لماذا تطالب المرأة بالمساواة؟



فوزي بن يونس بن حديد
2012 / 6 / 9


منذ قرون والمرأة تطالب بحقوقها، وما زالت وستظل حسب رأيي تطالب إلى أن تفنى الدنيا لأنها لم تقتنع بما حققته، وفكرت أن الرجل دائما يهضم حقها وأنه لا يمكن في يوم من الأيام أن يهديها حقها دون مقابل، فلسفة الحياة عندها غائبة لم تدرك ولا تدرك يوما أن المرأة على مدى العصور لم تنل حقها الكامل إلا في ظل الدولة الإسلامية الرائدة عندما أسسها رسول الإسلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعندما لم تفقه المرأة منذ ذلك الوقت ما لها وما عليها ظلت تصور نفسها أنها الحلقة الأضعف وأنها تعيش مآسي الرجل وعنجهيته وكبريائه.
لقد فهمت المرأة حقوقها جيدا لكنها تتجاهل في كثير من الأحيان ما عليها لتجد ما تقوله مبررا ووسيلة لتلبية غاياتها وقد صدق فيها الحق تبارك وتعالى:"إن كيدهن عظيم"، كما أنها قرأت فلسفة الحياة جيدا وأرادت أن تنسج خيوطها بنفسها لتوقع الرجل في فخّها ثم تتباكى أو تتظاهر بالبكاء أنها مسلوبة الحق وأن الرجل بعنفه وقسوته قد أقصاها وعدّها من الضعفاء الذين لا سلاح لهم.
هذه العقيدة هي التي جعلت المرأة تطالب بحقها في كل عصر وستبقى كذلك رغم أن الإسلام بيّن حقوقها وواجباتها وأنه الدين الوحيد الذي أنصفها وأخرجها من العبودية والبيع والشراء، فقد كانت سلعة تباع وتشترى واعتبرتها بعض الأديان مخلوقا نجسا، لا يصلح للحياة إلا للمتعة وخدمة الرجل لذلك فهي لا ترث بأي حال من الأحوال.
وفي ظل هذا الإكرام الجليل،عملت المرأة في كل المجالات، والتاريخ الإسلامي شاهد على ذلك وحققت انتصارات تاريخية مهمة في الحياة وكانت قائدة وعالمة وقاضية ومربية وصانعة ومزارعة وغيرها من المهن ولم يكن الإسلام يعارض أو يجعلها مهينة في البيت كما يتصور البعض لتشويه حقيقة الإسلام، ولكن الذي شوّهها بالفعل هي المدنية والحداثة، فعندما خلعت ملابسها ورمت بكرامتها واختلطت بما هبّ ودبّ، وتميّعت في صوتها ومشيتها وشكلها استغلها أصحاب القلوب الضعيفة والمريضة فانتكس حالها مرة أخرى وأصبحت تعيش في وحل عظيم، وأصبحت المرأة مرة أخرى سلعة تباع وتشترى ورجعت للعبودية والاستغلال مرة أخرى كما في الجاهلية الأولى.
إن المطالبة بالحقوق تمثيلية صاغتها المرأة بكيدها لتبلغ مآربها، حقوقها محفوظة ولكنها هي من يدفنها ويئدها، لا ترفع رأسها وتحفظ كرامتها بل تدسّها في التراب عندما تعرض نفسها وجسدها لمن تشاء، عندما تمشي في ظلمات الليل عارية أو شبه عارية ما تظن بمريض القلب أن يفعل؟ وعندما تبرز أنوثتها حتى بصوتها ونظراتها فإن من كان في قلبه ضعف لا يهدأ له بال إلا بعد أن يقضي مأربه.
وعندما تهمل بيتها وأطفالها وتدعهم مع مربيات أجنبيات لا يراعين حق الأطفال، فتقع المصائب من قتل واغتصاب وسرقات وجميع أنواع البلاء، وعندما ترتع في الأزقة والشوارع عارضة جسدها الممشوق لمن أراد أن يستمتع بها بثمن بخس دراهم معدودة، وعندما ترتضي أن تعيش في وحل الرذيلة لماذا تطالب بحقوقها بعد ذلك؟
عندما تخلت المرأة عن الفضائل وقعت في الرذائل، ولو حسمت الموقف وطالبت بما كفل لها الإسلام بشروط معينة وضوابط محددة فإنها تعيش عزيزة كما عاشت إبّان عهد الإسلام الأوّل، ولن ترى ما انتشر اليوم من الاتجار بالمرأة واستغلالها جنسيا بأبشع الطرق والوسائل ولن ترى امرأة تصرخ وتستغيث وتنادي بالحقوق حتى خصصت لها المنظمات الدولية يوما للدفاع عنها والتعبير عن حقوقها وإلزام جميع الدول بوضع قوانين خاصة تحد من الجريمة والاتجار والاستغلال الفاحش.