التمييز ضد المرأة في القوانين العربية



محمد خضير عباس
2012 / 6 / 23

تتبجح اغلب الحكومات والانظمة العربية بأنها تعطي المرأة حقوقها المدنية التي اقرتها الشرائع السماوية او التي دعت اليها المنظمات الدولية المهتمة بشؤون المرأة وتحاول هذه الحكومات القيام ببعض الاعمال الشكلية التي توحي بانها مع منح حقوق المرأة وعدم التفرقة بينها وبين الرجل من قبيل تولي بعض النساء للمناصب الحكومية كأن تعين وزيرة او سفيرة او عضو في البرلمان وهذه الحالات غالبا ما تكون على نطاق ضيق لغرض الكسب الاعلامي او امتصاص النقمة وفي نفس الوقت تهمل الحقوق الرئيسية للمرأة العربية كحقها في التعليم والصحة والعمل والتعبير عن الرأي وسائر الحقوق المدنية الاخرى . وسوف اتناول في هذا المقال احدى مظاهر التفرقة ما بين الرجل والمراة من حيث خضوعهما لتطبيق القانون عليهما . حيث فرضت اغلب قوانين العقوبات المطبقة في جميع الدول العربية عقوبة الحبس البسيط الذي لا يتجاوز في جميع الاحوال 3 سنوات على كل من ارتكب جريمة قتل بحق زوجته او شريكها او قتل احدهما وهم في حالة تلبس بجريمة الزنا والامر والادهى من هذا فقد ذهبت عددا من القوانين العربية باتجاه مخالف حيث اعتبرت التلبس بالزنا عذرا معفيا من العقاب مع الاختلاف في الاحكام ومنها على سبيل المثال قانون العقوبات السوري ( م 548) وقانون العقوبات اللبناني (م 561) وقانون عقوبات سلطنة عمان (م 252) وقانون العقوبات الاردني (م340) والعلة في تخفيف العقوبة هو الاستفزاز الخطير الذي يصيب الزوج في اعز شيأ يملكه وهو الشرف والاعتبار . فهول المنظر وفضاعة الجريمة تضيق كثيرا من حرية اختيار الشخص . كما تضيق قابليته على الادراك والتمييز مما يدفعه الى ارتكاب فعل القتل ولو فرضنا جدلا اننا مع هذا التبرير في تخفيف الاحكام عن القاتل الذي ازهق روحا بشرية ولكن ماذا لو كانت الصورة معكوسة اي اذا فاجأت الزوجة زوجها وهو في حالة تلبس بالزنا فاقدمت على قتله هو وشريكته او قتلت احدهما فان جميع القوانين العقوبات العربية ما عدا قانون العقوبات الجزائري تجرم الزوجة بجريمة القتل العمد ولا تستفيد من حالة تخفيف الحكم التي طبقت على الزوج وتنال عقوبة السجن المؤبد او الاعدام فأي مهزلة قانونية هذه التي نطبقها . هل ان المراة العربية لا تستفز مشاعرها ولا يثور غضبها عندما تتفاجأ بزوجها وهو يخونها على الفراش مع عشيقته ؟ ان المشرع الجزائري كان صائبا واقرب الى الواقع والمنطق من موقف التشريعات العربية الاخرى . اذا ان عنصر الاستفزاز والمفاجأة مثلما يتحقق للزوج كذلك يتحقق بالنسبة للزوجة ولا فرق في هذا الموضوع بينهما ولذلك ليس هناك اي مبرر للتفرقة من حيث المعاملة والنظر الى الفعل الذي يأتيه الزوج او الزوجة وهو تحت تأثير الاستفزاز او ثورة الغضب . صحيح ان المجتمعات العربية مجتمعات ذكورية وبامتياز ولكن الغريب في هذا الاجماع القانوني العربي على التميز ما بين الحالتين هو ان جميع الدساتير العربية مثبتا فيها ما يشير الى انها تستمد موادها من احكام القران الكريم والسنة النبوية وحتى هذا المبدأ تمت مخالفته حيث ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز في سورة النور ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ) اي ان الله قد ساوا بين العقوبتين لذى فانا ادعوا كافة المنظمات العربية المنادية بحقوق المرأة العاملة على الساحة العربية الى مراجعة قوانين الاحوال الشخصية وقوانين العقوبات المعمول بها حاليا والضغط على حكوماتها لالغاء او تجميد الكثير من احكامها التي تنتهك حقوق المرأة وتصادر حرياتها خاصة وان اغلب هذه القوانين قد صدرت في النصف الثاني من القرن الماضي واصبحت الكثير من موادها لا تتلائم مع التطور الذي حدث قي المجتمعات المدنية المتحضرة .