهما عما يترتب عليها لتنجح بمادته، فكان نصيبي أن يُغلق باب مكتبه ويرمقني بنظرات من تلك المعروفة والاقتراب مني تدريجيا بينما يشرح لي شيئا لا افهمه هو خليط من عدة مواد لا أتذكر انه درسنا إياها بمحاضراته حتى انتبه لقلادتي و (مسكها) بحجة التمعن فيها...الخ!
إذا كانت لديكِ اهتمامات..
كوني كنت أهوى الفن والكتابة وبمرحلة محاولة تشكيل شخصيتي الفنية والأدبية كنت أتقرب للبعض للاطلاع على تجارب الكتاب والفنانين الآخرين بالمحيط حولي، وهذا ما جعلني محطة حاول الوقوف وليس المرور فقط الكثير من مُدعي (مساعدتي ونصحي) بأول طريقي فهذا من عرض عليّ أن يطبع كتاباً لي على نفقته وهذا من قدم جريدته لحسابي ناهيك عن ادعاءات (طلب غلاف لكتابه) من رسمي وتصميمي خصوصا كوني معروفة بالجرأة بعض الشيء فيما يتعلق بمواضيع أعمالي الفنية وطريقه طرحها. هي ليست جريئة بالنسبة لي طبعا لأن (الايروتيك) معروف منذ القدم ولا يستدعي كل تلك الدهشة أو الهجوم حتى على أعمالي وإن كنتم (ولا زلتم) غير مدركين إلى الآن الفرق بين العري والتجرد وبين الايروتيك والإغراء الجنسي (البورنوغرافيك) فهذا ليس ذنبي رغم اقتتالي محاولة تبيان الفرق بالكثير من المواجهات، أذكر منها حين تعدت أحد المؤسسات لمعرضي الشخصي الأخير وتطاول أحد أفرادها لفظيا علي ؛ وقد تطرقت لهذا سابقا بأحد مقالاتي.
ماجستير
كنت احلم سابقا بنيل شهادة الماجستير وإكمال دراستي لأنال وظيفة (تدريسية) بالجامعة فكان إن اصطدمت بأحد كبار تدريسيّ أحد الكليات الذي كان (معجبا) بقلمي و (جرأتي بأعمالي الفنية) وعرض عليّ نيل الشهادة (المخصصة مقاعدها للمدعومين من هذه الكتلة وذاك الحزب) بلا مقابل ماديّ رغم أن المقعد الذي وعدني به كان خاصا على نفقة الطلبة، فقط مقابل أن أزوره ولو لمرة واحد بشقته الخاصة! مقعد دراسي خاص مقابل زيارة لشقة خاصة.. الأمر بديهي أليس كذلك؟
طبعا رفضت فاستمرت محاولاته ظنا منه إنه سيتلاعب بعقلي ببعض المراوغات الغبية كزواج المتعة أو (عقد سيّد) مؤقت. حتى وصلت مزايدته إذ كبرت شقته وصارت بيتا مؤثثا تحت تصرفي؛ طبعا هو معذور كونه متزوج وله وضعه الاجتماعي الخاص! أستاذ (فلان) لا يشرفني أن أكون ضمن قائمة البنات اللواتي قايضن أنفسهن مقابل مقعد دراسي خاص أو وظيفة بالجامعة؛ كما علمتُ لاحقا من كثيراتٍ ممن خبرنك قبلي!
