المرأة في روايات أحمد التوفيق



حليمة زين العابدين
2012 / 6 / 19

بالرغم من وهم اندحار الكلمة أمام الصورة المرئية وثورة المعلوميات، فالرواية تبقى من المواقع الأخيرة التي مازال بإمكان الإنسان أن يصون فيها علاقته بالحياة ويقاوم الاختزال الذي يهدد ثقافته وهويته في ظل العولمة، ومازال بإمكان الكلمة فيها أن تحافظ على حضورها وتأثيرها في المواقف والسلوكات وذلك رهين بقدرة مبدعيها على حمل رؤية للعالم تتطلع إلى استكمال الإنسان لإنسانيته. وما اختيارنا لروايات أحمد التوفيق إلا لكونها حاملة لهذه الرؤية، وهذا موقف لا يدفعنا لتنحية القيم الجمالية وجوانب المتعة فيها، فهي روايات تربط الجميل بالنافع...
إن النافع الملفت للانتباه في روايات أحمد توفيق ، في ارتباط بقضية الانسان، هو الصورة الإيجابية التي أعطاها لشخصية المرأة في رواياته بقدرة مبهرة على الإبحار في عوالمها كما القدرة على الإبحار في التاريخ. إن كانت هذه المرأة تنتمي لمختلف الفئات الاجتماعية الأرستقراطية، والفقيرة من ساكنة المدينة أو القرية من المغرب أو من أوروبا فالمشترك بينها على مستوى الكتابة الإبداعية هو الصدق الفني، وعلى مستوى القيم نجد الجمال، مشترك بين النساء في مختلف مظاهرهن وأعمارهن ومستوياتهن، يقول في غربية الحسين (كن يتمايلن في بدلاتهن التقليدية الرائقة الألوان... بشكلها الشامل المنسدل العريض تعطي لجسم المراة أبعاده السحرية الجامحة بإبرازها للعنق وتكريمها للصدر بتقويسات موشاة بخيوط متناسقة ونفيسة، بالأكمام الساقطة على الأذرع، وبأحزمتها المظهرة لرقة الخصور وغنى الأرداف وبانشقاقاتها الجانبية التي تنبئ عن طول الساق دون أن تسفر عن رشاقته ص94) وهذا الجمال هو من تجليات الحق والعدل، وإذا أضيفت إليه الثقافة والتعليم تحقق تماهي المرأة مع الآلهة. وكما هي بارزة قيمة الجمال في المسار السردي لروايات أحمد التوفيق تبرز قيمة الحب كفاعل مساعد على اكتشاف معنى الحياة. حب، تعي قيمته كل الشخوص النسائية فهن معشوقات وقادرات على الحب وعلى البوح به فقد جاء على لسان" كلود" المرأة الفرنسية : لا بد من التحلي بالتواضع فلا عضاضة إن تعرينا أمام من يحبنا كما نبسط ضعفنا أمام الله فذلك عرفان بربوبيته او بحبه لنا) إنه نفس المنطق الذي دفع السالمة المرأة البدوية و الشخصية المحورية في رواية شجيرة حناء وقمر لترقص مع ابن عمها في حضرة ابيها بعد إن همست للمغنية ان تردد "علا ش نبيعك بالمال احبيب القلب" وكان ذلك يوم إعلان خطبتها على القائد "همو". والعشق يرتبط عند النساء في روايات احمد التوفيق بالرقص يقول على لسان بطله إحدى هاته الروايات:" رقص النساء متأصل ولم تكن "روز" هي من أدخلته، قد لا يكون منضويا على شيء من الشذوذ وقد لا يكون تعبيرا عن الحرمان عند النساء بقدر ما يدل على تفتق النفوس للعشق وشكر الخالق على هبة الحسن والجمال وكل الشخصيات النسائية لها خصائص إنسانية ثابتة هي المثابرة والذكاء وتمثل الخير والحق بأشكاله المختلفة.
والمرأة بمختلف تجلياتها في هذه النصوص السردية لها رأي في شأن الأسرة وكلمة، كانت بنتا أو زوجة تتساوى في هذا الغربية والمغربية، جاء على لسان القائد ولد الشهباء في رواية شجيرة حناء وقمر:" مشورة البنت واجبة عندنا ورأي أمها للا رقية فوق كل اعتبار نحن لا ندفع بناتنا كالكباش" وهي المرأة ذاتها التي لا يضر بها الاختلاط بالرجال ولا يلحق بها السوء والأذية سواء كانت من عائلة إدريس الفاسية والأرستقراطية أو كانت من جارات أبي موسى أو كانت كلود الفرنسية .
روايات أحمد التوفيق المعتمدة
جارات أبي موسى، رواية، 1997.
شجيرة، حناء وقمر، رواية، 1998.
السيل، رواية: 1998.
غريبة الحسين، رواية، 2000