طفل من درجة ثانية



مها الجويني
2012 / 6 / 19

طفل من درجة ثانية
أصمت ، إبتعد ، لا تلعب هناك ... و يشار إليه في كل الأماكن كأنه كائن من" زحل" حط على أرضنا كزائر . إنه وصمة العار ، ثمرة الجريمة ، إبن الزنا ، و إبن القح.... هو المنعوت باللقيط و المنبوذ من جميع أترابه . إبن صاحبة الجرم الفاضح الأم العزباء .
حسب الاحصائيات الرسمية تتجاوز حالات الولادة خارج اطار الزواج 1060 حالة سنويا ولكن هذا العدد لا يعكس الواقع لان العديد من هاته الحالات لا يتم الابلاغ عنها و يولد ما يقارب 460 طفل في السنة مجهول النسب و الهوية .و حالات أخرى تنتهي بوفاة الام أو الرضيع إذا كانت الولادة في ظروف غير صحية و غير ملائمة . رغم ما بذلته الحكومات التونسية من مجهودات لصالح رعاية (تعتبر تقدمية و خطوة هامة مقارنة بنظيراتها من باقي الدول العربية ) هذه الفئة الاجتماعية لكنها تبقى محدودة .
إنها شبيهة بحبة المسكن التي نشربها فقط لتسكين الآلام و لا تداوي الجراح فعليا.
وجود اللقيط صاحب التسميات المتعددة بمثابة شهادة و دليل على طهر و حسن سيرة و سلوك الاخريات اللواتي أنجبن أطفالا داخل إطار العلاقة الزوجية فلولا وجود اللقيط و أمه لما تواجدت صفات مثل " شريفة " و"عاهرة" . مشكورهذا اللقيط لمنحه صفة الشرف و العفة لغيره. لأنه ابن الجريمة و أمامه بقية المجتمع أبرياء، هو أبن الفاحشة و البقية هم الشرفاء . هو المتهم و كل من يراه يسائله عن أبيه و أمه بالطبع في مرتبة العاهرة و لا يشملها الاحترام .
جميع الاطفال هم أحباب الله و أبنائه اما من فقد أحد أبويه كالأيتام فقد نهى الله عن الاساءة اليهم و كرمت الاديان السماوية كل من يتودد اليهم ، ولكن اللقيط لا تشمله هذه الرحمة و لم يذكر في أي دين سماوي ، أبناء الزنا وجب رجم أمهاتهم و نفيهم . و لا يشار إلى الاحسان اليهم فهم اطفال من درجة ثالثة ، هم ليسو من أحباب الله و لا تغنى لهم التهاليل و الاهازيج و لا يعرفون هدايا العيد ولا تشملهم فتاوى الاحسان الى الاطفال و تكريمهم . حتى دسا ترينا و بنودها لا تذكرهم بل تجعل منهم كائنات خارج النص.
عديدة هي أعياد الاطفال في مجتمعاتنا و في كل مناسبة نرى المؤسسات الخيرية و المنظمات الحقوقية مصحوبة بالإعلام يدعون لمساعدة أصحاب الحاجة بتقديم الهدايا و المنح و لا أرى في هذه المؤسسات من يدعو للدفاع على كرامة ذلك الطفل المهان و المسلوب للكرامة . لان ففي مثل هذه المناسبات تستضاف جميع الفئات إلا الأم العزباء و إبنها يبقون دائما على هامش الحدث و ليسوا أصحاب أولوية . لما يتحرجون من ذكرهن ؟ و لما لا تطرح قضاياهن في العلن ؟ ألسن بمواطنات ؟ أليست لهن احتياجات ؟ إلى متى ستظل قضية الأمهات العازبات من المحرمات و الممنوعات ؟


مها جويني