البحث عن وظيفة
نيل وظيفة هي حلم يراود كل متخرج ومتخرجة وفقا لشهادته أو لا، لم يعد هنالك فرق المهم الحصول على وظيفة. هي معاناة أخرى ما زلت أعانيها خصوصا لأنه ليس لدي عماَ أو خالاً (يلبس عِمامة) والأمر بديهي! كوني امرأة متحررة الفكر فهذا بدوره ينعكس على سلوكي مما جعلني هدفا للذين لا يعرفون الفرق بين التحرر والانحلال أولئك الذين لا يُعرّفون المرأة إلا تعريفا واحدا: يحوي كلمة جنس! ومتحررة يعني امرأة سهلة تبحث عن المتعة واللعب فقط، إنما أتحدث هنا عن الذين يعرفونني شخصياً والذين عروضا مساعدتي بإيجاد وظيفة . إن وظيفة (سكرتيرة) ولا أعمم هنا هي ابسط مصيدة تستخدم وأقدم حيلة على الإطلاق، أعزائي أنا أذكى من ذلك! وكان هناك من أقام دورة تدريسية لتعليم المحامين اللغة الانكليزية بأحد مكاتب المحامين خصيصا لمساعدتي بعدما عجز عن جريّ للعمل بالإذاعة التي كان يعمل بها ليس كأي وظيفة أخرى من المتعارف عليها بهذا المجال. المضحك- المبكي بالأمر هو إني حين وبخته رد علي متسائلا: لا افهم هل أنت متحررة أم ماذا بالضبط؟
مسؤولون ولكن!
أما عن الذين يتمتعون بمناصب تميزهم عن البقية بإمكانية التحكم بمصالح وأحوال المواطنين فهذا شأنُ آخر. اذكر لكم حينما كنت أراجع بالدائرة المركزية الأساسية بمدينتي من أجل استحصال موافقة القيام بورش تدريبية-تثقيفية تهتم بتوعية طالبات المدارس الثانوية عن موضوع العنف ضد المرأة، أسبابه، طرق التصدي له. بعد مراجعات كثيرة وأوراق مكدسة بين الانتقال من مكتب إلى آخر وإبقائي قيد انتظار هذا التوقيع وذاك عرض علي احد المدراء بالدائرة أن يحل لي الموضوع بسهولة ويمنحني الموافقة إذا زرت مكتبه بعد الدوام...كم أنت كريم وشهم يا فلان!!
هذا طبعا بعد أن تباهي لي عن صلاته الوثيقة بالسيد فلان والمرجع فلان وعن نظرته حول تحرر المرأة الذي لا يؤمن به وبكونه لا يرغب بان تعمل زوجته خارج المنزل أو تتوظف خوفا عليها من الذئاب المحيطة متصدرا مفاخرته بعبارة (من قال لكِ إني أؤمن بتحرر المرأة)؟
مؤسسات وهمية
هي مصيدة قديمة لكن أضفي عليها تحديثات تتناسب وعصر الانترنت بما يتميز به من مواقع تواصل اجتماعي ودومنات مجانية تتيح لأي كان عمل صفحة أو حساب أو جريدة أو ما شابهه؛ وهمية كانت أم حقيقية على الواقع. لكن المضحك بالأمر عمل مجلة وهمية تكتب فيها أسماء لامعة وتأسيس موقع لها وصفحة على الفيسبوك تتواصل من خلالها مع الكتاب جميعا والذين هم بالأساس شخص واحد؛ طبعا مدعوم بالصور واللهجات والاخبار عنهم وتأثيث حياة كاملة لكل واحد منهم وغيرها من الامور المحبكة بدقة تفوق الوصف! وهذا كله من اجل لفت انتباه فتاة وظل الأمر مستمرا لعامين إذ حاول خلالها تغطية الكذبة بالأخرى والتورط أكثر.. لكن على من؟
مما ولد عندي التساؤل الآتي: أحيانا يكذب الناس فيصدقوا كذبتهم لدرجة الاعتقاد بها وأحيانا يتورطون فيمنعهم كبريائهم من الانسحاب فيتغلغلون بها أكثر (فيزيدون الطين بلّه) وهناك من هو مصاب بالفصام (الشيزوفرينيا) مما يجعله يعيش بواقعية بحتة وقناعة تلك الشخصيات والحيوات والصفات التي تملكها...ترى أيهم أنت؟